معهد البحوث والدراسات العربية ينظم ندوة أكاديمية حول القضية الفلسطينية في ظل التطورات الأخيرة
نظم معهد البحوث والدراسات العربية، ندوة أكاديمية موسعة تحت عنوان "القضية الفلسطينية إلى أين في ظل التطورات الأخيرة "، يوم الخميس، بحضور نخبة من الأكاديميين والمفكرين بحضور سفير دولة فلسطين بالقاهرة دياب اللوح، مدير معهد البحوث والدراسات العربية ا.د محمد مصطفى كمال، ورئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد العرابي.
طرحت الجلسة الأولى مناقشة ورقة بحثية حول المخطط الإسرائيلي لما بعد عملية غزة والتى طرحها سعادة سفير دولة فلسطين الأسبق د.بركات الفرا، وشهدت الجلسة الثانية طرح فكرة التهجير القسري للفلسطينيين والدور المصري من قبل السفير عاطف سالم عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، وبدأت فعاليات الجلسة الثالثة بجلسة حول تطورات غزة في ميزان التصور الأمريكي لمستقبل النظام الدولي قدمها ا.د محمد مصطفى كمال، ونوقش في الجلسة الرابعة فكرة إسرائيل والقانون الدولي قدمها د.حازم جاد المستشار بوزارة العدل المصرية - عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، وطرح سعادة سفير دولة فلسطين بالقاهرة دياب اللوح في الجلسة الخامسة ورقة حول مستقبل الدولة الفلسطينية.
وفي مستهل مداخلة سعادة السفير دياب اللوح عبر عن شكره وتقديره للشعب المصري الشقيق وقيادته الحكيمة وفي مقدمتها سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجزيل شكره للسادة في المجلس المصري للشئون الخارجية ومعهد البحوث والدراسات العربية، لتنظيم هذه الندوة في ظل هذه الأوقات العصيبة مع مرور 27 يومًا على حرب الإبادة الجماعية الممنهجة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهذا العدوان الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني في القدس وأنحاء الضفة الغربية، وما أسفر عنه من تدمير ممنهج لمقدرات الشعب الفلسطيني وسقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمصابين، وما خلفه من كارثة إنسانية خطيرة، على كافة مجالات الحياة الحيوية والانسانية.
وأكد السفير دياب اللوح أنه بالرغم من هذا المشهد الشنيع من الركام الناجم عن هذا التدمير الممنهج الذي تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية الغاشمة، إلا أن الفلسطينيين لم يفقدوا البوصلة ولا القدرة على الرؤية الصحيحة، وماضون قدمًا حتى استكمال المشروع الوطني الفلسطيني، وتحقيق الاستقلال الوطني، وإنجاز حق تقرير المصير، والعودة، وإقامة الدولة، قائلا: "نحن نتمسك بخيار السلام الاستراتيجي وبالشرعية الدولية، ونتمسك بحقنا بالدفاع المشروع عن النفس وبالمقاومة الشعبية السلمية، ونتمسك برؤية حل الدولتين كأساس صالح ومتين لحل الصراع مع إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية وخاصة في ظل انعدام فرصة إقامة دولة ديمُقراطية واحدة، ورفض إسرائيل للفكرة من أساسها، وطالب دول العالم التي لم تعترف بدولة فلسطين أن تعترف بها دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، بعد أن اعترف العالم بأغلبية ساحقة بدولة فلسطين بصفة مراقب في الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 2012م، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعترفت عام 1974م بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفة مراقب في الأمم المتحدة، بإعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في داخل وخارج فلسطين."
وقال السفير دياب اللوح: "نحن إذ نتمسك برؤية حل الدولتين وبحقنا في إقامة دولة فلسطينية في خطوط عام 1967م، فإننا نتمسك بالعمق العربي، وبالعمل العربي المشترك، لدعم التحرك السياسي والدبلوماسي والقانوني الفلسطيني على المستوى الدولي، ولدعم حقنا بالإنضمام إلى المنظمات الدولية، لأننا جزء أصيل من الشرعية الدولية، وشركاء في صيانة الأمن والاستقرار والسلام والعدالة والديمُقراطية في العالم، وشركاء في مكافحة الإرهاب، ونحن الذين نكتوي بإرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه إسرائيل، وترعى إرهاب المستوطنين وعصاباتهم المسلحة والتنظيمات الإرهابية التابعة لتيار الصهيونية المتدينة المتطرفة ضد شعبنا."
وأوضح السفير دياب اللوح بأنه بالرغم من التحديات بما نمر فيه من لحظات تاريخية صعبة وعصيبة، فإننا نتطلع ونعمل لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، برعاية مصرية، وأننا نتمسك بالدور المصري في رعاية المصالحة، فإننا نُرحب بأية جهود عربية وصديقة داعمة للجهود المصرية، وصولًا لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية ملتزمة بالشرعية الدولية؛ لوضع الواقع الفلسطيني على أعتاب مرحلة جديدة من الشراكة الوطنية والسياسية وصهر كافة الطاقات الوطنية والقومية والدولية في بوتقة إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وطنية كاملة وعاصمتها القدس الشرقية.
