ألم واضطرابات حتى الكبر.. أعراض نفسية تطارد "أطفال غزة" بسبب القصف الصهيوني
ما بين الذعر والدماء، وقد يصل الأمر إلى صور الأشلاء، كلها مشاهد مأساوية مؤلمة يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ السابع منذ أكتوبر الجاري لأطفال غزة، مع بدء عملية "طوفان الأقصى" وما خلفته من تداعيات بعد الرد والانتقام الإسرائيلي، لتترك آثارًا نفسية لا تفارق كبيرًا أو صغيرًا ممن شاهدوا أو عاشوا تلك الأحداث.
وفي آخر تحديث لوزارة الصحة الفلسطينية قالت إن 2704 طفلًا قتلوا من بين 6600 شهيد، جراء القصف الذي شنته القوات الإسرائيلية في غزة بعد هجوم "حماس" في يوم 7 أكتوبر الجاري، هذا بالإضافة إلى إصابة الآلاف الآخرين.
وذكرت الوزارة في بيانها أن "الطيران الإسرائيلي ارتكب 44 مجزرة في الساعات الماضية راح ضحيتها 756 فلسطينيا منهم 344 طفلا، إضافة إلى إصابة 1142 آخرين.
وفي تقرير نشر مؤخرًا، ذكرت منظمة الأمم المتحدة، أن الفترة من السابع من أكتوبر شهدت أشد فترة تصعيد دموية في قطاع غزة وإسرائيل تشهدها الأمم المتحدة منذ عام 2006، لافتة إلى أن كل طفل في قطاع غزة تعرض تقريبًا لأحداث وصدمات مؤلمة للغاية، اتسمت بالدمار واسع النطاق، والهجمات المتواصلة، والنزوح، والنقص الحاد في الضروريات الأساسية مثل الغذاء والماء والدواء.
وكشفت منظمات إنسانية وحقوقية، عن كارثة كبيرة يواجهها أطفال قطاع غزة، جراء العدوان الغاشم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فأكدت منظمات إغاثية في غزة أن كل 15 إلى 20 دقيقة يستشهد طفل.
وذكرت أن هناك 900 طفل من أصل 1500 شخصا في عداد المفقودين تحت أنقاض المباني المدمرة في مختلف أنحاء غزة.
الأرقام والاحصائات جميعها تعكس الصورة القاتمة التي يعيشها الأطفال في قطاع غزة على مدار الساعة، منذ بدء الصراع، فبخلاف تصدرهم قائمة ضحايا القصف، فالأحياء منهم يعيشون بين الدمار والدماء.
في هذا الصدد أكد استشاري الطب النفسي جمال فرويز، والذي عمل استشاريًا للطب النفسي لدى الأمم المتحدة بعدد من مناطق النزاع، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الحرب الدائرة في غزة ستخلف تداعيات نفسية كبيرة على الأطفال الذين يعيشون مشاهد قاسية ومروعة لما يقرب من عشرين يومًا.
وأوضح أن من عاشوا الأحداث وتعرضوا للضغوط لن يكونوا جميعهم عُرضة للأمراض النفسية، وأن الأكثر عرضة هم من لديهم جين وراثي للمرض النفسي، خاصة الوسواس القهري أو الاكتئاب الوجداني والفصام، مشيرًا إلى أن بنسب قليلة ستظهر عليهم أعراض المرض النفسي بعد مرور فترة من الوقت.
ولفت إلى أن هناك بعض التأثيرات الأولية التي تظهر في صورة اضطرابات بالنوم أو الطعام والاكتئاب التفاعلي، نتيجة للأحداث، بينما بعد ستة أشهر ومع أي تجدد لأحداث أو مشاهد وأصوات ممثلة لما مروا به خلال تلك الفترة، ستجدد لديهم الأعراض، وهو ما يسمى باسترجاع الذكريات السيئة واستجلاب الأعراض القديمة، مشيرًا إلى أن آثار ما بعد الصدمة تستمر من الطفولة للكبر وتمتد لسنوات كثيرة.
وقال إن استمرار الأحداث لفترة طويلة يتسبب فيما يسمى بـ "التعودية"، موضحًا أن الشعب الفلسطيني بأجياله المختلفة اعتاد على مثل تلك الأحداث تعايش مع الاحتلال والحروب، ومشاهد الدمار والقتل والدماء والأشلاء.
وذكر استشاري الطب النفسي جمال فرويز، أن كل ما يحدث حاليًا يمر في ذهن الأطفال والكبار في لحظات، ومعها يبدأ ظهور القلق ورعشة بالجسم وضربات قلب زائدة، إضافة إلى الشعور بألم في المعدة وشد في عضلات الجسم، لافتًا إلى أنه قد يصل البعض إلى مرحلة التبول اللاإرادي، وذلك وفقًا لشدة الحدث الذي مر به الشخص.
وأكد على ضرورة أن يتلقى أطفال غزة دعمًا نفسيًا بشكل عاجل، في صورة توفير الطعام والشراب لهم، وتوفير أماكن آمنة يمارسون فيها حياتهم بشكل طبيعي، إضافة إلى تقديم صورة أخرى من الدعم النفسي بإظهار التضامن مع قضيتهم ليشعروا بنوع من الأمان والتعاطف من الآخرين.
ويبلغ عدد سكان غزة 2.3 مليون نسمة، نصفهم من الأطفال، عاشوا تحت قصف شبه مستمر وبين مشاهد الدماء وأشلاء الشهداء.
وأكدت منظمة "يونيسف" التابعة للأمم المتحدة، أن مليون طفل في غزة يواجهون مصيرًا مجهولًا، لا سيما الذين يعانون من حروق مروعة، وجروح بالقذائف، وبتر للأطراف، في غياب المستشفيات الكافية لعلاجهم، وتقطع السبل أمام الإمدادات الصحية لهم.