سها سعيد: الروتين الحكومى يدفع المواطن للاتجار فى الآثار
المتاحف المفتوحة مشروعات معرضة للسرقة
بعد سنوات طويلة من وقائع اختفاء وتهريب الآثار المصرية، وفى بداية ٢٠١٩ أعلن الدكتور خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، بدء تنفيذ مشروع «ضخم» لجرد محتويات المخازن والتسجيل الإلكترونى للقطع الأثرية، وذلك بالتعاون مع وزارة الاتصالات.
وشهدت الفترة السابقة للقرار عمليات بيع لقطع أثرية نادرة فى مزادات عالمية، كان أشهرها تمثال سخم كا، ورأس توت عنخ آمون، ومنذ أيام تم الإعلان عن اعتقال جان لوك مارتينيز، الرئيس السابق لمتحف اللوفر، وسفير فرنسا الرسمى للتعاون بقضايا التراث، للاشتباه فى تورطه فى الاحتيال وتهريب آثار من القاهرة إبان ثورة ٢٥ يناير، بلغ عددها ٥ قطع تم بيعها لمتحف لوفر أبو ظبى، إلى جانب اتهامه بغسل الأموال، فى حين لم يتم إثبات خروج تلك القطع بطرق غير شرعية نظرًا لأنها غير مسجلة من الأصل لدى الآثار. والمخازن ليست المصدر الرئيسى أو الوحيد لخروج القطع الأثرية التى تباع فى مزادات العالم، أو تبدد بطرق أخرى، فمن المصادر تجار قاموا بشراء قطع أثرية بطرق شرعية قبل صدور قانون تجريم بيع الآثار، وأيضًا ما يتم استخراجه من عمليات التنقيب خلسة، ثم البيع دون المرور على سجلات الوزارة.
حاورت «الفجر» سها سعيد، وكيل لجنة السياحة والآثار والثقافة بمجلس الشيوخ، وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، للإجابة على السؤال المهم: كيف نحمى أثارنا من التبديد؟
تقول سها السعيد إن المواطن يجب أن يكون جزءًا من معادلة الحفاظ على الآثار، وذلك عن طريق استفادته ماديًا من وجود الآثار فى مصر، فوزارة السياحة والآثار نفذت مؤخرًا العديد من المتاحف المفتوحة، مثل معبد حتحور فى قنا ومتحف المسلة بالمطرية، وغيرها، وهذه المتاحف تقع داخل أحياء سكنية وإذا أردنا الحفاظ على الآثار من السرقة، فلا بد أن يستفيد المواطن ماديًا من تلك المتاحف، وهذا دافع كبير للحفاظ على الآثار وحمايتها.
كيف يمكن تحقيق ذلك وليست كل الآثار فى متاحف مفتوحة وسط أحياء سكنية؟
- بوضع استراتيجية تستهدف تنشيط السياحة الثقافية ودعم هويتها فى مصر، فمنذ حادث الأقصر فى التسعينيات والسياحة فى مصر تحولت إلى السياحة الشاطئية، وفقدت السياحة الثقافية بريقها ومكانتها، وهو ما أثر على المواطنين الذين كانوا يعيشون على السياحة الثقافية، وبالتالى لم تعد الآثار تعود عليهم بالربح، وبات المواطن يفضل عند العثور على قطعة أثرية بيعها والاستفادة منها، بدلًا من بقائها دون فائدة من وجهة نظره، هذا خلاف ضعاف النفوس ممن اتجهوا للتنقيب عن الآثار بحثا وراء الثروة.
هل هناك عوار قانونى يستفيد منه مهربوا الآثار فى بيعها بالخارج؟
- المعالجة الرديئة لحالات العثور على آثار تجعل المواطن يفضل بيعها وعدم الإبلاغ عنها، فهو يدخل فى تحقيقات كثيرة ويحرم من بيته أو أرضه التى عثر داخلها على آثار لفترة طويلة لحين الانتهاء من تفتيشها بالكامل، والتأكد من خلوها من أى آثار، وهذه خسائر كبيرة يتعرض لها المواطن.
ما المقترحات لتلافى ذلك؟
- تشجيع المواطن على تسليم الآثار والإبلاغ عنها، عبر حزمة من الإجراءات، مثل منحه الأولوية فى الاستفادة من المشروعات الاقتصادية، وربطه بمنظومة الدعم، وحصولهم على معاش مميز تكريما له على حماية الآثار، وإعفائه من مصروفات تعليم أبنائه، وغيرها من القرارات المماثلة التى تحفز المواطنين على الإبلاغ.
هل بدأ مجلس الشيوخ فى فتح ملف تبديد الآثار؟
- بدأ فى فتح ملف السياحة، لكنه لم يتطرق بعد لملف الآثار المنهوبة والمبددة، ورغم كون استراتيجية وزارة السياحة استراتيجية طموحة، إلا أنها تتعارض مع القوانين الموجودة حاليًا، وبالتالى من الصعب تنفيذها، وعلى سبيل المثال فإن الاستراتيجية تدعم السياحة البيئية، وفى الوقت نفسه فإن القانون لا يمنحها حق الترخيص. وكذلك لدينا مشكلة فى أن أغلب شركات السياحة المرخصة تعمل بالحج والعمرة وليس هناك تعاون معها للترويج للسياحة بالخارج، أو جلب السائحين.
هل من الممكن الاستعانة بسفارتنا بالخارج فى الترويج للسياحة الثقافية؟
- «التنسيقية» تعمل حاليًا على مشروع له علاقة بالمراكز الثقافية العالمية، فقد تبين أن وزارة الثقافة لا تسمح للفنانين التشكيليين المصريين بعرض لوحاتهم بالخارج، وهو ما نعمل على معالجته، لأن التعاطى الثقافى الدولى يفرض مظلة جيدة فى هذا الإطار، وهو مشروع تتبناه التنسيقية.