قائد معركة بورتوفيق: طالبت بتنكيس العلم الإسرائيلي لأوافق على شروط استسلام العدو
لا تزال حرب الـ 6 من أكتوبر إعجازًا عسكريًا، بكل المقاييس حتي وقتنا هذا، حققت فيه القوات المسلحة المستحيل في عبور مانع قناة السويس الصعب، فيما كانت هناك عدد من المعارك التي سجلتها الحرب سببًا في النصر العظيم التي حظيت به القوات المسلحة المصرية في ذلك الوقت، ومنها معركة بورتوفيق التي استسلمت فيها سرية كاملة في حصونها المنيعة لقوات الصاعقة المصرية التي حاصرت حصونهم لتسترد تلك النقطة بكامل عتادها ومعداتها واستسلام كافة الجنود الإسرائيليين وتنكيسهم للعلم الإسرائيلي حتي يقبل قائد القوات المصرية في تلك المعركة بشروط الاستسلام.
قال اللواء أركان حرب "زغلول فتحي" من قوات الصاعقة المصرية لـ "الفجر"، "تدربنا تدريبات شاقة للغاية قبل الحرب للوصول لمستوى متميز من اللياقة البدنية حتى نؤدي كافة المهام الموكلة لنا على أكمل وجه فقد كانت عقيدتنا النصر أو الشهادة، حتى ننفذ الخطة التي وضعتها لنا القيادة العامة للقوات المسلحة للاستيلاء على نقطة بورتوفيق المنيعة في ذلك الوقت، فلم يكن النصر من نصيبي وحدي بل كان فضل جنودي وضباطي في ذلك الوقت، والذي رأت القوات المسلحة في ذلك الوقت أنه أهم وأثمن من كافة المعدات والأسلحة الحديثة.
وتابع اللواء "زغلول فتحي": "كانت نقطة حصون بورتوفيق التي كلفت بالاستيلاء عليها من أقوى الحصون الإسرائيلية في ذلك الوقت وأشدها تسليحا وصعوبة جغرافية لأن الماء يحاصرها من مناطق عدة ولا يوجد غير طريق واحد إليها فقط مما جعل القوات الإسرائيلية توجه كافة أسلحتها لذلك الطريق الذي لا مفر منه للعبور، حتى تستعد كتيبتي للمهمة الموكلة لها، ففي يوم الخامس من أكتوبر بعد صلاة الفجر، جلست كعادتي كل يوم لأستمع للأوردة والأذكار القرآنية وفوجئت بقائدي يصل الموقع، ليخبرني بأن ساعة الصفر هي الساعة الثانية ظهرا، ولكن موعد الهجوم على المنطقة المحددة لي سيكون في تمام الساعة الخامسة عصرا، وتحضرت للهجوم وجهزنا خطة محكمة للهجوم على النقطة الحصينة.
وأكمل البطل قائلا: "كان عرض القناه في تلك النقطة أطول من أي نقطة أخري علي شط القناه، والمد والجز فيها كان في أعلى مستوى له، وبالتالي كان استخدام القوارب المطاطية، يشكل خطورة علي الجنود والضباط العابرين لشط القناه لأنه يطيل مدة بقائهم في المياه وبالتالي يعرضهم لمستوى عال من نيران العدو، ومع ذلك كان هناك إصرار جاد على الهجوم، وقبل هجومنا في تمام الساعة الخامسة عصرا، طالبت الجنود والضباط في كتيبتي بالإفطار، وبادرت بتناول كوب شاي أمامهم حتى أحثهم على الإفطار ليستطيعوا أداء المهمة على أكمل وجه.
وأكمل قائد المعركة، "توجهت لقائد سرية عريف "شكري" وهو قبطي كان يصوم معانا ويفطر معانا لا تستطيع وقتها أن تفرق كونه مسيحي أو مسلم، وعندما طالبته بأن يفطر هو وجنوده قال لي سأفطر علي الضفة الثانية إن شاء الله مع قائد الكتيبة عندما نعبر الضفة، وعند نزول القوارب إلى المياه أصيب قاربه واستشهد هو من معه من الجنود وهو صائما".
ويصف البطل مشهد عبور القوارب المطاطية لشط القناه الشرقي فيقول: "كانت القوارب تتعرض لإطلاق كثيف من القوات الإسرائيلية المتمركزة في النقطة الحصينة، إلا أن القوارب التي كانت تصاب كان الجندي السليم منها يكمل الطريق اتجاه الحصن الإسرائيلي عوما، ويحمل معه من استشهد من نيران العدو في المياه، والجندي الجريح أيضا مهما كانت إصابته كان يكمل الطريق للحصن أيضا عوما وقد يحمل معه شهيدا إذا استطاع، وبالتالي لم ينسحب أي جندي أو ضابط جريح أو مصاب حتي عندما أصيبت قواربهم في المياه، بل كانت هناك عزيمة لا مثيل لها في العبور مهما كانت التضحيات والثمن".
ويضيف اللواء أركان حرب "زغول فتحي" قائلا: "بعد أن ضربنا الحصن وأنهكناهم بنيراننا، وضربنا حولهم الحصار وكبدناهم خسائر فاضحة، اضطر قائد الحصن إلي الاستسلام وتسليم الموقع والجنود والمعدات عن طريق الصليب الأحمر، وبالفعل أعلنوا استسلامهم وسلمني قائد الحصن العلم الإسرائيلي الخاص بالحصن منكسا وأدى لي التحية العسكرية، وعلي الرغم مما فعلته القوات الإسرائيلية بقواتنا الأسرى في النكسة، إلا أننا راعينا أن نظهر بمظهر العسكرية المصرية المشرف، وعاملنا الجنود الأسرى بمنتهى التحضر والرقي ووفقا لما هو متعارف عليه في العلوم العسكرية.