الإدارية العليا: انتقام الرجل من المرأة لرفضها الزواج منه سلوك عدواني
قضت المحكمة الإدارية العليا دائرة الفحص برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محسن منصور وشعبان عبد العزيز نائبى رئيس مجلس الدولة بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من مدرس اللغة العربية (أ.ف.م) بمدرسة المنشية الثانوية وتأييد مجازاته بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر الكامل وأمرت بمصادرة الكفالة لقيامه بنشر صور شخصية لمُدرسة رفضت الزواج منه بعد أن تقدم لخطبتها تدعى (ھ.ف.ع) بمدرسة أم المؤمنين الثانوية بنات وتركيبه لصورة وجهها على جسد إمراة عارية الصدر ضمنها عبارات قذرة تعف المحكمة عن ذكرها تمثل سبًا وقذفًا ومساسًا بشرفها وتشهيرًا بها. وألصقها على منزلها والشارع والمحلات المجاورة لمحل اقامتها.
وأكدت المحكمة أنه مع مراعاة أن هيئة النيابة الإدارية لم تطعن على الحكم وقد ارتضت بتلك العقوبة التى لم تتناسب مُطلقًا مع ما اقترفه الطاعن من جُرم وانتقام فى حق إنسانة بريئة كل ما فعلته أنها استخدمت حقها الطبيعى فى رفضه كشريك لحياتها، مما غل يد المحكمة تطبيقًا لقاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه.
قالت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن الإسـلام أعطى المرأة حق اختيار شريك حياتها، فلا يجوز للرجل إجبارها على الزواج منه لأن هذا التدخل السافر يرفضه الإسلام حرصًا على حق المرأة في أن تختار بحرية ومن دون ضغوط شريك حياتها، لأن السكن النفسي هو أول وسائل الاستقرار العاطفي بين الزوجين للشعور بالطمأنينة والأمان النفسي والمودة والرحمة فحينئذ تختفي الخلافات والجرائم التي اقتحمت الحياة بين الأسر بل والحياة الزوجية المصرية والعربية، وحوّلت حياة كثير من الفتيات لرفضهن الزواج لمخاطر لا يحمد عقباها، بل وكثير من الأزواج والزوجات إلى جحيم لا يطاق.
وأضافت المحكمة إن مبادئ الإسلام توفر للمرأة في أمر زواجها الحماية الكافية لحريتها فى الاختيار دون إجبار، لتكوين حياة أسرية واجتماعية مستقرة وقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في حق اختيار كل منهما للآخر، ليتوافر مع ما جاء به الإسلام بين الزوجين من مودة ورحمة، لذا لا يجوز لرجل أن يجبر فتاة على الزواج منها عنوة بغير رضا، ولا يجوز له أن يسلك مسلكا مشينًا بالانتقام منها حال رفضها الزواج منه بأى وسيلة كانت مادية تمس جسدها وتنال من حقها فى الحياة أو معنوية تمس شرفها وتحط من قدرها وحقها فى السمعة والاعتبار، فذلك ما يتأباه منهج الأديان ويتعارض مع معانى الرجولة الحقة والكرامة الإنسانية.
عدم التوافق العاطفي أمر لا يجب أن يبحث عن أسبابه
وسجلت المحكمة فى حكمها أنه لا يجب أن يأخذ الرجل من أن رفض المرأة له للزواج بها أنه يجرح شخصه لأن مسألة عدم التوافق العاطفي أمر لا يجب أن يبحث عن أسبابه حتى ولو تسبب من الرفض ألمًا حاق به لما يسببه ايقاع العصر المتلاحق نحو اتخاذ وسائل التكنولوجيا والاتصال الحديثة لإحداث الأضرار والألام من مخاطر السوشيال ميديا التى نهشت الحق فى الخصوصية للأسر المصرية، ومن ثم فلا يجوز للرجل الانتقام من المراة التى رفضته وإلا عد ذلك عنفًا وسلوكا عدوانيا تجاه المرأة ينال من حقها فى الاختيار العاطفى لمن تأنس فيه شريكًا لقيام الحياة الزوجية على أسس من الود والتفاهم والتوافق، فالانتقام من المرأة بتشويه سمعتها لرفضها الزواج من المنتقم يُعدُّ من أنكَى جِراحات الحياة،
وأوضحت المحكمة أن الانتقام إهانة للمرأة ومهانة للرجل، ولا يجوز للرجل العاقل أن يتخذ من رفض الفتاة للزواج منه على محمل شخصي فهو ليس فشلًا بقدر كونه عدم تاّلف بين روحين لم يتاَخيا على درب الحياة، والمشرع حماية للمرأة قام بتجريم عدوان الرجل على المرأة سواء فى كيانها الجسدى أو المعنوى أيًا كانت الأسباب، وأحلكها الانتقام لرفضها الزواج منه فهى مصونة لا تُمس، ومن الذكاء العاطفى أن يعتمد الرجل على ثقافة العقل والقلب معًا فى مملكة المشاعر فيتخذ من الرفض حافزًا للطموح والوصول لقمة النجاح وتأثيره العظيم في مسار حياته العملية والعاطفية وليترك فرصة للتندم عليه حينما تدور الأيام ويفترق كل فى طريق.
