3 تماثيل كبرى في الأقصر.. ترميم خاطئ ومصادر تكشف الكواليس (صور)
طالعتنا صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالعديد من المتخصصين في مجال الآثار والترميم بعد من الصور لتماثيل تم ترميمها في محافظة الأقصر وتحديدًا في معبد الملك رمسيس ومعابد الكرنك حيث تصاعدت نبرة الانتقادات لترميم تلك التماثيل مع اتهامات بأن تلك التماثيل تعرضت لترميم خاطئ، ومخالف لمعايير الترميم العالمية والمصرية.
3 تماثيل كبرى في الأقصر.. ترميم خاطئ ومصادر تكشف الكواليس
وكان أول التماثيل التي تعرضت للانتقاد هو تمثال الملك رمسيس الثاني على واجهة معبد الأقصر، والذي قال عنه عدد من المتخصصين منهم الدكتور محمد حمزة الحداد أستاذ الآثار والتراث بجامعة القاهرة والدكتور أحمد عيسى أستاذ الآثار المصرية القديمة، أن النسب التشريحية للتمثال غير ملائمة ولا متناسبة، وأن التمثال لا يرقى لأن يتم توقيفه أمام واجهة معبد الأقصر حيث جاء مخالفًا لمدرسة الفن المصري القديم والذي بلغ قمته في عصر الرعامسة، والمقصود بهم حسب قول المتخصصين الملوك الذين حملوا اسم رع مسو أو رمسيس.
جزء من كواليس الترميم
أما التمثال الثاني فهو التمثال الواقع على الواجهة الغربية لمعبد الأقصر، والذي كشفت عدة مصادر مقربة من وزارة السياحة والاثار، أن نسب الاستكمال في تلك التماثيل بلغت بل وتجاوزت الـ 80 %، في حين أنه من المفترض ألا تتجاوز نسب الاستكمال الـ 20 %، وأن من قام بالترميم وبالاستكمال ليسوا المرممين المتخصصين بل عدد من العمال والحرفيين، وهو الأمر الذي جعل تلك التماثيل تظهر على هذه الصورة التي تعرضت للنقد الشديد.
التمثال الثالث
أما التمثال الثالث الذي تعرض لذات النقد هو تمثال الملك تحتمس الثاني والذي كان قد أعلن المجلس الأعلى للآثار عن انتهاء ترميمه في الصرح الثامن بمعابد الكرنك، وانتشرت له العديد من الصور على صفحات السوشيال ميديا، والتي كان للخبراء عدد من التعليقات عليها، حيث كان هذا التمثال هي قضية الاستكمال، حيث أن تمثال الملك تحتمس الثاني قبل الترميم كان عبارة عن القدمين فقط أما باقي الجسد فكان محطمًا.
الاستكمال يطمس الحقيقة
ومن ناحيته قال بسام الشماع المؤرخ المعروف والمرشد السياحي في تصريحات سابقة إلى الفجر، إن الاستكمال يعمل على طمس حقائق تاريخية منها قصة تحطم التمثال نفسها، فهي جزء من التاريخ، وأشار إلى أن التمثال محطم منذ مدة مثله مثل تمثال أبو الهول المفقود منه عدة أجزاء، فهل نتوقع يومًا ما إضافة واستكمال أنف وذقنوثعبان الكوبرا لتمثال أبو الهول؟.
وأكد الشماع أن إضافة جزء غير موجود هو تغيير في التاريخ، فالأثر مثله مثل أي عنصر موجود في الحياة له فترة صلاحية وقد يُحطم منهجزءً، فلا نستكمله إلا في حالة الدعم إن كان ضعيفًا، فأقترح هدم ما تم إضافته لتمثال تحتمس الثاني في الكرنك ووضع القطع الصغيرةالمكتشفة في ڤاترينة زجاجية بجانبه مع لوحات شارحة.
