أنباء عن سيطرة ميليشيا الدعم السريع على القصر الرئاسي ومنزل قائد الجيش ومطار الخرطوم
السودان.. عودة أعمال العنف وسط تعتيم عن مجريات المعارك
دخلت السودان في أزمة عنيفة يخشى منها منذ فترة طويلة، اليوم السبت، مع اندلاع صراع مرير على السلطة بين الفصيلين الرئيسيين في البلاد.
وأفادت تقارير محلية بمقتل 25 شخصًا على الأقل خلال قتال عنيف بين القوات المسلحة السودانية وميليشيات الدعم السريع، وفقًا للجنة أطباء السودان، وهي منظمة غير حكومية محلية. .
ولا يهدد القتال بزعزعة الاستقرار في السودان فحسب، بل في جزء كبير من المنطقة، فضلاً عن تفاقم معركة النفوذ التي تشمل قوي إقليمية ودولية متحاربة، والقوات المسلحة السودانية موالية على نطاق واسع لعبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي الحالي للسودان، في حين أن قوات الدعم السريع، وهي مجموعة من الميليشيات تتبع العسكري السابق المثير للجدل محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.
وفيما أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على القصر الرئاسي ومطار الخرطوم الدولي، كشفت "خلود خير" المحللة السودانية عن تفاصيل الساعات الأولي من الإشتباكات في وقت مبكر من فجر اليوم، قائلة:"لقد بدأوا إطلاق النار في الساعات الأولى من الصباح واعتقدت أن هذا قد يكون مناوشات ولكن بعد ذلك تدخلت القوات الجوية وظهر القائدان على شاشات التلفزيون ولم يستخدما لغة تشير إلى رغبتهما في إيجاد حل سلمي".
وألمحت "خلود" في تصريحات صحفية إلي الدعاية الحربية والمعلومات المضللة التي يستخدمها الطرفين، مشيرة إلى أنه على الرغم من ذلك فأن المؤشرات تؤكد تفوق القوات المسلحة السودانية على الدعم السريع، وربما يكون "حميدتي" قد بالغ في تقدير الدعم الشعبي الذي يحظى به عقب انقلابة، مضيفة قائلة:" السودانيين يريدون الديمقراطية لكنهم يعلمون أن طرفي الصراع لن يحققاها.
البرهان وحميدتي جذور الصراع
أسس "عمر البشير" قوات الدعم السريع لسحق التمرد في دارفور الذي بدأ ضد التهميش السياسي والاقتصادي الذي تمارسه الحكومة المركزية لشعب دارفور منذ أكثر من 20 عامًا، وكانت قواتهم تُعرف أيضًا باسم الجنجويد، الذي أصبح اسمها مرتبطًا بالفظائع وجرائم الحرب.
وفي عام 2013، حول البشير الجنجويد إلى قوة شبه عسكرية شبه منظمة ومنح قادتهم رتبًا عسكرية قبل نشرهم لسحق تمرد في جنوب دارفور، ثم أرسل الكثير منهم للقتال في الحرب في اليمن.
وتعود جذور الصراع على السلطة إلى السنوات التي سبقت انتفاضة 2019 التي أطاحت بالحاكم الدكتاتوري عمر البشير، الذي قام ببناء قوات أمنية هائلة وضعها عمدا ضد بعضها البعض.
وتعاونت قوات الدعم السريع، بقيادة حميدتي، والقوات العسكرية النظامية بقيادة البرهان للإطاحة بالبشير في عام 2019، ثم قامت قوات الدعم السريع بتفريق اعتصام سلمي أمام المقر العسكري في الخرطوم، مما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص واغتصاب عشرات آخرين..
وعندما تعثرت الجهود المبذولة للانتقال إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية بعد سقوط البشير، كانت المواجهة في نهاية المطاف أمرا لا مفر منه، حيث حذر الدبلوماسيون في الخرطوم في أوائل عام 2022 من أنهم يخشون اندلاع مثل هذا العنف. وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعدت التوترات أكثر.
تم إيقاف اتفاق تقاسم السلطة مع المدنيين الذين قادوا الاحتجاجات ضد البشير، والذي كان من المفترض أن يؤدي إلى انتقال نحو حكومة ديمقراطية، بسبب انقلاب في أكتوبر 2021، وقُتل أكثر من 100 شخص في احتجاجات أخرى.
تصريحات متضاربة للبرهان وحميدتي والحقيقة غائبة
التفاصيل الدقيقة لأحداث اليوم غير واضحة، لكن التقارير تشير إلى أن الجيش ربما يكون قد هاجم قاعدة عسكرية لقوات الدعم السريع في جنوب الخرطوم في الصباح، مما أدى إلى اندلاع معارك في أماكن أخرى بالمدينة في الساعات اللاحقة. وبحلول الظهر، كانت المعارك تدور حول مطار الخرطوم الدولي وسط العاصمة.
وشوهدت طائرات عسكرية تحلق من قاعدة جوية في أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم على الضفة الأخرى لنهر النيل، بينما سُمع دوي إطلاق نار كثيف في جميع أنحاء المدينة طوال معظم اليوم وذلك بحسب وكالة أنباء رويترز.
وزعمت قوات الدعم السريع في بيان سابق أنها سيطرت على القصر الرئاسي ومطار الأبيض الاستراتيجي في ولاية كردفان الشمالية، رغم أن الجيش نفى صحة ذلك.
كما زعمت أنها سيطرت على مطار مروي شمال الخرطوم، ورجحت تقارير إعلامية إصابة نحو 45 جنديا من الجيش السوداني في مروي خلال قتال عنيف بين القوتين.
وقال "نبيل عبد الله" المتحدث باسم الجيش العميد لوكالة فرانس برس، إن مقاتلي ميليشيا الدعم السريع هاجموا عدة معسكرات للجيش في الخرطوم وأماكن أخرى في أنحاء السودان.
فيما دعا "أنطونيو غوتيريش" الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم السبت، الطرفين إلي وضع حد فوري للعنف، وبحسب تصريحات المتحدث باسم الأمين العام، تحدث غوتيريش مع قادة الجيش السوداني و ميليشيات قوات الدعم السريع شبه العسكرية والرئيس المصري ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.