وأشارت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن الطاعن (أ.ف.م ) مدرس اللغة العربية بمدرسة المنشية الثانوية نشر صور شخصية للمُدرسة (ھ.ف.ع) بمدرسة أم المؤمنين الثانوية بنات وضمنها عبارات قذرة تعف المحكمة عن ذكرها تمثل سبًا وقذفًا ومساسًا بشرفها وتشهيرًا بها لرفضها الزواج منه، وشرحت المُدرسة للمحكمة أن الطاعن تقدم لخطبتها وأثناء جلسة تعارفهما بإحدى الكافيهات قام بسرقة تليفونها المحمول، ثم عندما رفضت طلبه لخطبتها فوجئت بعدها بعدة أيام بوجود صور لها منشورة وملصقة فى مدخل العمارة وفي الشارع والمحلات المجاورة لمحل اقامتها تتضمن وجهها وقد تم تركيبه على إمراة أخرى عارية الصدر وقد كتب عليها عبارات مسيئة تشهر بسمعتها وتسئ إليها، وأنها فوجئت بالجيران يوم وقفة العيد الكبير جمعوا الصور من على مدخل العمارة والمحلات المجاورة وأعطوها لها ومرفق صور منها بجوارها عبارات مسيئة ومشينة، وهو ما ثبت فى حق الطاعن بشهادة الشهود الذين أطلعهم على صورة وجهها على جسد إمرأة عارية الصدر من هاتفه المحمول وقد كتب على تلك الصور عبارات خادشة للحياء تمس بشرف وكرامة المعلمة وتمثل سبًا وقذفًا وتشهیرًا بها.
واختتمت المحكمة أن الثابت من تقرير الإدارة العامة لشئون التزييف والتزوير - قطاع الطب الشرعي في القضية رقم ٢ لسنة ۲۰۱۹ ورد به أن الطاعن هو المحرر بخط يده للعبارات الموجودة على هامش الصورتين سالفتي الذكر، من ثم تكون المخالفة المنسوبة إلى الطاعن قد ثبتت في حقه ثبوتا يقينيا بما يستوجب معه مجازاته عنها تأديبيا بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر الكامل وهو الجزاء الأوفى مع مراعاة أن هيئة النيابة الإدارية لم تطعن على الحكم وقد ارتضت بتلك العقوبة التى لم تتناسب مُطلقًا مع ما اقترفه الطاعن من جُرم وانتقام فى حق إنسانة بريئة كل ما فعلته أنها استخدمت حقها الطبيعى فى رفضه كشريك لحياتها.
ودحضت المحكمة ادعاء الطاعن ضد زميلته بقوله بسبق صدور حكم جنائي ببراءته، حيث أن ذلك مردود بأن الجنحة رقم 7347 لسنة ٢٠١٨ جنح قسم بنها والمستأنفة برقم 41805 لسنة ٢٠١٨ جنح مستأنف بنها والتي قضي فيها ببراءة الطاعن من التهمة المنسوبة إليه لا تمت بصلة للمخالفة محل الطعن الماثل، إذ تحرر بشأن أسطوانات مدمجة قدمتها الشاكية مثبتأ عليها محادثات ادعت إنه ا بين الشاكي وآخرين يطالبهم فيها بالاعتداء عليها بالضرب، وهو الأمر الذي يختلف تمامًا عن موضوع الاتهام المنسوب للطاعن الخاص بنشر صورها مفبركة على إمراة عارية الصدر وكتابة عبارات قذرة بخط يده تنال من سمعتها وتحط من قدرها وتنتهك شرفها، وهو ما تطرحه المحكمة جانبًا، ويغدو طعنه لا سند له من القانون ولا ظل له من الواقع متعين الرفض.