وأعاد التأكيد بأن الفلسطينيين لن يقبلوا بإقامة دولة فلسطينية في غزة وعلى جزء من أرض سيناء المصرية: " نحترم سيادة مصر الوطنية على كامل ترابها الوطني العزيز، ولن نقبل بإقامة دولة بغزة، أو دولة دون غزة، ولسوف نقيم دولتنا على أرضنا التي أُحتلت عام 1967م بعاصمتها القدس الشرقية، وأن لا عاصمة في القدس وإنما القدس بكامل خطوط عام 1967م هي العاصمة، وأن إقامة دولة فلسطينية يُشكل رافدًا واساسًا متينًا ومدخلًا قويًا لبناء الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم."
وتطرق السفير دياب إلى ذكرى صدور وعد بلفور المشؤوم في الثاني من نوفمبر من عام 1917م، الذي نص على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وجاء فيه (على أن يفهم جليًا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين)، والذي يعني بشكل واضح أنه صنف اليهود كشعب، وأعتبر بشكل مجحف الشعب الفلسطيني بأنه مجرد طائفة من الطوائف وأسقط حقه في أرضه وحقه في إقامة دولة أوإقامة كيان سياسي له عليها، وهذا الوعد جاء كنتيجة كارثية من كوارث الحرب العالمية الأولى حلت بالشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى جوهر القرار الذي يُقدم وطنًا لشعب هدية لجماعة أخرى من بلاد متناثرة، بالإضافة إلى اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م، وصك الإنتداب البريطاني الاستعماري على فلسطين عام 1920م، وبالمقابل حرمان الشعب الفلسطيني من إقامة دولته إلى جانب إسرائيل وفقًا لما جاء في القرار (181) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29 نوفمبر من عام 1947، وتبنى خطة تقسيم فلسطين إلى دولتين أولًا دولة عربية (فلسطينية) وثانيًا دولة يهودية (دولة إسرائيل)، والذي جاء كنتيجة كارثية أخرى من كوارث الحرب العالمية الثانية، سدد فاتورتها الشعب الفلسطيني، بتعرضه إلى نكبة بشعة مستمرة نجم عنها تشرده وتشتته في المنطقة والعالم، في أبشع جريمة تهجير قسرية لازالت مستمرة وتكبد الشعب الفلسطيني معاناة وقسوة الهجرة واللجوء والغربة عن الأرض والوطن والبيت إلى البرنامج السياسي المرحلي لمنظمة التحرير الفلسطينية المقر من المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثانية عشرة المنعقدة في القاهرة في ١٩٧٤ وأن إنعقاد دورة المجلس الوطني الثانية عشرة، وإطلاق البرنامج السياسي المرحلي لمنظمة التحرير، بعد إنتصارات حرب أكتوبر المجيدة، والتي أحدثت تحولًا جذريًا في التكتيك والاستراتيجية، والمفاهيم والرؤى السياسية تجاه إستشراف المستقبل وكيفية إدارة الصراع، بما يُفضي إلى تحرير الأرض الفلسطينية المحتلة من نير الإحتلال الإسرائيلي الغاشم،وكيف تستثمر الثورة، وتواصل الكفاح الوطني الفلسطيني، وصولًا إلى حدوث إنتفاضة الحجارة، الانتفاضة الأولى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما واكبها من متغيرات إقليمية ودولية، تبعها إنعقاد مؤتمر مدريد للسلام في أكتوبر من عام 1990م، وإنطلاق مفاوضات السلام في مسارين، مسار واشنطن ومسار أوسلو، والتي تمخض عنها إتفاق أوسلو الذي تم توقيعه في البيت الأبيض، برعاية وشهادة وضمانة أمريكية، والذي تدرج إلى مرحلتين، المرحلة الانتقالية لمدة خمس سنوات من تاريخ توقيع إتفاق القاهرة في 4 مايو 1994بإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية، تجري خلالها مفاوضات حول قضايا مرحلة الحل النهائي، بما يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، والذي حصل أنه تم تعطيل الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية وتم إعادة إحتلال كافة المناطق والمدن والأراضي التي انسحبت منها قوات الاحتلال الاسرائيلي بموجب إتفاق أوسلو، وتنصلت إسرائيل القوة القائمة بالإحتلال من تنفيذ إلتزاماتها والصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأخذت تنفذ إجراءات أحادية الجانب وتصور الصراع بأنه نزاع سكاني بين الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين التاريخيين من جهة والمستوطنين الغرباء من جهة أخرى، وقلب الحقائق وتزوير وفبركة الروايات والاساطير الكاذبة، وتمارس أبشع الممارسات العنصرية ضد الشعب الفلسطيني، وحرمانه من حقه في تقرير مصيره، وتصريحات قادة إسرائيل بأنهم لن يسمحوا بإقامة دولة فلسطينية، وأمعنوا في أضعاف السلطة الوطنية، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وبناء المستوطنات عليها، وإقامة جدار العزل والضم العنصري بطول أكثر من سبعمائة كم داخل أراضينا، وتقطيع جغرافية الضفة الغربية لمئات القطع والجزر الجغرافية، لغرض فصل جنوب الضفة عن شمالها، وعزل مدينة القدس عن محيطها الفلسطيني، للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا قابلة للحياة، وإطلاق يد المستوطنين وعصاباتهم المسلحة وإرتكاب جرائم الحرب المكتملة الأركان ضد الشعب الفلسطيني.
