الرد الثاني القانوني والتاريخي لهواش وريحان على الشماع بخصوص أحقية مصر لـ حجر رشيد
أعرب الدكتور محمد عطية هواش مدرس بقسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراة في القانون الدولي، والدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، عن تثمينهما لحالة النقاش الدائرة حول حجر رشيد والتي فجرها قانونيًا الدكتور هواش، ومدى تقديرهما لأي مصري يطالب بعودة ممتلكات بلاده، مع السعي والوقوف على آراء المتخصصين حتى لا يضيع حق بلادنا فيما تملك بسبب رعونة المطالبة دون أسانيد قانونية معتبرة دوليًا.
وأضافا أنهما تابعا ردود الأستاذ بسام الشماع، والتي نشرتها جريدة الفجر، والتي أورد فيها عدد من النقاط التي تحتاج إلى رد وتوضيح جديد، حيث نؤكد أن الخلاف حول مدى قانونية استرداد حجر رشيد من انجلترا هو خلاف في الحقيقة حول فهم وقراءة موقفنا القانوني من واقعة خروج الحجر من مصر وحيازة انجلترا له حتي اليوم، وهذه القراءة لموقف مصر القانوني مؤيدة بأدلة من القانوني الدولي (المعاهدات الدولية) والعرف الدولي اللذان يحكمان العلاقات بين الدول.
وأشارا إلى أن الغرض من هذه القراءة للموقف المصري هي طرح بدائل وإيجاد الثغرات التي يمكن من خلالها الولوج لاسترداد حجر رشيد بدلًا من سلوك طريق خاطئ تستغله انجلترا وتكون هي فيه صاحبة الموقف الأفضل من موقفنا، وليس الغرض أبدًا من قراءتنا القانونية تثبيت أحقية انجلترا في امتلاك هذا الأثر أو غيره.
وتابعا أن الأستاذ الشماع تناول في رده الذي نشرته الفجر تحت عنوان "قانوني وأثري: حجر رشيد حق أصيل لمصر وهواش خالف كلامه" النقاط الآتية:
1- هناك تصريحات أقدم للدكتور محمد عطية هواش تخالف ما يقوله اليوم، حيث أن له هو والدكتور ريحان تقريرًا صحفيًا منشورًا في موقع المصري اليوم وفيه يصرح هواش بأن حجر رشيد مسروقًا ويحق لمصر استرداده، والتقرير منشور في فبراير 2022، واليوم وبعد مرور 7 أشهر، يغاير كلامه ويصرح بأنه لا حق قانوني لمصر في حجر رشيد، فما الذي حدث ليختلف التصريحان بهذا الشكل.
2- أين الوثيقة التي وقع عليها العثمانيون والذين وصفهم هواش بأنهم الممثلون الدبلوماسيون لمصر في تلك المعاهدة.
3- مصر لم تشارك في تلك المعاهدة
4- رأي قانوني جديد " ونورد هنا ما علق به مستشارًا في القانون الدولي على الأمر حيث قال، هذا الموضوع معقد وشائك، ويمكن حسمه باللجوء للتحكيم الدولي،ويمكن الدفع هنا بأن الدولة المصرية كانت خاضعة للدولة العثمانية، ولم يكن لها الشخصية القانونية، وبحصولها على الاستقلال يكن منحقها مراجعة وإعادة النظر في تلك الاتفاقيات عن طريق التحكيم. "
وجاء رد هواش وريحان على ماسبق في عدة نقاط جاءت كالتالي:
1- القول بأننا ذكرنا في "المصري اليوم" أن حجر رشيد مسروقًا غير صحيح حيث أن الكلمات التي قيلت كالتالي "الآثار التي خرجت بشكل غير شرعي وليس لها أي سندات خروج وخرجت في ظروف تاريخية معينة مثل حجر رشيد" هنا كان الحديث عن الخروج غير المشروع وليس السرقة حيث أنه طبقًا لاتفاقية اليوندورا 1995 من أسباب استرداد الآثار أن تكون إمّا مسروقة أو خرجت بطريق غير مشروع، وهنا الإشارة إلي أن الخروج يبدو غير مشروعًا خاصة لوجود ملابسات تاريخية وتفاصيل كثيرة في موضوع خروج حجر رشيد، وبالتالي جاء أحد المقالات السابقة لنا والذي تم فيه قراءة الموقف المصري القانوني من خلال اتفاقيات الخلافة في فيينا 1978، 1983 ووجود موافقة حرة من قبل الدولة العثمانية وطبقًا للعرف الدولي السائد حينها والذي أشار إلي قوة موقف الإنجليز القانوني وبالتالي لم نذكر مطلقًا تكييفًا قانونية لواقعة خروج حجر رشيد أنها سرقة، بل ماذكرناه أنه الخروج بطريق غير مشروعة وباستقصاء حالة وتفاصيل الخروج لحجر رشيد تبين مشروعية خروجه في ضوء القانون الدولي والعرف الدولي والموافقة الحرة من الخلافة العثمانية.
