خبراء يكشفون السر وراء الاقبال على ادخار الذهب والعزوف عن الفضة
أقبل عدد كبير من المواطنين الراغبين في الادخار مؤخرًا على التحوط بالذهب عن طريق شرائه في صورة سبائك أو مشغولات، بعد انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار الأميركي، حيث يعد المعدن الأصفر هو الأكثر أمانًا من بين معادن أخرى على رأسها الفضة الذي لم يحظى بأي إقبال للتحوط به.
وعادة ما تقتصر ثقافة اقتناء الفضة عند الكثيرين بأنها نوع من الحُلي والزينة، ورغم كونها معدن ذو قيمة اقتصادية ويدخل في عديد من الصناعات ويمكن أن يكون وسيلة للاستثمار والادخار على المدى الطويل.
في هذا الصدد تحدث محللون اقتصاديون لـ"الفجر" عن هذا المعدن الذي عادة ما يسقط من الحسابات والخيارات الاستثمارية والادخارية بالنسبة للكثيرين، وشرحوا مدى جدوى إمكانية استخدامه كوسيلة تحوط وارتباط ذلك بالثقافة السائدة عن الفضة كحلي وليس كمخزن قيمة.
عوامل أساسية
في البداية، تؤكد خبيرة أسواق المال، الدكتورة حنان رمسيس، لموقع "الفجر"، أن الفضة تعد وسيلة من وسائل التحوط على المدى الطويل، مستدلة على ذلك بإقبال البعض على شرائها بأشكالها المختلفة عند ارتفاع أسعار الذهب ووصوله إلى أسعار قياسية خلال الأشهر الماضية.
وأضافت أنه كان هناك اتجاه لدى بعض المتعاملين لشراء عقود آجلة من الفضة، لكنه لم يكن بنفس قيمة ومكانة الذهب -حيث من الصعوبة بمكان المقارنة بين المعدنين- غير أن ذلك يعكس حقيقة أن الفضة قد تكون بالنسبة للبعض وسيلة من وسائل الاستثمار على المدى الطويل وتدريجياً من الممكن أن تكون لها مكانة وقيمة بين الاستثمارات، لا سيما مع دخولها في عديد من الصناعات التكنولوجية.
إلا أن الثقافة الغالبة على المتعاملين الآن تصب في صالح تفضيل الذهب والعيارات الأكثر نقاوة عن الفضة، وأن المعدن الأبيض لم يصل إلى مكانة الأصفر لأنه غير مُجدي وليس لديه أي قدرة على منع تآكل المُدخرات، حال كان التحوط به في شكل سبائك كاملة أو مشغولات للزينة ففي كل الأحوال يمكن الاستفادة منه. فيما تشير رمسيس إلى أن بعض المتعاملين في الأسواق الأميركية على سبيل المثال يفضلون التعامل من خلال السبائك الفضية
وأشارت في السياق نفسه إلى الارتفاعات التي سجلها مؤشر الفضة خلال السنوات الماضية بعد العام 2020، مشيرة إلى أن سعر الفضة يرتفع مع الوقت، ويمكن تحقيق مكاسب من خلاله على المدى الطويل، ارتباطاً بحالة الطلب على هذا المعدن بأشكالها المختلفة.
صور الاستثمار في الفضة
من جانبه، يشير خبير أسواق المال، الدكتور حسام الغايش، لدى حديثه مع موقع "الفجر"، إلى أنه على الرغم من أن الفضة تعد من المعادن الثمينة على غرار الذهب والنحاس على سبيل المثال والتحوط بها يضمن حماية رأس المال وتحقيق عوائد مالية أيضاً "إلا أن الطلب دائماً يكون على المعدن الأصفر ولم تنافسه الفضة في ذلك شعبياً".
وأكد أن الفضة تعد ملاذاً آمناً في عمليات التحوط أو الاستثمار، وربما على عكس شراء الأسهم والعملات الخاضعة لتقلبات السوق بشكل أكبر وتحمل نسب مخاطرة، لافتاً إلى أن الطلب عليها بشكل أكبر يكون في التعاملات المتعلقة بالصناعة على عكس الذهب، فالطلب عليه عالمياً كبير بأي شكل من أشكاله سواء كان في شكل مصوغات أو سبائك.
ويوضح أن الفضة يمكن الاستثمار فيها في صور مختلفة، منها صورة مشغولات، وهي من أكثر السبل شيوعاً بين المتعاملين، على الرغم من أنها غير مفيدة، بالنظر إلى كونها تفقد حوالي نصف قيمتها عند إعادة بيعها، وعادة ما يقتصر الأمر على استخدامها في "الزينة"، إضافة إلى السبائك وشراء المعدن بشكله الأولي، وتلك الطريقة هي الأفضل بالنسبة للتجار والمُصنعين، ومن خلال التعامل معها بنفس طريقة التعامل مع الذهب، إذ يتم شراء السبيكة عند انخفاض سعر الفضة والاحتفاظ بها لإعادة بيعها مع الارتفاع، فضلا عن التداول عن طريق صناديق الفضة بشركات التعدين والبورصة.
ويفيد خبير أسواق المال، بأن الكثيرين يستبعدون فكرة التحوط بالفضة نظراً لانخفاض سعرها اعتقاداً منهم بأنها لهذا السبب ستكون غير مُجدية، ويرى أن هذا "اعتقاد غير صحيح"؛ خاصة أن الفضة تشهد معدلات زيادة في سعرها أكبر مقارنة بالذهب (خلال السنوات الماضية)، وفي ظل سعرها المُناسب (للأصحاب المدخرات البسيطة) للشراء، متوقعاً أن يشهد سعرها زيادات أوسع مستقبلاً وبما يرفع من قيمتها، خاصة مع توسع استخداماتها في عديد من الصناعات.