وأردف السفير اللوح: والمحطة التالية، المبادرة العربية للسلام التي أعتمدتها القمة العربية في بيروت في عام 2002م، والتي أصبحت لاحقًا مبادرة إسلامية ودولية، ومؤتمر باريس المنعقد في يناير من عام 2017م والذي شارك فيه 51 دولة، والذي تعطلت دورته الثانية سواءً في باريس أو في موسكو، وصولًا إلى إطلاق رؤية حل الدولتين، ورؤية السيد الرئيس محمود عباس للسلام في الشرق الأوسط، والتي تدعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في المنطقة يقوم على أساس المرجعيات والقرارات الدولية ذات الصلة والمبادرة العربية للسلام ورؤية حل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإطلاق مفاوضات سياسية جادة ذات سقف زمني، تُفضي إلى إنهاء الإحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل استقلاله الوطني، وحقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة الوطنية الكاملة، المتصلة جغرافيًا والقابلة للحياة، على خطوط عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وآخر دعوة وجهها السيد الرئيس محمود عباس بالخصوص كانت من على منصة الأمم المتحدة في دورتها رقم (78) في 21 سبتمبر2023م، حينما طالب معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش بعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط قبل فوات الأوان وقد تكون الفرصة الأخيرة، وكان الرد الإسرائيلي على مبادرة الرئيس محمود عباس بشن حرب الإبادة الجماعية الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأنحاء الأراضي الفلسطينية والقدس، والمساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية والاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى المبارك ومحاولات تقسيمه زمانيًا ومكانيًا وتغيير الواقع التاريخي والقانوني القائم فيه، وإفراغ القدس من سكانها الأصليين وسرقة منازلهم، وهدم منازل المواطنين الفلسطينيين ومحاولات تهجيرهم وانتزاعهم من أرضهم واقتلاعهم من وطنهم، وجاء الرد من القيادة وأبناء الشعب الفلسطيني، بأننا لن نغادر أرضنا، ولن نترك وطننا، ولن نسمح بحدوث نكبة جديدة، وأننا باقون على أرضنا ما بقي الزعتر والزيتون، والشعب الفلسطيني رفض ولازال يرفض كل مخططات التوطين والتهجير، التي تتناقض مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة.
وأكد السفير دياب اللوح على وجوب التزام المجتمع والنظام الدولي وقف سياسة الكيل بمكيالين، والقيام بدورهم المنوط بهم عبر اتخاذ خطوات ملموسة تهدف إلى إنهاء الاحتلال على أساس القانون الدولي والقرارات الدولية، للاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مما من شأنه أن يدفع نحو تنفيذ حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، ورفع الظلم عن أبناء الشعب الفلسطيني وانصاف حقوقه المشروعة مما سيساهم في تحقيق السلام العادل والشامل، مؤكدا بقوله أن الشعب الفلسطيني لنْ يستسلم، وسوفَ يواصلُ نضاله وتصديه لهذهِ الممارسات، وذلكَ من خلالِ تمتينِ الجبهة الداخلية، وتحقيقِ وحدةِ شعبِنا والمصالحة الوطنية والوقوف صفًا واحدًا على قلبِ رجلٍ واحد، وسوف يبقى الشعب الفلسطيني صامدا حتى النصر على هذا الاحتلال البغيض، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.. والحرية لأسرانا البواسل.. والشفاء العاجل لجرحانا..
وفي ختام اللقاء تقدم بالشكر باسم الشعب الفلسطيني المناضل وقيادته الوطنية بقيادة الرئيس محمود عباس، للشعب المصري الشقيق وقيادته بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على كل ما تُقدمه مصر من دعم تاريخي مستمر للشعب الفلسطيني ولكفاحه المشروع ولقضيته العادلة، ولحقوقه الوطنية المشروعة في الحرية والتحرير والعودة، والشكر موصول إلى الدول العربية الشقيقة، التي شكلت حاضنة تاريخية للقضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية بالنسبة لأمتنا العربية المجيدة، والشكر إلى جامعة الدول العربية الموقرة، وإلى الأمانة العامة للجامعة، وإلى معالي الأمين العام السيد أحمد أبو الغيط على دوره العربي المتقدم في الدفاع عن حقوق وتطلعات وآمال الشعب الفلسطيني ودعم تحركة السياسي والدبلوماسي والقانوني، والشكر إلى كل الأصدقاء والأحرار في العالم، والخزي والعار للإحتلال والاستعمار والإمبريالية العالمية والإرهابيين قتلة النساء والأطفال، والمجرمين الذين باعوا ضمائرهم أو الذين أجروها بثمن بخسٍ.