د. محمود جلال يكتب: (5) الابتكار في كينيا من منظور مؤشر الابتكار العالمي (ج1)
جهود تمويل الابتكار في كينيا
تعتبر دولة كينيا أكبر اقتصاد في شرق إفريقيا، وتتميز بمستوى عالٍ من التعليم والمعرفة التكنولوجية والابتكارية خاصة بين الشباب الكينيين، وبنية تحتية جيدة خاصة في قطاع الاتصالات، كما تتمتع بقوة عاملة متعلمة جيدًا، ومستوى عالٍ نسبيًا من تطور الأعمال والصناعة، وتوسع كبير في ريادة الأعمال حيث تمتلك أكثر من 7.41 مليون شركة متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة في عام 2016 بمعدل يصل لشركة كل 7 أفراد من المجتمع، حيث تقوم حكومتها بتشجيع وتسهيل ممارسة الأعمال التجارية والاستثمار المحلي والأجنبي.
أيضًا نجد أن القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي للاقتصاد في كينيا، والذي بدوره يدعم ريادة أعمال الشركات الناشئة وتمويل الابتكارات الداعمة للشمول المالي مثل الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول التي تستفيد من العدد الكبير للسكان في القارة الأفريقية وخاصة من الشباب، ونمو الطبقة الوسطى بالمجتمع والتوسع الحضري السريع، والقفزات السريعة في تطبيق تكنولوجيات الهاتف المحمول والإنترنت. بالإضافة لتطبيقها لنظام السوق الحرة التي تمكّن الشركات الصغيرة والمتوسطة من الازدهار، الأمر الذي يجعلها مثالًا يحتذى به وسط البلدان النامية.
وكل هذه المقومات ساعدت في ازدهار ونمو مجموعة إيكويتي القابضة (Equity Group Holdings Limited - EGHL)) ومقرها العاصمة الكينية نيروبي بحيث أصبحت أكبر مقدم للخدمات المالية في شرق ووسط إفريقيا، بأصولها التي تجاوزت قيمتها في إفريقيا 10.1 مليار دولار أمريكي في 2021، وتقدم خدماتها في كينيا ورواندا وأوغندا وتنزانيا وجنوب السودان والكونغو.
وتتضمن المجموعة شركة خدمات التكنولوجيا المالية Finserve Africa والتي تستهدف تعزيز الشمول المالي من خلال جعل الخدمات المالية على منصة واحدة، والقيام بالمعاملات بسهولة ومرونة وتكلفة منخفضة، حيث تقوم بتقديم خدمات مالية متكاملة إلكترونيًا من خلال شبكة افتراضية للهاتف المحمول تسمى Equitel وهي شبكة فريدة من نوعها في كينيا، كما تتكامل مع شركات التكنولوجيا المالية (fintech) العالمية مثل Wave وWorld Remit وPayPal الأمر الذي ساعدها في أن تصبح رائدة في تلقي التحويلات المالية للكينيين المقيمين خارجها، وجعل هذه التحويلات تُشكّل جزءًا كبيرًا ومتزايدًا من التدفقات المالية الأجنبية في كينيا، وتقوم أيضا من خلال منصتها Jenga API بدمج مطوري البرامج والشركات الصغيرة والمتوسطة في نظامها البيئي وتمويل ابتكارتهم.
بالإضافة لشركة Equity Afia وهي عبارة عن شبكة إلكترونية لتقديم خدمات الرعاية الصحية في جميع أنحاء كينيا والتي تستهدف ضمان وصول جميع المواطنين إلى رعاية صحية عالية الجودة وبتكلفة منخفضة،
ومؤسسة Equity Group (EGF) والتي تستهدف تعزيز الرخاء الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين في إفريقيا ودمجهم في الاقتصاد الحديث من خلال تقديم برامج إنسانية للملايين في المنطقة في مجالات التعليم والقيادة، والأغذية والزراعة، والحماية الاجتماعية، والصحة، والطاقة النظيفة والبيئة، وتطوير المؤسسات والشمول المالي،
ووكالة تأمين Equity Insurance Agency (EIA) والتي تقدم خدمات تأمينية للكينيين بجميع مستويات دخلهم، كما تتعاون مع شركات التأمين لتقديم مجموعة كبيرة من الخدمات التأمينية بما يسمى بالتأمين البنكي.
وتعتمد برامج وخدمات المجموعة على التكنولوجيا والابتكار سعيًا لجعل أنشطتها تحقق عوائد اجتماعية واقتصادية للمجتمع من أجل خلق أجيال قادمة من القادة ورجال الأعمال الأفريقيين الناجحين.
وتمول مجموعة إيكويتي القابضة (EGHL) الابتكار في كينيا بصورة مباشرة وغير مباشرة من خلال الإقراض، وتعليم ريادة الأعمال، والأرباح المحتجزة حيث يتم الاحتفاظ بنسبة 60٪ من صافي أرباح المجموعة لتمويل الابتكار والتي بلغت 897.15 مليون دولار أمريكي في عام 2019، حيث يعمل دعم رأس المال من خلال المجموعة على تنشيط الابتكار في كينيا.
حيث ترى المجموعة أنه لتعزيز الابتكار:
- يجب سد فجوة تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في إفريقيا،
- وزيادة الإنفاق الخاص والعام على البحوث والتطوير،
- وتحول الاقتصادات الأفريقية من كونها اقتصادات سلعية إلى اقتصادات قائمة على الابتكار، بمعنى التحول من سوق للسلع يتاجر بها لتحقيق الربح كل من المنتجين والموردين والمشترين، إلى اقتصاد متقدم تكنولوجيًا وعلميًا ذي قدرة تنافسية وطنية يعتمد فيه بشكل أساسي على إنتاج السلع والخدمات على الأنشطة كثيفة المعرفة،
- وتمويل دمج الشركات الأفريقية الصغيرة والمتوسطة في سلاسل القيمة العالمية لدعم تحولها لاستخدام تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة من ذكاء اصطناعي وإنترنت الأشياء والروبوتات وغيرها من التكنولوجيات الحديثة وتطوير الكيانات الصناعية بها.
وللحديث بقية