بعد الغضب العربي والدولي.. ماذا حدث في تظاهرة ستوكهولم؟
في اليوم الأول لعيد الأضحى، انطلقت التظاهرة وقام أحد النشطاء اليمينيين المعروفين بتطرفهم وكرههم للإسلام بحرق المصحف على مرأى ومسمع من الجميع، وهو ما اعتبرته الحكومات العربية نوعا من الاستفزاز غير المبرر، وهذا الأمر دفع العديد من الدول العربية والدولية تدين هذا العمل العنصري، الذي يحرض على زيادة ظهرت الاسلاموفيا.
ماذا حدث في تظاهرة ستوكهولم؟
بعد أسبوعين من موقف الشرطة الداعم لعدم السماح بحرق المصحف لما يمثله من حالة استفزاز كبيرة للمسلمين حول العالم، إلا أنها في النهاية اضطرت إلى الموافقة بعد رفض محكمة استئناف سويدية قرارا للشرطة برفض منح تصاريح لمظاهرتين في ستوكهولم كان سيحرق المصحف خلالهما.
بررت قوات الشرطة السويدية قرارها بالرفض بوجود مخاوف أمنية متزايدة، خاصة بعد أن تم حرق المصحف في وقت سابق من العام بالتحديد في يناير الماضي خارج مقر السفارة التركية بالسويد، وهو ما أدى إلى انتشار دعوات تطالب بمقاطعة المنتجات السويدية، فضلا عن وقف مساعي السويد للانضمام إلى حلف الناتو.
وسبق أن رفضت قوات الشرطة السويدية طلبين في فبراير الماضي لتنظيم مظاهرات تتضمن إحراق المصحف، واحدة طلب تنظيمها شخص والثانية من منظمة، على أن يكون موقعهما خارج السفارتين التركية والعراقية.
بعد رفض الشرطة طلبات التظاهر لحرق المصحف، تحول الأمر إلى المحكمة والتي قالت رأيها في الأمر كالتالي: «إن الشرطة أخطأت بحظر المظاهرتين، ومشاكل الأمن والنظام التي تحدّثت عنها الشرطة غير مرتبطة بشكل واضح بالحدث المخطط له أو مكانه».
في النهاية، رضخت الشرطة السويدية لقرار المحكمة، إذ سمحت بتنظيم الوقفة الاحتجاجية، وقالت الشرطة عن ذلك: «إن طبيعة المخاطر الأمنية المرتبطة بإحراق المصحف تجعل من السويد أولوية لشن الهجوم عليها».
بينما رأت المحكمة السويدية أن المخاوف الأمنية المصاحبة لهذه الاحتجاجات لا تطغى على الحق الدستوري في التجمع والتظاهر بحرية.
وفي النهاية سمحت الشرطة السويدية بتظاهرة أحرق فيها رجل بضع صفحات من المصحف أمام أكبر مسجد في ستوكهولم. والشخص الذي أحرق المصحف عراقي يبلغ من العمر 37 عاما، فر من بلاده.
ووفق رويترز، شاهد نحو 200 شخص واحدا من منظمين اثنين للاحتجاج وهو يمزق صفحات من المصحف ويمسح حذاءه بها قبل أن يضع فيه لحم الخنزير ويضرم النار فيه، بينما تحدث المحتج الآخر في مكبر صوت.
ووجهت الشرطة اتهاما للرجل الذي أحرق المصحف بالتحريض ضد جماعة عرقية أو قومية، وبانتهاك حظر على الحرائق دخل حيز التنفيذ في ستوكهولم منذ منتصف يونيو.
إدانة الأزهر
ودعا الأزهر الشريف كافة الشعوب الإسلامية والعربية وأصحاب الضمير الحي، بتجديد مقاطعة المنتجات السويدية، نصرةً للمصحف الشريف كتاب الله المقدس، وذلك بعد تكرار الانتهاكات غير المقبولة تجاه المصحف الشريف، والاستفزازات الدائمة لجموع المسلمين حول العالم تحت لافتة حرية الرأي والتعبير الزائفة.
كما دعا الأزهر حكومات الدول الإسلامية والعربية لاتخاذ مواقف جادة وموحدة تجاه تلك الانتهاكات التي لا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال، والتي تحمل إجرامًا وتطرفًا تجاه المقدسات الإسلامية؛ مشددًّا على أن سماح السلطات السويدية للإرهابيين المتطرفين بحرق المصحف وتمزيقه في عيد المسلمين؛ لهو دعوة صريحة للعداء والعنف وإشعال الفتن، وهو ما لا يليق بأي دولة متحضرة أو مسئولة عن قراراتها.
