حكاية أشهر "أغا" في مصر بعصر الخديوي إسماعيل

أخبار مصر

الأغا
الأغا

قال الدكتور ولاء الدين بدوي الخبير في تاريخ وآثار العصر الحديث، إن كلمة الأغا هي كلمة تركية وتطلق على االمشرف أو القائم بالاعمال الهامة، كما تطلق على الخصى أسمر البشرة الذى يؤذن له بدخول غرف النساء، أما اللالا فلفظ يطلق على من يقوم بتربية اولاد السلاطين والأمراء.

أشهر أغوات مصر 

وتابع بدوي في تصريحات للفجر، أن أشهر أغا فى مصر هو خليل أغا زمن الخديو اسماعيل، وكان خصيًا فكان مسموح له بخول مناطق الحريم، وقد يبلغ الأمر أن يدخل مع السيدة فى الحمام فلا يخشى منه لأنه والسيدة سواء.

كان خليل أغا من أشهر أغوات زمانه و"اللالا" حينه وأوانه إذ كان كبير أغوات الوالدة باشا هوشيار قادين زوجة إبراهيم باشا الذى حكم مصر لشهور بالانابة عن ابيه محمد على باشا الكبير، وجعلته هوشيار هانم اللالا – أى مربيا – لولدها إسماعيل.

اسماعيل يتولى الحكم

وتابع بدوي أنه فى عام 1279هـ / 1863م تولى إسماعيل عرش البلاد ولم ينس فضل مربيه عليه فقام بتوليته المهام الكبار، منها منصب كبير المشرفين على الأمور الخاصة للخديوي، أو كما كان يطلق عليه “البشكرجي”، وقد كان هذا المنصب غير منتشر في مصر قبل أن يشغله خليل أفندي أغا ؛ وكانت مهامه كثيرة، فقد كان ناظر السرايات، وكان مشرفًا على أفراح أبناء الخديو إسماعيل ومنها الإشراف بنفسه على أفراح الأنجال أبناء الخديوى إسماعيل؛ هم الأمراء “محمد توفيق” و”حسين كامل” و”حسن باشا” والاميره فاطمة " الذي استمر لأربعين ليلة متتالية.

وقد ابتدأت هذه الأفراح – والحديث لأحمد شفيق باشا فى كتابه "مذكراتى فى نصف قرن" – بعقد القران لابناء الخديو اسماعيل.وكان يرأس الحفله خليل أغا الذى كان محل إجلال الجميع من العلماء والنظار وكبار الأعيان وصل الأمر إلى أن وزراء هذا الزمان كانوا يقّبلون يديه كنوع من إظهار الولاء له معتقدين أن التودد لخليل أغا هو الضامن الوحيد لبقائهم في مناصبهم، ولنفوذه الكبير وكلمته النافذة في الدوائر الحكومية كانوا يعتبرونه صاحب اليد العُليا في المحروسة بعد الخديو إسماعيل وبذلك أصبح من ذوى الثروات الضخمة للعطايا والهدايا التى تغدق عليه.

كان الخديوى إسماعيل يلبس خليل أغا على مزاجه الخاص لأنه خادمه الخاص الذى يقدم إليه فنجان القهوة، أو يؤدى له رغباته الخاصة فى طاعة وخضوع لأن الطاعة وحدها لا تكفى بل يجب أن يؤدى مراسم الخضوع لأفندينا ولى النعم فينحنى عند المثول بين يديه، ويتراجع إلى الوراء عندما يأمره بالانصراف، وقد اختار الخديوى لخليل أغا زيه الرسمى وهو البدلة الأسطنبولى السوداء ذات الأزرار المقفولة حتى العنق والقميص الأبيض ذو الياقة المنشاة والإسورة المنشاة أيضا وتوضع بها زراير ذهبية وتظهر الياقة عالية فوق السترة، كما يضع فى قدميه حذاء من جلد الفرنيه الأسود اللامع وعلى رأسه طربوشا قصيرا بلا زر على أن يناسب احمرار الطربوش لون خليل أغا الأسمر." وما اكثر من يفعلون ذلك اغوات هذا الزمان وكل زمان " 

