هل تحققت الديمقراطية في العراق.. شهادات تكشف نوايا إدارة بوش الحقيقية
بعد مرور عقدين من الزمن على الغزو الأمريكي للعراق وإسقاط نظام "صدام حسين"، لم يكن الأمر يتطلب من واشنطن الدفع بأفراد الجيش الذين خدموا لفترة طويلة فحسب، بل تطلب الأمر آنذاك تدشين حملة تجنيد على مستوي البلاد وإستدعاء الإحتياطي من الجيش وقوت المارينز، للحفاظ على سيطرتها على البلاد التي عمت بها الفوضي، وذلك بتوفير ما يقارب 170 ألف جندي أمريكي داخل الآراضي العراقية.
وعلى الرغم من دخول الحكومة الأمريكية وقواتها في صراع عسكري لبسط نفوذها في الشرق الأوسط، لم تستطع واشنطن تحقيق أهدافها المعلنة في العراق بإنهاء الحكم الديكتاتوري ونشر الحرية بين طوائف الشعب، ولكن تلك الحرية سببت في فوضي ما زالت قائمة حتى الأن وانجرار العراق للحرب الطائفية وتبعيتها وتقسيمها كما هو عليه الحال الآن.
وبعد إعلان قادة دول التحالف الدولي لـ"غزو العراق" وعلى رأسهم بوش الأبن و"توني بلير" رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، خطأهم في تقدير الموقف بالعراق وإعتذارهم عن غزوها وما آلت إليه الأوضاع، سلط الإعلام الأمريكي الضوء على قتلي الجيش الأمريكي في العراق وعائلاتهم ومعاناتهم.
"جوناثان".. من مراهق عنيد لقتيل برصاص قناصة المقاومة
التقت صحيفة "واشنطن بوست" بالسيدة آنجل كولينز ، وكيلة عقارات في ولاية إلينوي ووالدة المجند "جوناثان كولينز" والذي قتل في أغسطس من عام 2004 على يد عناصر المقاومة العراقية.
وأعربت " كولينز" عن حزنها على مقتل ابنها الذي قتل عن عمر يناهز 19 عامًا، قائلة إنه كان طفل متحمس لكل الأفكار الجديدة عليه أثناء فترة مراهقتة، وعندما دشنت الحكومة الفيدرالية الأمريكية حملة للتجنيد العسكري لطلاب المدارس عقب أحداث سبتمبر 2001 سارع "جوناثان" للتجنيد والمشاركة في قتال "الأشرار" حسبما كانت تزعم واشنطن.
وتوجه "جوناثان" إلى العراق للمرة الأولي في فبراير 2004 ضمن وحدة قوات مشاة البحرية "المارينز"، على الرغم من رفض عائلته تطوعه في الجيش ومشاركته في العراق، وتلقت والدته أول مكالمة منه في أبريل من نفس العام طمئنها خلالها على أوضاعه، وذلك عقب تعرض وحدته لكمين قتل خلاله تسعة أفراد منها.
وأوضحت "كولينز" أنها منذ تلك المكالمة لم تتحدث مع ابنها وكانت تأتيها الأخبار من خلال مجموعات آباء مشاة البحرية عبر البريد الإلكتروني وسط تعتيم حكومي على كل ما هو قادم من العراق بشأن القتلى والمصابين، مضيفة أنها علمت بوفاة أبنها لاحقًا من أفراد فصيلته العائدون.
جندية تروي كيف تم غسل أدمغة الأمريكيين
وفي شهادة أخري نقلتها "واشنطن بوست"، عن أحد المشاركين في الغزو الأمريكي وتدعي " هينيس سبان ماكروبرتس" والتي خدمت في العراق برتبة نقيب في الجيش الأمريكي عام 2003، وألقيت "سبان" 53 عامًا، الضوء على ظروف انضمامها للجيش الأمريكي عام 1992 بعد أن انضمت إلي منحة تدريب ضباط الاحتياط، واستمرت مدة خدمتها كضابط حتي عام 2000، ثم بقيت على قوة الاحتياط بسبب وجود فائض من الجنود.
وقالت "سبان" والتي تعمل في الأصل فنانة مسرحية، إنه عقب أحداث 11 سبتمبر استدعي الجيش الأمريكي عدد كبير من قوات الإحتياطي حتي شهر فبراير 2003 قبيل أشهر من غزو العراق، تحت شعار عملية حرية العراق وحينها تأكدت من أنه سيكون علينا أن ندفع ثمنًا باهظًا لما نحن مقدمين عليه، وذلك حسب قولها.
وأشارت "سبان" إلي ما أسمته غسيل الأدمغة والدور الحقيقي للإعلام الأمريكي وأحهزة الحكومة الفيدرالية في الحشد لذلك الغزو، موضحة أنه عند وصولها إلي الكويت والإلتقاء بحنود وحدتها المكونين من 60 فرد ونقلهم إلى العراق وبالتحديد إلي مدينة الفلوجة والتي كانت أحد أكبر مناطق القتال، وعقب رؤيتها للعراقين تساءلت عما إذا كنا تعرض الشعب الأمريكي لغسيل أدمغة، قائلة:"هل هؤلاء الناس منزعجون حقاً من صدام حسين؟ أنا لا أرى ذلك. نحن هنا نمزق بلادهم".
ومما سبق يتضح لنا أن الولايات المتحدة وبعد عفدين من غزو العراق لم تستطع إقامة الديمقراطية فى العراق، بل تحولت الأوضاع الأن إلي فوضي وصراع سياسي طائفي ورهينة للصراعات الدوليةـ فضلاً عن غياب الديمقراطية القائمة على تداول السلطة بين الأحزاب.