إدانة مصر
وأعربت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية عن بالغ قلقها إزاء تكرار حوادث إحراق المصحف الشريف وتصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا وجرائم ازدراء الأديان مؤخرًا في بعض الدول الأوروبية، مؤكدةً رفضها التام لكافة الممارسات البغيضة التي تمس الثوابت والمعتقدات الدينية للمسلمين.
كما شددت مصر على مسؤولية الدول في منع دعوات التحريض وجرائم الكراهية، ووقف تلك الممارسات التي من شأنها تقويض أمن واستقرار المجتمعات، مؤكدةً ضرورة إعلاء القواسم المشتركة من التسامح وقبول الآخر والتعايش السلمي بين الشعوب.
إدانة السعودية
وأعربت الخارجية السعودية عن إدانة واستنكار المملكة الشديدين للحادثة قائلة "إن هذه الأعمال البغيضة والمتكررة لا يمكن قبولها بأي مبررات، وهي تحرض بوضوح على الكراهية والإقصاء والعنصرية، وتتناقض بشكلٍ مباشر مع الجهود الدولية الساعية لنشر قيم التسامح والاعتدال ونبذ التطرف، وتقوّض الاحترام المتبادل الضروري للعلاقات بين الشعوب والدول".
إدانة الأردن
وأدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية إحراق نسخة من المصحف الشريف من قبل متطرفين في العاصمة السويدية ستوكهولم اليوم، واعتبرته عملا تحريضيا وعنصريا مرفوضا.
وأكدت الوزارة بأن إحراق المصحف الشريف هو فعل من أفعال الكراهية الخطيرة، ومظهر من مظاهر الإسلاموفوبيا المحرضة على العنف والإساءة للأديان، ولا يمكن اعتبارها شكلا من أشكال حرية التعبير مطلقا، مؤكدة ضرورة وقف مثل هذه التصرفات والأفعال غير المسؤولة، ووجوب احترام الرموز الدينية، والكف عن الأفعال والممارسات التي تؤجج الكراهية والتمييز
إدانة الكويت
وأدانت الكويت الحادثة وأكدت الخارجية الكويتية في بيان موقف دولة الكويت المبدئي والثابت الداعي إلى ضرورة تحمل المجتمع الدولي وحكومات الدول المعنية مسؤولية التحرك السريع لنبذ مشاعر الكراهية والتطرف، والعمل على وقف هذه الإساءات التي تستهدف رموز ومقدسات المسلمين، ومحاسبة مرتكبيها.
إدانة المغرب
استدعى المغرب القائم بأعمال السويد بالرباط، لإدانة ترخيص الحكومة السويدية لتنظيم مظاهرة، تم خلالها إحراق نسخة من المصحف الشريف، كما استدعى المغرب سفيره بالسويد للتشاور لأجل غير مسمى.
وذكر بلاغ للخارجية المغربية أن "هذا العمل العدائي غير المسؤول يضرب بعرض الحائط مشاعر أكثر من مليار مسلم في هذه الفترة المقدسة التي تتزامن وموسم الحج وعيد الأضحى".
إدانة تركيا
وفي أنقرة، ندد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بحرق المصحف، وكتب على تويتر "أندد بالاحتجاج الدنيء في السويد ضد كتابنا المقدس في أول أيام عيد الأضحى المبارك". وأضاف أنه من غير المقبول السماح باحتجاجات مناهضة للإسلام باسم حرية التعبير.
واستدعت الخارجية التركية، السفير السويدي لدى أنقرة للتعبير عن إدانتها الشديدة واحتجاجها على ما وصفته بـ "تكرار جريمة الكراهية ضد القرآن وعلم بلادها" في البلد الأوروبي.
إدانة أمريكا
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن إحراق النصوص الدينية أمر مؤذ ويظهر عدم الاحترام، وذلك بعد أن مزق رجل المصحف وأضرم فيه النيران أمام مسجد في ستوكهولم.
إدانة روسيا
وأدان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء، الحادثة التي جرت أمام مسجد استكولهم، حينما أقدم رجل على تمزيق وحرق المصحف.
وقال الرئيس الروسي خلال زيارته مسجد "الجمعة" في مدينة دربند: "بطريرك روسيا يؤكد لنا دوما أن المسلمين أخوتنا"، وهذا هو الحال لدينا.
