رحلة "أيوب غزة" من سماء القصف إلى أرض الفيروز (فيديو)
"أيوب" هو اسم على مُسمّى، حمل من صفات سيدنا أيوب الصبر، استطاع أن يتحمّل ما لم يقدر عليه الكِبار؛ حيث عاش لحظات بين الحياة والموت، بعد أن أُصيب في رأسه بشظية صاروخ إسرائيلي، وهو في الأساس مُصاب بسرطان المخ، وأجرى عملية استئصال للورم من قبل، وهو ما عرّض حياته للخطر بشكل أكبر.
عاش الطفل "أيوب" أيامًا تحت نيران الكيان الصهيوني على قطاع غزة، حتى قُصف منزلٌ مجاور لهم، وقُدّر له أن يعيش حياة أخرى، حينما توجّه به والده إلى أحد مستشفيات القطاع، وأبلغه أحد الأطباء أن مصر ستبدأ في استقبال المصابين والجرحى للعلاج، لتُشرق شمس الأمل من جديد في عينه، وتُكتب لنجله أن يظلّ في العُمر بقية.
قابلت "الفجر" الطفل “أيوب”، خلال تواجدها بمخزن تابع لـ "مؤسسة مصر الخير"، وهي إحدى مؤسسات التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، بمدينة العريش في محافظة شمال سيناء، والذي كان حريصًا ووالده يحيى أحمد النجار، على التواجد لاستكمال رسالته في دعم وطنه والحفاظ على أرضه، ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة، من خلال التطوّع والمساعدة في تجهيز القافلة الإغاثية الثالثة، التي تدخل الأراضي الفلسطينية.
من هو "أيوب غزة"؟
الطفل “أيوب” من سُكّان مدينة خانيونس في قطاع غزة، يبلغ من العمر نحو 5 سنوات تقريبًا، وهو طفل لعائلة "النجار"، وهي عائلة كبيرة قدّمت شهداءً ومصابين كُثر خلال الحرب الجارية، وقُصفت لهم منازل كثيرة حول القطاع.
أجرى "أيوب" عملية استئصال للورم في عُمر صغير، والذي يعاني من مضاعفاتها منذ سنوات، وعلى الرغم من ذلك، كان يتوجّه والده إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية، مرةً كل شهر، ويجاهد للحصول على تصاريح للعلاج من الكيان الصهيوني، ويسير مسافات طويلة سيرًا على الأقدام، يتحمّل فيها كل أنواع الضغط والإهانة من الاحتلال، أملًا في أن يحصل جسد نجله النحيل على جرعة علاج كيماوي.
إجراءات دخول "سهلة"
لم يتردد الجانب المصري لحظة في استقبال "أيوب"، وكان أول طفل يتم إيداعه لدى مستشفى العريش العام بمحافظة شمال سيناء؛ حيث تلقّى الرعاية الكاملة، من فريق طبي وتمريضي متكامل، والذين أجروا له كل التحاليل والأشعات اللازمة، بالإضافة إلى الاهتمام بالجانب الإنساني؛ فوفّرت المؤسسة لوالده الإقامة والإعاشة الكاملة، والتي ستستمر حتى آخر جرعة كيماوي له، شهر مارس المقبل.
وحظيّ "أيوب" برعاية مستمرّة من الجانب المصري؛ حيث ظلّوا على تواصل معه طوال الوقت؛ لتوفير كل احتياجاته، سواءً من علاج، أو رعاية صحية، أو طعام، أو غير ذلك.
حتى لو استمرّت الحرب سأعود إلى أرضي
"الكثير من بيوت العائلة تم قصفه خلال الحرب، ومنزلي به نحو 120 من أقاربي"، هكذا قال والد الطفل "أيوب"، الذي أكد أنه يشتاق إلى وطنه، ولم يخرج من غزة سوى ليضمن لنجله الحياة، وليس هربًا من الحرب، وأكد أنه فور الانتهاء من آخر جرعة علاج كيماوي لنجله، سيعود إلى أرض غزة، حتى لو استمرّت الحرب ولم تتوقف.
خلال تواجده على أرض سيناء بمصر، تلقّى والد "أيوب" أخبار استشهاد أفرادًا من عائلته كل يوم، بكل صبرٍ وثبات، وليس ذلك فقط، بل تمنّى أن ينول الشهادة هو أيضًا، قائلًا: "خبر الشهادة بالنسبة لنا هو خبر زفاف وليس موت، هم أحياءُ عن ربهم يُرزقون، نحن الأموات وليس هم، سأظلّ وأسرتي في أرض غزة حتى الموت".