كوميديا ورُعب.. هكذا تذكر المصريين أحداث زلزال 92
شعر صباح اليوم سكان القاهرة والإسكندرية وبعض المناطق، بهزة أرضية شديدة، وللمصادفة الغريبة أن تأتي تلك الهزة تزامنا مع الذكرى الـ 29 لـ"زلزال 92"، الذي ضرب مصر ويعد الأسوأ على مدار التاريخ.
واقعة زلزال اليوم لم تكن الأولى التي تصادفت مع زلزال 92 المؤلم، ففي عام 2013 وفي نفس التوقيت تزامنًا مع الذكرى الـ 21 له، شعر أيضًا بعض سكان محافظة القاهرة، بهزة أرضية عند الساعة الثالثة و11 دقيقة و52 ثانية، استمرت لعدة دقائق.
وترتبط ذكرى زلزال 92 الذي لم يستطع من عاشوه نسيانه بالخوف والقلق، ليحمل كل شخص ذكريات ومواقف خاصة حدثت خلال هذا اليوم، يستعيدها في مثل هذا اليوم من كل عام، خاصة مع تكرار الموقف بوقوع زلزال جديد.
"الفجر" حاول أن يسترجع مع البعض ممن عاشوا واقعة زلزال 92 ذكرياتهم عن ذلك اليوم، وشعورهم بعد أن وقع زلزال اليوم في نفس التاريخ.
في يوم 12 أكتوبر من عام 1992 وتحديدًا الساعة الثالثة و9 دقائق عصرًا، كان يتواجد سيف محمود، في منزل جده، بعد عودته من المدرسة، ليشعر باهتزاز شديد من حوله، كما لو كان المنزل يسقط، ليضطر أن يجري كـ"الصاروخ" حسب وصفه.ويضيف سيف ذو الأربعة وثلاثين عامًا، لـ"الفجر"، أن زلزال 92 يمثل ذكرى كوميدية بالنسبة له، نظرًا لحدوث موقف لم ينساه حتى هذه اللحظة، حيث كان يتواجد مجموعة من العمال يجرون بعض التصليحات في المنزل.
واستطرد: "واحد من العمال أنا فاكر كان بينادي على زميله وهو بيجري من ذعر الموقف بيقوله متنساش القميص بتاعي هاته أنا لسه شاريه".
وعن زلزال عام 2013 واليوم، اللذان تصادفا مع نفس يوم ذكرى زلزال 92، فأوضح أنه لم يشعر بهما، لكنه مع حدوث أي زلزال يصاب بهستيريا من الضحك لتذكره موقف الرجل الذي صمم أن لا يترك المكان إلا بعد أن يأخذ قميصه الجديد.
وعلى عكسه يمثل زلزال 92 ذكرى سيئة ومؤلمة لمحمد الأشقر، ذو الـ 36 سنة، فيتذكر أنه كان وقت وقوعه كان في المدرسة، وفوجئ بالمدرس يصرخ بجميع الأطفال قائلًا :"كله يجري".
وأضاف لـ "الفجر"، في كل فصل بالمدرسة كان يتواجد أكثر من 70 تلميذ جميهم توجهوا مندفعين نحو السلم، مستطردا وهو في حالة من الشجن: "حتى الآن أتذكر الواقعة بحزن وخوف.. للأسف سقطت على السلم واحنا نازلين، ودهسني أكثر من 100 طفل بسبب التدافع حتى أنقذني أحد المدرسين".وبعد مرور أكثر من عشرين عامًا، على تلك الذكرى المؤلمة، إلا أن محمد عند حدوث زلازل لم يشعر بها، كما حدث اليوم حيث كان يتحرك بالسيارة.
-تفاصيل لن تنسى
عاشت سمارة سلطان، نفس حالة الرعب، بتفاصيل قد تكون متشابهة أيضًا، فتقول إنها أثناء وقوع الزلزال كانت تحضر الفترة المسائية في المدرسة، الموجودة على مسافة 200 متر فقط من شريط القطار، بمنطقة المهندسين.
