فضل يوم الجمعة وحُكم صلاة الجمعة وحكم الغسل والأعمال المستحبة فيه
يوم الجمعة من أهم الأيام وأحبها عند المسلمين. حيث يجتمع المسلمون في المسجد لأداء صلاة الجمعة، لذا فإن الجمعة هو يوم عيد للمسلمين ؛ هو يوم مخصص للمسلمين يتناقشون فيما بينهم في أمور دينهم وعالمهم من خلال خطبة الجمعة الأسبوعية، وبعد أداء الصلاة يلتقي المسلمون بالحب والرحمة، فإذا انتهت الصلاة وقضيت انتشروا في أرض الله قاصدا الرزق بالبيع والتجارة.
فضائل الجمعة والجمعة أفضل أيام الله، وقد ورد فيه فضائل كثيرة وسنن مستحبة، فإذا فعلها المسلم في هذا اليوم ينال الأجر العظيم.
فضل يوم الجمعة
يتميز يوم الجمعة عن غيره من الأيام بأفضلية خاصة لما فيه من الصلاة والذكر واجتماع المسلمين، وقد رُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله عليه الصّلاة والسلّام: (خير يوم طلعت عليه الشّمس يوم الجمعة، فيه خُلِق آدم، وفيه أُدْخِلَ الجنّة وفيه أهبط منها، ولا تقوم السّاعة إلا في يوم الجمعة)، وزاد مالك وأبو داود: (وفيه تيب عليه، وفيه مات، وما من دابّة إلا وهي مُصيّخة يوم الجمعة من حين تُصبح حين تطلع الشّمس شفقًا من السّاعة إلا الجنّ والإنس)، وزاد الترمذيّ: (وفيه ساعة لا يوافقها عبد مُسلم يُصلّي يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه إيّاه).
حُكم صلاة الجمعة
صلاة الجمعة مفروضةٌ واجبةٌ على كلِّ مسلمٍ ذكرٍ بالغٍ عاقلٍ حضر الجمعة وشهدها، وقد ثبتت فرضيتها بكتاب الله وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما أنّ الصحابة رضوان الله عليهم قد أجمعوا على فرضيتها وواظبوا على أدائها، وبيان أدلة فرضية الجمعة من الكتاب والسنة والإجماع فيما يلي:
دليل فرضيتها من كتاب الله: استدلَّ الفقهاء على فرضية صلاة الجمعة من قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)؛ حيث إن الأمر بالسّعي كما ورد في الآية في قوله تعالى (فاسعوا) إنّما يكون دليلًا على وجوب ذلك الأمر، كما أنّ الأمر بترك البيع المباح في أصله يدل على وجوب صلاة الجمعة؛ إذ حُرِّم البيع لأجل أداء الجمعة؛ حيث إن المباح لا ينتقل إلى الحرمة إلّا إن تعارض فعله مع ما هو واجبٌ مفروض.
دليل فَرَضيَّتها من السُّنة: استدلَّ الفقهاء على فرضية ووجوب صلاة الجمعة بما يرويه عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه توعَّد من تخلَّف عن صلاة الجمُعةِ بقوله: (لقد هممتُ أن آمرَ رجلًا يُصلِّي بالنّاسِ، ثم أُحرِّقُ على رجالٍ يتخلَّفونَ عنِ الجمُعةِ بيوتَهم)،كما استدلُّوا على فرضيتها بما رواه أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه، فقال: (خَطَبَنا رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- فقال: أيها النّاس توبوا إلى ربِّكم قبل أن تموتوا، وتَقَرَّبوا إلى الله بالأعمال الصّالحة قبل أن تُشغَلوا، وتحبّبوا إلى الله بالصّدقة في السرّ والعلانيّة تُجبَروا وتُنصَروا وتُرزَقوا، واعلموا أنّ الله تعالى كتب عليكم الجمعة في يومي هذا في شهري هذا في مقامي هذا).
دليل فرضية الجمعة من إجماع الصحابة والفقهاء: فقد ثبت إجماع الصحابة على مواظبة أداء صلاة الجمعة وعدم تركها مطلقًا إلا لعذر، كما أَجمَعَ الفُقهاء على ذلك ضمن شروط خاصة سيمرُّ ذكرها في ثنايا المقالة.
حكم غسل الجمعة
شُرع في يوم الجمعة للمُصلّي مجموعةٌ من الأعمال، ومن تلك الأعمال غسل الجمعة، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب الاغتسال لصلاة الجمعة، بينما ورد عن بعض التابعين القول بوجوبه نقلًا عن بعض الصحابة، أما وقت غسل الجمعة المستحب فيكون بعد طلوع الفجر إلى وقت الصلاة، وكلما اقترب وقت الغسل من وقت ذهاب المصلين للمساجد كان ذلك أفضل وأحبّ؛ لحصول القصد من الغسل؛ وهو النظافة من الأدران والأوساخ والروائح المكروهة، أمّا الاغتسال للجمعة قبل صلاة الفجر فلا يُعتبر غُسل جمعة.
