أحمد ياسر يكتب: الدبلوماسية المُحايدة وسط القصف الدموي
بينما يشهد العالم دورة أخرى من العنف بين حماس وإسرائيل، فإن الضرورة الملحة لكلا الطرفين الرئيسيين تتلخص في الاتفاق على وقف إطلاق النار.
هذه الدعوة ليست مجرد صرخة من أجل الراحة الإنسانية، ولكنها إيمان راسخ بقوة الحوار والدبلوماسية.. إن إراقة الدماء على الجانبين، مع تصاعد الخسائر في صفوف المدنيين، جعلت من الواضح بشكل متزايد أن الحل العسكري للصراع ليس بعيد المنال فحسب، بل إنه يؤدي إلى نتائج عكسية.
إن الصور المروعة للأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء الذين وقعوا في مرمى النيران تذكرنا بحقيقة بالغة الأهمية: أن كل صاروخ، وكل عمل من أعمال العدوان، يؤدي إلى تعميق جراح انعدام الثقة.
ولكن أبعد من ذلك، فإنه يجعل جيلا بأكمله يعتقد أن السلام مجرد وهم، مما يجعل مهمة بناء السلام أكثر صعوبة.
ولكي ينجح أي حوار، يجب أن تكون البيئة مواتية.. يكاد يكون من المستحيل إجراء محادثات مثمرة في ظل الصواريخ والغارات الجوية.. إن وقف إطلاق النار ليس مجرد وقف للأعمال العدائية؛ إنه اعتراف بأن كلا الجانبين على استعداد لإيجاد طريقة للخروج من هذا المستنقع، حتى لو للحظات.
ومع ذلك، فإن دور الجهات الفاعلة الخارجية، وخاصة الغرب، لا يقل أهمية.. تاريخيًا، كثيرًا ما كان يُنظر إلى التدخلات الغربية، رغم حسن النية في بعض الأحيان، باعتبارها متحيزة.. وهذا التصور، سواء كان دقيقا أم لا، يقوض جهود السلام التي يهدف الغرب إلى دعمها.
لكي يسود السلام بين إسرائيل وفلسطين، من المهم أن تلعب القوى الغربية دورًا محايدًا.. وهذا لا يعني التقاعس أو الصمت.. بل يعني بدلًا من ذلك المشاركة النشطة من دون الانحياز إلى أحد الجانبين، ودفع حماس وإسرائيل نحو الحوار والمفاوضات، وضمان احترام القانون الدولي.
إن التحدي الذي ينتظرنا هائل.. إن تعقيدات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عميقة، وتتشكل بفعل عوامل تاريخية ودينية وجيوسياسية.. ولكن كل صراع طويل الأمد، مهما كان معقدا، يجد حله في الحوار والتفاهم المتبادل.. إن الرحلة نحو السلام ليست واضحة أبدًا، ولكنها رحلة تستحق القيام بها.
في قلب النضال الفلسطيني يكمن توق عميق إلى الحرية والحكم الذاتي والحق في تقرير المصير.
وبينما يراقب العالم، فإن الأمر لا يقع على عاتق حماس وإسرائيل فحسب، بل وأيضًا على كافة أصحاب المصلحة، بما في ذلك الغرب، ضمان أن يكون هذا الفصل من العنف هو الأخير.
ولا يمكننا أن نأمل أن نرى فجرا ينمو فيه الأطفال الفلسطينيون ليس في ظل الحرب، بل في ضوء السلام إلا من خلال جهد محايد ومتضافر.