2- التساؤل الذي طرحه الشماع وهو أين تلك الوثيقة التي وقع عليها العثمانيون والذين وصفهم هواش بأنهم الممثلون الدبلوماسيون لمصر في تلك المعاهدة، فالوثيقة موجودة في كتاب الدكتور محمد فؤاد شكري عن الحملة الفرنسية وأيضا كتاب كرستوفر هيرولد عن بونابرت في مصر، ويمكننا الرجوع لمداخلة الأستاذ بسام الشماع علي برنامج (صباح me) علي قناة مارمرقص بتاريخ 6 سبتمبر 2022 حيث ذكر الشماع اتفاق استسلام الفرنسيين وذكر الأطراف المشاركة بالاتفاق من جانب الأتراك والإنجليز والفرنسيين وهو الاتفاق الذي خرج بموجبه حجر رشيد من مصر.
3- وأضاف الشماع أن مصر لم تشارك في تلك المعاهدة، وونوضح أن هذه العبارة تجافي الحقيقة لأن مصر في تلك الأثناء كانت أحد أقاليم الدولة العثمانية وليس لها شخصية قانونية مستقلة، وما أورده السيد الشماع هو الرغبة في الانسلاخ من أي التزام شاركت في انشائه الخلافة العثمانية وهذا يعتبر من قبيل فكرة الصحيفة البيضاء والتي مفادها عدم التزام الدولة الخلف بما تعاهدت عليه الدولة السلف لكن هذه الفكرة غير ممكنة لأن ذلك ينطبق علي الدول المستقلة حديثًا ونحن خرجنا من مظلة الدولة العثمانية منذ 1914 وفي هذا التاريخ كان الانتداب البريطاني وبالتالي مستحيل أن تكون مصر أخطرت دول العالم بأنها غير ملتزمة بخلافة الدولة العثمانية في المعاهدات التي أبرمتها لأن مصر في هذا التاريخ كان يمثلها علي المستوي الدولي انجلترا نفسها بإعلان الانتداب علي مصر ولا يمكن أن تلجأ مصر في هذا التاريخ إلي مبدأ الصحيفة البيضاء في مواجهة انجلترا صاحبة الانتداب.
رد قانوني
4- أوردت المقالة ردًا قانونيًا بإمكانية اللجوء إلى التحكيم وهو رأي يفتقر إلى الموضوعية والمنطق القانوني للأسباب التالية:
• لا يوجد أي سند لإلزام انجلتر بقبول التحكيم مثل شرط تحكيم أو مشارطة تحكيم أو النص علي اللجوء إلى التحكيم في اتفاقية تشمل التعامل علي الآثار بين مصر وبريطانيا وبسبب عدم وجود هذا السند فإنه ينهي فكرة التحكيم في مهدها.
• من الممكن أن يحدث التحكيم فعلًا في حالة واحدة وهي قبول انجلترا التحكيم طواعية فهل من المنطق أن تقبل انجلترا بالتحكيم في حالة عدم وجود مصدر إلزام لها خاصة أن موقفها القانوني قوي وسليم طبقًا للعرف الدولي والاتفاقيات الدولية.
وختم الدكتور محمد عطية محمد هواش مدرس بقسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراة في القانون الدولي، والدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، قائلين نريد أن نؤكد أن تفنيد الموقف المصري بموضوعية هو السبيل الوحيد لمعرفة أنسب الطرق الملائمة لاسترداد تراثنا وليس وسيلة لثبيت حق المغتصب في آثارنا.
دعوة إلى مؤتمر علمي
وكانت الفجر قد دعت من خلال المقال السابق إلى مؤتمرًا علميًا يضم جميع الأطياف لمناقشة هذا الأمر والخروج بتوصيات ملزمة، وقد ضم الدكتور ريحان صوته إلى صوت محرر الفجر حسام زيدان وهو باحث أثري إضافة لكونه صحفي الملف بالجريدة، وقال إن تلك خطوة ستكون ذات ثقل علمي وتاريخي، ودعا ريحان وهواش جميع الأطراف المهتمة بعودة حجر رشيد للمشاركة في هذا المؤتمر حال انعقاده، حيث سيمثل نقطة انطلاق علمية أكاديمية ذات طابع شعبي وهو المطلوب لحسم تلك القضية