صلاة التراويح كيف تصلى
صلاة التراويح كيف تصلى، يرى جمهور الفقهاء أنّ صلاة التراويح تُؤدّى ركعتَين ركعتَين؛ لِما رواه ابن عمر -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى)،[١] واختلفوا في جواز صلاتها دون السلام بين كلّ ركعتَين؛ فذهب الحنفية إلى جواز صلاة التراويح كاملة بتسليمة واحدة، في حين رأى الشافعية بُطلان صلاة من صلّى أربع ركعات بتسليمة واحدة إن كان فعل ذلك مُتعمِّدًا، وكذلك اعتبر الحنابلة أنّ من قام بعد الركعة الثانية عليه أن يرجع ليُسلّم، فإن لم يفعل بَطلت صلاته،[٢] ويرى المالكية أنّه يُندَب للمُصلّي السلام بعد كُلّ ركعتَين، ويُكرَه السلام بعد كُلّ أربع ركعات،[٣] كما يُشرَع جلوس الإمام للاستراحة بعد كُلّ أربعِ ركعات منها؛ ليُفسِح المجال للناس لِشُرب الماء، أو غيره، وتجوز لهم قراءة سورة الإخلاص ثلاث مرّات في كلّ استراحة.[٤]
كيف تُصلّى صلاة التراويح
وقد وردت كيفيّة الصلاة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وعن الصحابة -رضي الله عنهم-، ومَن جاء بَعدهم من التابعين؛ فالمُسلم يبدأ بالطهارة، وسَتر عورته، ثمّ يستقبل القِبلة بوجهه، ويتوجّه إلى الله -تعالى- بقلبه مُخلصًا عمله له، ثُمّ يبدأ الصلاة بتكبيرة الإحرام؛ فيقولها بلسانه: "الله أكبر"، ثُمّ يقرأ بسورة الفاتحة، ويقرأ بعدها ما تيسّر له من القُرآن الكريم، ثُمّ يركع حتى يطمئنّ في رُكوعه، ثُمّ يرفع من الرُّكوع حتى يطمئنّ وهو قائم، ثُمّ يسجد على أعضائه السبعة، وهي: اليدَين، والرِّجلَين، والرُّكبتَين، والوجه، ثُمّ يرفع من سُجوده، ثمّ يسجد مرّة أُخرى، وبعد الانتهاء من السجدة الثانية يكون قد أنهى الركعة الأولى، ثُمّ يقوم للركعة الثانية، ويفعل كما فعل في الركعة الأُولى، وفي آخر الصلاة يجلس للتشهُّد والصلاة على النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ثُمّ يدعو بما شاء من الدُّعاء، ثُمّ يُسلّم عن يمينه وشماله ممّن بجانبه من الملائكة والناس.[٥]
وقت صلاة التراويح
يبدأ وقت صلاة التراويح بعد الانتهاء من صلاة سُنّة العِشاء وقبل الوتر، ويمتدُّ وقتها إلى أذان الفجر الثاني، ومن صلّاها قبل العِشاء لزمته الإعادة؛ لأنّها من السُّنَن التابعة للفريضة، فلا تُؤدّى إلّا بَعدها، كما لا تصحُّ صلاتها بَعد الفجر؛ لِفوات وقتها، وهي من الصلوات التي لا تُقضى بعد خُروج وقتها، وصلاتها بعد فرض العِشاء وقبل السنّة جائز، إلّا أنّ الأفضل القيام بها بعد السنّة.[٦]
اشتراط النيّة في صلاة التراويح
يُعَدّ تعيين النيّة لصلاة التراويح شرطًا عند الشافعية، والحنابلة، وبعض الحنفية؛ فلا تجوز عندهم الصلاة دون تحديد النيّة؛ إذ ينوي المُصلّي أداء قيام الليل في رمضان؛ لأنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ)،[٧] وقد بيّن الحنفية أنّ صلاة السنّة لا تجوز بنيّة مُطلَقة دون تحديد، أو بنيّة صلاة التطوُّع، إلّا أنّهم اختلفوا في حُكم تجديد النيّة بعد كُلّ سلام، أو بعد كُلّ ركعتَين على قولَين؛ بين الجواز، وعَدَمه، والأفضل عندهم اشتراط النيّة بعد كُلّ ركعتَين؛ لأنّ المُصلّي يخرج من الصلاة، ويبدأ صلاةً جديدة بعد السلام، ويرى الحنابلة استحباب تجديد النيّة بعد كُلّ ركعتَين،[٨] وهذا بخلاف المالكيّة الذين لم يشترطوا نيّة تعيين لصلاة التراويح.[٩]
القراءة في صلاة التراويح
رأى الحنفيّة، والحنابلة أنّ من السنّة خَتم القُرآن في صلاة التراويح، وذلك لتحقيق سماع القُرآن كاملًا في صلاة التراويح، في حين يرى المالكية، والشافعية استحباب ختم القُرآن في صلاة التراويح، وتجوز للإمام قراءة سورة واحدة في جميع صلاته وإن كان ذلك بِخلاف الأولى، وقد ذهب المُعاصرون، ومنهم الشيخ ابن باز إلى أنّ الأمر في ذلك واسع؛ إذ يجوز للإمام أن يقرأ ما شاء من القُرآن بشرط عدم الإخلال بصحّة الصلاة، ومُراعاة أحوال المُصلّين، وإن كان الأفضل خَتم القُرآن في الصلاة.[١٠]
عدد ركعات صلاة التراويح
تعدّدت مذاهب الفقهاء في عدد ركعات صلاة التراويح، وذهبوا في المسألة إلى ثلاثة أقوال:
- ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية، والحنفية، والحنابلة إلى أنّها تُؤدّى عشرين ركعة، واستدلّوا بعمل الصحابة من المُهاجرين والأنصار.[١١]
- ذهب المالكيّة إلى أنّها سِتٌّ وثلاثون ركعة ما عدا الشَّفع والوَترالتي تصلى بعدها، واستدلّوا بعمل أهل المدينة في ذلك.[١٢]
الوَتر بعد صلاة التراويح
يُسَنّ للمُسلم أن يبقى مع الإمام حتى يُصلّي الوَتر، وإذا أراد الصلاة في آخر الليل، فإنّه يُصلّي ما شاء، ويكفيه الوَتر الأوّل الذي صلّاه مع الإمام، ويجوز له إذا نوى القيام بعد ذلك أن ينوي أداء صلاة التراويح عندما يُؤدّي الإمام صلاة الوَتر، وعندما يُسلّم الإمام فإنّه لا يُسلّم معه؛ إذ يقوم ويأتي بركعة أُخرى، ويُوتِر في آخر الليل.[١٥]
فَضل صلاة التراويح
أجمعَ العُلماء على أنّ حُكم صلاة التراويح سُنّة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولا عِبرة بالأقوال التي تقول بغير ذلك؛ لأنّها شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، وتُصلّى في كُلّ ليلة من ليالي رمضان؛ فلا يتحصّل قيام رمضان إلّا بقيام جميع لياليه، وممّا جاء في فَضل صلاتها أنّها سبب في مغفرة الذُّنوب؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ)،[١٦] كما أنّ من صلّاها مع الإمام وبقيَ معه حتى ينصرف، كَتب الله -تعالى- له أجر قيام الليل جميعه، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (من قامَ معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ فإنَّهُ يعدلُ قيامَ ليلةٍ).[١٧][١٨]