لا يليق بمعابد الكرنك
فيما قال الدكتور محمد عبد المقصود الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للآثار في تصريحات سابقة إلى الفجر، إن تمثال الملك تحتمس الثاني بعد ترميمه أصبح لا يليق بمعابد الكرنك، وعملية ترميم التمثال يشوبها خطأ واضح وهو نسبة الاستكمال العالية في عناصرالتمثال، حيث من المفترض أن لا يلجأ المرمم لعملية الاستكمال سوى في حالات معينة طبقًا للاشتراطات العالمية التي تحرص مصر على الالتزام بها وخصيصًا في موقع أثري مسجل على قائمة اليونسكو.
وأضاف أن عملية الترميم هنا تكاد تكون تشويه ويجب أن يشكل وزير السياحة والآثار لجنة لتقييم النتيجة النهائية لترميم التمثال، وهل عمليةالترميم سليمة أم لا، حيث يجب إعادة التمثال لأصله الذي وُجد عليه.
الاستكمال يُعد تزويرًا
وأكد عبد المقصود أن الاستكمال للقطعة الأثرية القديمة يعتبر تزويرًا للتاريخ، لأن التكسير الذي وقع لقطعة ما أو تمثال ما في العصورالتاريخية هو "قصة حدث ما" والتحطيم شاهد عليها، فيجب عدم استكمال أي قطعة أثرية قديمة إلا باشتراطات معينة طبقًا للمواثيق الدوليةوتلك الاشتراطات لا تنطبق على حالة تمثال تحتمس الثاني، وإن اعتمدنا على الاستكمال في الترميم، لوجب استكمال تمثال أبو الهول، وتمثالي ممنون والأهرامات الثلاثة وتمثال معبد أبو سمبل.
الاستكمال لا يكون إلا لضرورة
قال الدكتور فاروق شرف استشاري الترميم ومدير عام الترميم سابقًا في وزارة السياحة والآثار بتصريحات سابقة للفجر، إن استكمال الأثر المصري القديم لا يكون إلا لضرورة إنشائية، أي أنه إذا كانت المنشأة أو التمثال كاملًا إلا جزءً ويمثل خطورة على الكل فيتم الاستكمال بشروط ودلائل بالجزء للكل.
كما يوجد استكمال آخر بدراسة النسب وحساب الفراغات وتستكمل بأسياخ حديد غير قابلة للصدأ وعلى المشاهد استكمال الجزء الناقص في مخيلته وتوجد أمثلة على ذلك بالمتحف المصري بالتحرير كتمثال الملك بيبى الأول على سبيل المثال، أما الآثار الإسلامية والقبطية فيجوز الاستكمال مثل آية أو نص دينى والاستكمال أيضًا بشروط وله خطوات.
الترميم غريبًا
فيما قال نصر سلامة وكيل وزارة الآثار بمنطقة آثار أسوان سابقًا في تصريحات سابقة إلى الفجر، إن الشكل العام للتمثال بعد الترميم لغير المتخصص يبدو غريبًا بالنسبة لفن النحت عند المصريين القدماء، والترميم يتم غالبا لسببين، أحدهما لإزالة مخلفات من على الآثار وعمل تقوية للألوان أو النقوش للحفاظ عليها أو تدعيم لأجزاء ضعيفة مهددة بالإنهيار، وما نراه بالنسبة لترميم تمثال الملك تحتمس الثاني فهو استكمال لفراغات بالجزء العلوي الذي يمثل الصدر والوجه وكان يمكن تجنبهاتمامًا لعدم الحاجة إليها.
ويمكن الإشارة هنا إلى واجهة معبد أبو سمبل حيث نري أحد تماثيل الملك رمسيس الثاني فاقد الجزء العلوي والرأس رغم وجود رأس التمثال المكسورة أسفل منه ولكن لم يجرؤ أحد على إعادة وضعها للتمثال وعمل الاستكمالات اللازمة، لذا فمن الضروري إعادة تمثال الملك تحتمس الثاني إلى ما كان عليه قبل الترميم وإزالة أعمال الاستكمال التي تمت بطريقة عشوائية.