عمرو خالد: كيف تحمى نفسك من التشتت بين الاختيارات الصعبة فى الحياة؟
قال الداعية الإسلامي عمرو خالد، إن الرضا يعد من أعظم المعاني التي تريح القلب والروح، قائلًا إنه يغني عن الأدوية والأطباء النفسيين، ويعد أقوى وأعظم سبب لرضا الله عنك (الرضا باب الله الأعظم ومستراح العابدين وجنة الدنيا).
واعتبر أن أحد مشاكل الرضا هي الحيرة بين الاختيارات والرغبات، لأن الإنسان يريد كل شيء فالاختيارات غالبًا تكون متناقضة، ولأن ربنا خلق الكون هكذا، فالبعض لا يرضى.
لذا نصح خالد بتطبيق القاعدة الخامسة عشر من قواعد الفهم عن الله، وهي: "إذا واجهتك تحديات الحياة فاجمع في قلبك المعاني التي تبدو متناقضة، وأحسن في عملك وسترى عجائب قوله: "رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ"، فإنما نحن أمة وسطى لنجمع طرفي المتناقضات ثم نحسن فنرضى ويرضى الله عنا".
ما هي المعاني المتناقضة التي نريد أن نجمعها؟
أجاب خالد: "أي شيء في الدنيا له طرفان، أغلب الناس تختار أحد الطرفين وتعيش به، ولأن هذا الأسهل فيتعب ويفقد الرضا، لأنه بعيد عن الطرف الآخر"، موضحًا أن معنى أمة وسطًا، أنها في المنتصف، ترى الطرفين، وتجمع بينهما، وهذه هي المتناقضات.
وضرب مثالًا توضيحيًا على ذلك: "مسلّم أمري لله تمامًا، فأصبحت سلبيًا وباردًا وقليل الحيلة، أو متوترًا وقلقًا، وأرغب في تغيير حياتي بيدي فنسيت التسليم، لأنني لا أستطيع أن أجمع بين الاثنين، وطالما أنا لا أستطيع أن أجمع بينهما، فلا أعرف كيف أرضى، لأن التسليم الكامل يجعلني سلبيًا قليل الحيلة، ولأن الجري على شيء دون تسليم متعب نفسيًا، لأني لن أناطح القدر، فلن أستطيع أن أجمع بين الاثنين، لهذا لا أستطيع أن أصل للرضا".
الأطراف المتناقضة
وشدد خالد على أن المسلمين أمة وسطًا، تستطيع أن تجمع بين الأطراف المتناقضة، معربًا عن تحديه لأي شخص غني بعيد عن ربنا يستطيع أن يكون سعيدًا وراضيًا، جسدًا ماديًا، وروحًا شفافة، وكذا تحدى أي شخص متدين هجر الدنيا وفشل فيها أن يكون سعيدًا وراضيًا.
واستشهد في هذا السياق بقوله تعالى: "وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ"، مؤكدًا أن التنافس مع سلامة الصدر ليس أمرًا سهلًا، لأن التنافس يؤثر على سلامة الصدر، وإن استطعت أنت تجمع بين الأمرين فأنت تجمع المتناقضات، وهذا هو المقصود بالمعاني المتناقضة.
ما علاقة الأمر بالرضا؟
أوضح خالد أن الرضا بحاجة إلى مساحات، لأن تحديات الدنيا صعبة، وكلما أغلقت مساحة تفتحت أمامك مساحة أخرى فيتجدد الأمل، وهذا هو سر العلاقة بالرضا.
كيف أجمع بين الرضا والطموح؟
بين أن ذلك يتحقق من خلال الرضا بالوضع الحالي، وأن تطمح في المستقبل وتعمل لأجله، من خلال العمل والدعاء معًا، وإذا تأخرت الإجابة، سلم لله وارض وكمل حياتك بأحسن ما عندك.
وضرب مثالًا عن الجمع بين المتناقضات من القرآن والسنة، فعندما مات ابن النبي صلى الله عليه وسلم (إبراهيم) بكاه، وعندما مات ابن التابعي الفضيل بن عياض، الذي كان اسمه عابد الحرمين، ابتسم رضًا بقضاء الله، فمن أعلى منزلة؟!
أجاب: النبي طبعًا، لأنه هنا جمع بين منزلتين، الرحمة لفقد الابن والرضا عن قدر الله، أما الفضيل فخاف أن يظهر الرحمة فيفقد الرضا، فاختار الرضا وتخلى عن الرحمة. بعكس النبي الذي بكى رحمة، وقال: "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا".
كيف أتعلم الجمع بين المتناقضات الروحية والنفسية؟
قال إن أول وأهم شيء أن تقبل فكرة الجمع بين المتناقضات.. فما خلق الله الكون إلا على طريقة الجمع بين المتناقضات، مشيرًا إلى الإنسان نفسه،، فهو من من شيئين عكس بعض، جسد من تراب الأرض، وروح من نفخة السماء، والاثنان عكس بعض، كأن ربنا يقول لك الحقيقة من أجل أن تعرف حتى تعيش وترضى.
ورأى خالد أن الإحسان أسهل طريقة للجمع بين المتناقضات، لأنه يطلب منك أن تخرج أفضل ما لديك دون أن يكون لك علاقة بالناس، وستجد نفسك تلقائيًا تجمع بين المتناقضات. التوكل على الله إحسان، والأخذ بالأسباب إحسان، الروحانيات قمة الإحسان "أن تعبد الله كأنك تراه"، والإحسان حركة نجاح في الحياة.وشدد على أهمية المحافظة على ورد الذكر، لأن الذكر يمدك بالطاقة، لذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت".
واختتم خالد إلى أن هناك أربع أشياء تجعلك تجمع بين المتناقضات: اقبل الفكرة.. تدرب عليها.. عش بإحسان.. حافظ على ورد الذكر.
جاء ذلك في الحلقة الخامسة عشرة من برنامجه الرمضاني "الفهم عن الله".
شاهد الحلقة: