د. رشا سمير تكتب: إن غاب القط إلعب يا VAR!
فى السنوات القليلة الماضية دخل عالم الرياضة مصطلح جديد هو مصطلح الـVAR أو فيديو مساعدة الحكام.
المقصود بتقنية «الفار var» فى عالم الرياضة هو وجود حكم مساعد بالفيديو، فى الواقع لا يكون حكمًا واحدًا بل هو فريق مكون من ثلاثة حكام يعملون معًا ويقدمون المشورة لحكم الساحة إذا احتاجها، وذلك بمتابعة الإعادة بالفيديو للحوادث التى تضع الحكم فى حالة شك.
كان الهدف من إدخال هذه التكنولوجيا القضاء على الجدال والاختلاف على قرارات هيئة التحكيم، لكن على عكس المتوقع زادت الخلافات والحوارات ليس فقط على القرارات، لكن كذلك على طريقة استخدام التقنية الحديثة كنوع من الحسم فى قرارات البشر حين يختلفون.
توقفت طويلا أمام الفكرة وأمام المغزى منها وأمام كيفية استخدامها فى حياتنا اليومية!.
وأصبح السؤال المشروع أمام كل ما يحدث على الساحة الاجتماعية والسياسية خارج وداخل مصر.. ماذا لو كان الـVAR هو العين الثالثة لما يحدث فى كل مكان؟ ماذا لو كان من الممكن استخدام تلك التقنية فى اتخاذ القرارات وتعيين الوزراء والمسئولين فى كل مكان؟
ماذا لو؟!.
هل أخطأ أصحاب الرأى فى العقود الكثيرة الماضية فى بعض القرارات المصيرية، على سبيل المثال فى التخطيط والاقتصاد والصناعة والسياحة؟ بالقطع نعم!.
هل لو كان اللجوء للـVAR سببا فى إنقاذ اقتصاد مصر من المأزق الذى وقعت فيه كل دول العالم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وهوت فيه مصر بسبب قرارات خاطئة وحلول غير جادة بل وأحيانا توريطات تم طرحها من قبل الاقتصاديين حتى أصبح الدين الخارجى للدولة حملًا أثقل ظهر الدولة وعرقل مسيرتها..ربما كان الـVAR هو الصوت المحايد العاقل الذى كان لا بد لوزير المالية ومحافظ البنك المركزى وغيرهما أن يستمعوا إليه قبل فوات الأوان!.
على سبيل المثال فى حال تغيير الوزراء وتكليف غيرهم، كان من الممكن أن يصبح الـVAR هو شريط الفيديو الذى يستعرض فى لحظات حاسمة السيرة الذاتية لشخص يتم طرح اسمه لتولى حقيبة وزارية، فربما كانت هذه هى العصا السحرية لاختيار صائب لأن التاريخ القديم وإنجازات أى شخص هو سيرته الذاتية المستقبلية ودافعه للنجاح فى أى مكان يتم الترشح له.
فجأة أصبحنا أمام مأزق حقيقى، هو اختيار قيادات قادرة على استكمال المسيرة وتحقيق النجاح المطلوب منهم، بل ووضع سياسة واضحة للوزارة أو الهيئة، سياسة لا تتعارض مع تغيير الأشخاص، بل هو طريق محدد يُستكمل البناء فوقه بخروج شخص ودخول آخر.
على سبيل المثال، نحن نحاول منذ أعوام طويلة أن نضع خطة واضحة للتعليم فى مصر حيث إن التعليم هو اللبنة الرئيسية فى بناء أى دولة، والواقع أن التعليم شهد تدهورا عامًا بعد عام حتى جاء د.طارق شوقى معه الأمل، كان اختياره صائبا يعود لتاريخ طويل من الإنجازات العلمية، وفجأة بعد كل الإشادة والاختراعات التى كان التابلت وبنك المعلومات أهمها، تمت إقالة الرجل والاستعانة بآخر لوضع خطة جديدة!.. فهل كان الرجل بالفعل كفاءة نادرة؟ أم هو رجل لم يلجأ للـVAR فى قراراته ففشل؟ هل كانت قرارات فردية عشوائية أم كانت قرارات مدروسة؟ هل أشدنا به لنبرر اختياره؟ أم أعطيناه فرصة بعد فرصة فأخفق!.
ويبقى السؤال الأهم.. هل جاء الدكتور رضا حجازى ليستكمل الطريق أم جاء بخطة جديدة؟ وهل هى خطة مدروسة أم أن الطلاب سيظلون فئران تجارب للأبد حتى يخرج جيل جديد من الجهلاء المتخبطين ويبقى الوضع كما هو عليه؟!.
نفس الشىء يسرى على عدة وزارات أخرى منها السياحة التى كان الدكتور خالد العنانى واجهة مشرفة لها وكان كما كان ظاهرا لنا (والعلم عند الله) رجل يعمل ويكد وله رؤية، ثم فجأة سقط التمثال الجميل، هل هى محاولة لضخ دماء جديدة أم أن هناك شيئًا فى كواليس المشهد لا نعرفه؟
السياحة هى طوق النجاة لدولة تمتلك تاريخًا وتبحث عن مستقبل، السياحة هى الدخل القومى الأكيد لدولة متعثرة اقتصاديا.. فهل من منقذ؟
إنها مجرد أمثلة لأشياء تحتاج إلى تدخل سريع للـVAR حيث اتخاذ القرار مبنى على رؤية عينية مسجلة وتاريخ للقطة ربما أغفلتها العين البشرية حين انطلقت صفارة الحكم.
كل ما نتمناه الآن أن تنتهى ضربة الجزاء هذه المرة بهدف صحيح يقره الـVAR ويصفق له الجمهور.
وإن غاب القط إلعب يا VAR!.