يُشرع لمصلي الجمعة أن يُبْكر في الخروج للمسجد بعد الاغتسال؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّه قال: (من اغتَسَل يومَ الجُمعةِ غُسلَ الجنابةِ ثمَّ راح فكأنَّما قرَّب بدنةً، ومن راح في السَّاعةِ الثَّانيةِ فكأنَّما قرَّب بقرةً، ومن راح في السَّاعةِ الثَّالثةِ فكأنَّما قرَّب كبشًا أقرنَ، ومن راح في السَّاعةِ الرَّابعةِ فكأنَّما قرَّب دجاجةً ومن راح في السَّاعةِ الخامسةِ فكأنَّما قرَّب بيضةً، فإذا خرج الإمامُ حضرت الملائكةُ يستمعون الذِّكرَ)،أمّا قول النبي في الحديث (من اغتسل غسل الجنابة) أي اغتسل كغُسله للجنابة، وقيل: بل المقصود أنّه جامَعَ زوجته ثم اغتسل للجنابة.
يُشرَع للمصلّي بعد الاغتسال أن يلبس الجميل من ثيابه ثم يَتطيّب ويسير نحو المسجد بخطوات ثابتة هادئة غير مسرعٍ ولا مهرول؛ لما رُوِي عنه -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (منِ اغتسلَ يومَ الجُمعةِ فأحسنَ غسلَهُ، وتطَهَّرَ فأحسنَ طُهورَهُ، ولبسَ من أحسنِ ثيابِهِ، ومسَّ ما كتبَ اللَّهُ لَهُ من طيبِ أَهلِهِ، ثمَّ أتى الجمعةَ ولم يلغُ ولم يفرِّق بينَ اثنينِ، غفرَ لَهُ ما بينَهُ وبينَ الجمعةِ الأخرى).
صلاة وخُطبة الجمعة
صلاة الجمعة مقسومةٌ إلى خطبةٍ وصلاة يبتدئ الإمام أولًا بالخطبة ثم ينتقل لأداء الصلاة، فالخطبة والصلاة ركنان للجمعة لا بد من الإتيان بهما، وفيما يلي بيانٌ لركني الجمعة الرئيسين:
خُطبة الجمعة: تنقسم خطبة الجمعة إلى خطبتين، ويكون وقتهما قبل أداء صلاة الجمعة على العكس من صلاة العيدين؛ حيث إنّ الصلاة فيهما تسبق الخطبة، فتكون الصّلاة قبل الخطبة، وأقَلَّ ما يُجزء أن يُسمى خُطبةً عند العرب ما كان مشتملًا على حمد الله تعالى والصَّلاة على النبي، ووعظ الناس في بعض ما يتعلق بأمور دينهم ودنياهم، وقراءة شيءٍ ولو يسيرٍ من القرآن الكريم.
صلاة الجمعة: صلاة الجمعة في أصلها أربع ركعاتٍ كصلاة الظّهر؛ إلا أنّ خطبة الجمعة احتُسِبَت عن الركعتين الأوليين كما يقول الفقهاء، فبقي الركعتين الأخريين، وتُصلّى الجمعة جهرًا لا سرًا بإجماع أهل العلم، قال عمر: (صلاةُ الأضحى ركعتانِ، وصلاةُ الفطرِ ركعتانِ، وصلاةُ الجمعةِ ركعتانِ، وصلاةُ المسافرِ ركعتانِ، تمامٌ غيرُ قصرٍ، على لسانِ نبيِّكُم صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، وقد خاب من افترى).
أعمال مستحبة يوم الجمعة
وفي سياق فضائل يوم الجمعة، نستعرض أعمال مستحبة يوم الجمعة، حيث أنها من الموضوعات الهامة التي يبحث عنها عدد كبير من مستخدمي الإنترنت بنحو: «قراءة سورة الكهف في ليلته أو في نهاره، ومن قرأها أنار الله له ما بين الجمعتين».
ويعتبر من الأعمال المستحبة يوم الجمعة أيضًا: قراءة سورة المنافقين أو الجمعة، أو الأعلى، أو الغاشية، أو ما تيسّر منهما أثناء الصلاة كما كان يفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وقراءة كل من سورة الدخان، ويس في الليل، فمن فعل ذلك غفر الله له ذنبه، وقراءة سورة "الكافرون"، وسورة الإخلاص في صلاة المغرب.
ويستحب يوم الجمعة الإكثار من الصلاة على النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وأيضًا التبكير في الخروج إلى صلاة الجمعة، فكلّما بكّر المسلم في الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة بقصد أداء الصلاة، تضاعف أجره.
ومن الأعمال المستحبة: الاغتسال، وتقليم الأظافر، ووكذلك التطيب، ولبس أفضل الثياب، والتوجه بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى كثيرًا سواء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة، أو بأي دعاء آخر مع الإكثار من الحمد والتسبيح والابتهال، وإجلال الله عزّ وجل، والصلاة على نبيه المصطفى.