وأظهرت لقطات الرئيس الروسي وهو يحتضن المصحف الشريف بعدما أهداه له إمام المسجد.
وأكد بوتين أن عدم احترام القرآن في روسيا جريمة خلافا لبعض الدول الأخرى.
وقال الرئيس الروسي: "روسيا تكن احتراما شديدا للقرآن ولمشاعر المسلمين الدينية، وعدم احترام هذا الكتاب المقدس في روسيا جريمة".
العراق
أعلنت السلطات العراقية اليوم الخميس، أنها ستلاحق حارق القرآن الكريم في العاصمة السويدية، وستتحرك لاسترداده ومحاكمته في البلاد.
وأفاد مراسلنا في العراق، بأن رئيس مجلس القضاء فائق زيدان، أعطى الإذن باتخاذ الاجراءات القانونية بحق الشخص الذي أقدم على حرق المصحف الشريف، عملا بأحكام المادة 14 من قانون العقوبات العراقي النافذ، كما أوعز إلى رئاسة الادعاء العام وبالتنسيق مع محكمة تحقيق الكرخ الأولى، بإكمال الاجراءات القانونية لطلب استرداد هذا الشخص ومحاكمته وفق القانون.
كما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لتظاهرة حاشدة غاضبة ضد السفارة السويدية في العراق، هذا الأمر جعل العشرات من المتظاهرين يقتحمون السفارة السويدية في بغداد.
حرق المصحف خروج عن الإسلام
علق الدكتور فتحي الفقي، أستاذ الفقه المقارن، عضو هيئة كبار العلماء، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، على حرق المصحف.
وأضاف الدكتور فتحي الفقي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن القرآن إذا تقطع وتمزق ولم ينتفع به يحرق أو يدفن في محل طيب حتى لا يمتهن، فإذا كان حرقه سهوًا ما درى أنه قرآن فلا حرج عليه في ذلك أو حرقه عمدًا لأنه متقطع ما يصلح للقراءة فيه فحرقه حتى لا يمتهن فلا بأس بذلك.
وأوضح أستاذ الفقه المقارن، عضو هيئة كبار العلماء، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، قائلًا:" إذا حرقه سابًا له كارهًا له مبغضًا له هذه ردة عن الإسلام نعوذ بالله الذي يحرقه كراهةً له وبغضًا له هذا منكر عظيم وردة عن الإسلام، وهكذا لو قعد عليه أو وطأ عليه برجله استهانةً له أو لطخه بالنجاسة كل هذا ردة عن الإسلام نعوذ بالله، فإذا وجد من المسلم استهانة للقرآن صريحة واضحة كأن يطأه برجله أو يجلس عليه بمقعدته ليقعد عليه أو يلطخه بالنجاسة أو يسبه ويسب من تكلم به أو ما أشبه هذا فإن هذا ردة عن الإسلام نعوذ بالله".
قانون تجريم ازدراء الأديان في مصر
طبقًا لقانون تجريم ازدراء الأديان في مصر يعاقب: «كل من يستغل ويستخدم الدين في الدعوة والترويج عن طريق الكلام أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى، الأفكار المتطرفة بهدف تحريض الفتنة والانقسام أو ازدراء أو ازدراء أي من الأديان السماوية أو الطوائف التابعة لها، أو المساس بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي».
في عام 1981، أثناء النزاع الديني في أحداث الفتنة الطائفية في الزاوية الحمراء، تم تعديل قانون العقوبات المصري لحظر «إهانة الأديان». يفترض أن القانون سُن لحماية الأقليات الدينية. ومع ذلك، يعتقد الكثيرون أن القانون يتعرض الآن للإساءة
قانون التجديف
تنص المادة 98 (و) من قانون العقوبات، بصيغته المعدلة بموجب القانون 147/2006، على عقوبة التجديف والجرائم المماثلة:
يكون الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن خمس سنوات، أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه، العقوبة التي تُفرض على كل من يستغل الدين في نشره، سواء بالكلمات، كتابةً، أو بأي وسيلة أخرى، أفكارًا متطرفة بغرض التحريض على الفتنة أو السخرية من أو إهانة دين سماوي أو طائفة تتبعه أو الإضرار بالوحدة الوطنية.
الديانات «السماوية» هي اليهودية والمسيحية والإسلام. في بعض الأحيان، بدلًا من، أو بالإضافة إلى التجديف، تحمل المحاكم متهمًا بتهمة «التحريض على كره المسلمين» و«التشهير برئيس الجمهورية» و«إهانة الإسلام».