وأضافت لـ"الفجر" أنه تزامنًا مع حصة التربية الدينية التي تسبق موعد الفسحة، كانوا يقرأون سورة الواقعة ويرددون قوله تعالى "إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة.. خافضة رافعة.. إذا رجت الأرض رجا"، سمعوا صوتًا غريبًا وقويًا توقعوا أنه قطار يمر في هذا التوقيت.
سيناريو آخر تخيلته سمارة وزميلاتها بالفصل حينما بدأوا سماع أصوات عالية وصراخات، حيث يوجد بالمدرسة مبنى آيل للسقوط فتوقعوا أن تكون تلك الأصوات على إثر سقوطه."الجميع يتدافع نحون السلالم والبوابات.. وفور خروجنا وجدنا شوارع بها البعض عرايا وآخرين يحاولون ستر أجسادهم، وآخرين يضعون على أجسادهم فوط وآخرين على وجوههم صابون"، هكذا وصفت المشهد آنذاك.
وعند وصولها إلى الشارع الموجود فيه منزلها وجدت الجميع تاركين شققهم ويجلسون في الشارع منتظرين أبنائهم العائدين من المدارس للاطمئنان عليهم، متذكرة أن مدرستها حدث فيها تصدع بسبب الزلزال ونقلت للدراسة في مدرسة أخرى حتى تم ترميمها.واستطردت: "منذ ذلك الحدث أصبحت أعاني من فوبيا الاهتزاز.. أي اهتزاز مرعب بالنسبة لي"، لافتة إلى أنها لم تشعر بالزلازل دائمًا، وتقول: "ده شيء لطيف لما ما أشعرش بيه.. قعدت سنين بأحلم بالناس اللي كانوا بينتشلوها من أسفل الأنقاض رغم إني كنت طفلة إلا إني متذكراها ولم أنساها".
وتتذكر نهلة أبو العز، أن زلزال 92 وقع أثناء خروجها من مدرج كلية حقوق جامعة عين شمس، بعد انتهاء المحاضرة، فتقول إنها شعرت وزملائها باهتزاز أسفل أرجلهم، واهتزاز مبنى المدرج وسقوط النوافذ الزجاجية، كما لو كان فيلم رعب حول نهاية العالم.وأوضحت لـ"الفجر" أنها توقعت أن مبنى الكلية يسقط، خاصة وأنه كان يجرى بعض الإصلاحات فيه، مضيفة أنها خرجت من الجامعة للشارع وطوال طريق عودتها من الجامعة إلى منزلها بمنطقة المعادي، كانت تسمع المواطنين يتحدثون عن زلزال ولم تكن تعلم ما يحدث.
"عند وصولي إلى المنزل ماما عرفتني إن اللي حصل كان زلزال.. كان حدث غريب بالنسبالنا عيشنا فترة رعب وشائعات.. احساس وحش إننا نكون مهددين"، هكذا قالت.وتذكرت موقفًا كوميديًا حدث ذلك الوقت حينما اصطحب والدها الأسرة كاملة إلى كورنيش النيل، قائلًا "هنا مكان آمن علشان العمارات لو وقعت متقعش علينا".وعن الزلزال الذي وقع اليوم، قالت إنها شعرت به أثناء جلوسها في المنزل وحدها وأبنائها في المدرسة، "فجأة لاقيت الأرض بتهتز وشباك الغرفة يغلق فهمت إنه زلزال بس استقبلته بهدوء وأنا لوحدي مش خايفة على الولاد واتشاهدت".
واختتمت قائلة إننا كمصريين فكرة الزلازل والبراكين مش موجودة بنشوفها بس في التلفزيون وبنتخض من أقل هزة رغم إن عندنا اختبار كبير في 92 إلا أننا مازلنا نشعر بالخوف وتوتر وقلق، متابعة: "بينا وبين الظواهر الطبيعية تصالح لكن لما بتخاصمنا بنزعل أوي".