وقد بلغ نفوذ خليل أغا إنه كان يتوسط ليصلح بين زوجات الخديوى إسماعيل ومحظياته عند حدوث خلاف أو شقاق بينهم. وفى عام 1286هـ / 1869م كلفته هوشيار هانم بمباشرة أعمال بناء مسجد الرفاعى الذى امرت ببنأنه امام مسجد ومدرسة السلطان حسن ؛ وترتيب مايلزم من العمال وأعداد مواد البناء، فانطلق بعزم لايفتر وهمة لاتلين فى إنجاز ماكلف به. وقد دفع ذلك أديب الثورة العربية عبدالله النديم أن ينشد فيه ازجالا:

شوف الأغا فى النغنغا / زى التيران فى المزرعة

لوكنت انا صاحب الأغا / كنت اشتريله بردعة

ويستكمل د. سيد عشماوى فى كتابه العيب فى الذات الملكية ( وعندما سمع خليل أغا بذلك أمر بأن يجلد عبدالله النديم ويضرب بالقباقيب حتى يذهب بصره ).كان خليل أغا من رواد الداعين إلى التعليم الأهلى بعيدا عن التعليم الأميرى الذى تقدمه الحكومة فى مدارسها إذ انشأ جهة المشهد الحسينى مدرسة لتعليم الأيتام وأوقف عليها الأوقاف الجزيلة ليخلد بها أسمه وذكراه، وعن ذلك يذكر أمين سامى باشا فى كتابه تقويم النيل فى حوادث شهر صفر عام 1286هـ / 1869م ( تكرم حضرة سعادتلو خليل أغا باش أغا أغوات حضرة المفخمة والدة الحضرة الخديوية بأنشأ مدرسة لأربعين من الأيتام وأغدق عليهم الخيرات الكثيرة والمبرات العظيمة وسمح أيضا لطلاب العلم الذي يريدون التزود فى الأتظام فى سلكها فنال من الرغبة فى الدعوات الصالحات فى الدنيا والآخرة ).

وقد هدمت مدرسة خليل أغا جهة المشهد الحسينى وبنى محلها مشيخة الأزهر وافتتحت فى 19/ 9 / 1936م ولايزال مبناها قائما إلى اليوم. وقد خصص لمدرسة خليل أغا مقرا جديدا بشارع فاروق – الجيش حاليا – حضر افتتاحه جلالة الملك فؤاد الأول فى 29/ 1 / 1930م.

وفى عام 1946م وعلى عهد الملك فاروق تحولت مدرسة خليل أغا من مدرسة ابتدائية إلى مدرسة ثانوية وتحولت تبعيتها من وزارة الأوقاف إلى وزارة المعارف العمومية.

أعد خليل أغا مدفنا له بشارع السيدة نفيسة بقرافة الأمام الشافعى وعلى جارى العادة الحق بالمدفن سبيلا – لاوجود له الآن - لرى العطاشى من المارة وعن ذلك يذكر على مبارك فىكتابه الخطط التوفيقية ( سبيل خليل أغا هو بجوار مشهد الأمام الشافعى انشأه خليل أغا باش أغوات والدة الخديوى إسماعيل فى سنة 1288هـ وجعل بجواره مدفنا وبستانا نضرا وعدة مساكن وشعائره مقامة من طرفه ) ولأن المرء كالظل ولا بد أن يزول ذاك الظل بعد أمتداد، ذهب ظله وسكن قبره وترك وراءه نزاعا محتدا ودعاوى قضائية إلى اليوم حول 1800 فدان فى محافظات الغربية وكفر الشيخ والقاهرة بين ورثته ووزارة الأوقاف.

خليل أغا مالوش أبناء ولا احفاد له عتقاء كما هو مذكور في الحجه الرسمية أما الورثة الشرعيين فهما أحفاد اخوه عبدالله أغا أمين.

B65B408A-B069-4599-BDB4-1121DC4F5277
B65B408A-B069-4599-BDB4-1121DC4F5277
8F929BB6-8B97-4564-ACE5-B9BB2C8D05B1
8F929BB6-8B97-4564-ACE5-B9BB2C8D05B1
4516F0DA-86D7-4748-85FB-878AB7DE6754
4516F0DA-86D7-4748-85FB-878AB7DE6754
C48DC47E-C713-4F64-8F0C-2C300D456901
C48DC47E-C713-4F64-8F0C-2C300D456901