بعد مرور عام.. هل نجحت الانتخابات المبكرة في كسر الجمود السياسي بالعراق؟ خبير يوضح
يشهد العراق حالة من التوتر الشديد حول قضية الانتخابات المبكرة، إذ يواصل زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، استخدام الحراك الجماهيري للضغط على خصومه السياسيين، وفي مقدمته، قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي.
فيحاول كل فريق أن يُلقي بكرة اللهب المشتعلة في ملعب الآخر، فيما تتأرجح الاتهامات أيضا من أجل أن تصبح السبيل الوحيد للتنصل من أي تقصير يحدث، وأن يخرج الجميع دون أي خسائر.
فعامًا مضى وآخر حل، حاملًا معه صراعات لم تحتدم بعد، وأزمات سياسية لم تجد طريقها إلى انفراجه، فلا اعتصامات حلت الانسداد السياسي القائم، ولا مبادرات استطاعت شق طريقها لحل الأزمة التي تزداد تعقيدًا يومًا تلو الآخر، وسط تعنت القوى السياسية وتمسكها بمواقفها.
غموض المستقبل العراقي
يسيطر الغموض على مستقبل الأوضاع العراقية، بهذه الكلمات كشف مصطفى صلاح الخبير في شؤون العلاقات الدولية، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، عن الأحوال التي يعيشها العراق.
وقال خبير العلاقات الدولية:" إن المشهد السياسي العراقي الآن يشهد حالة من الانقسامات، وعلى الرغم من اعتياد الشارع العراقي عليها إلا أنها هذه الفترة تصاعدت إلى حد الوصول للمواجهة العسكرية المباشرة بين مختلف القوى السياسية العراقية، وهو ما يمكن أن يفتح المجال أمام التدخلات الخارجية في تزكية طرف على حساب آخر".
وتابع "صلاح" في تصريحاته لـ "الفجر":"بعد أن كان هناك إمكانية لتحقيق الاستقرار بعد إجراء الانتخابات البرلمانية، والتي جاءت بعد سلسلة من الاحتجاجات الشعبية الرافضة للسياسات التي تنتهجها الأحزاب السياسية سواء تلك التي في الحكم أو في المعارضة، إلا أن هذه الانتخابات أفضت في النهاية إلى حالة من الانسداد السياسي بين التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي وهو ما ساهم في تصدر القوى السياسية التقليدية للمشهد العراقي من جديد وتراجع القوى الشبابية".
دعوات العودة للحوار
وأشار خبير العلاقات الدولية: "هناك دعوات داخلية وخارجية للعودة مجددًا إلى الحوار بين القوى السياسية العراقية لإعادة إنتاج تفاهمات جديدة يمكن من خلالها تحقيق نوع من أنواع الاستقرار".
وأختتم صلاح حديثه قائلًا:" إن هذه التحركات تواجه تحديات كبيرة في ظل تمسك كل طرف بمطالبه وهو ما يمكن أن يفتح المجال أمام إمكانية الصدام المباشر بينهم، وأنه لا بد من توافر الإرادة السياسية لهذه القوى لتعزيز الرغبة الشعبية الرافضة التدخلات الخارجية والبعد عن المحاصصات الطائفية وإعادة بناء الدولة وفق أسس القواعد الديموقراطية".
تصاعد الأزمة
وتصاعدت الأزمات خلال الفترة الأخيرة في العراق بسبب تنامي الصراعات الداخلية بين القوى السياسية العراقية، والتي زاد من حدتها التدخلات الخارجية من جانب بعض القوى الإقليمية والدولية.
فبعد مرور عشرة أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية لم يتم اختيار وتشكيل الحكومة بعد، وهو ما أدى إلى حدوث احتجاجات شعبية في كثير من المدن العراقية بعد إعلان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر اعتزاله من الحياة السياسية، وهو ما دفع أنصاره إلى اقتحام القصر الرئاسي، والاعتصام في المنطقة الخضراء.
وساهم في هذه التطورات الخلاف الداخلي بين التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي، بعدما وصلت مجريات الأوضاع العراقية إلى حالة من الجمود والانسداد السياسي بعدما تم إغلاق قنوات الاتصال والحوار بين القوى السياسية العراقية بمختلف اتجاهاتها.
محاولات الخروج من الأزمة
وقد عملت هذه الأحداث على ظهور مجموعة من المبادرات من جانب القوى الداخلية والخارجية نحو ضرورة العودة مجددًا إلى طاولة الحوار، وفتح باب النقاشات من جديد حول سبل الخروج من الأزمة الحالية بما يحافظ على التماسك الداخلي العراقي.
أما فيما يتعلق بالانتخابات التشريعية المبكرة، والتي تم إجراؤها في أكتوبر 2021، فكانت لها تأثير مباشر على تطورات الأوضاع الداخلية العراقية، فبعد أن جاءت هذه الانتخابات تعبيرًا عن تطلعات القوى الشبابية الرافضة لهيمنة القوى السياسية التقليدية باعتبار أن الانتخابات المبكرة جاءت استجابة لمطالب المحتجين عام 2019 والتي أدت إلى الإطاحة بالحكومة، إلا أنها تحولت بنتائجها إلى خلاف بين التيار الصدري وقوى الإطار التنسيقي خاصة بعدما أسفرت عن فوز التيار الصدري، بحصوله على 73 مقعدًا من مجموع 329 مقعدًا في البرلمان، وإن كان هذا الفوز لم يتيح للتيار الصدري تشكيل حكومة أغلبية بمفردها، وهو ما دفعها إلى تكوين تحالف لتشكيل حكومة ائتلاف وطنية.