أستاذ آثار: تقرير لجنة التماثيل المضبوطة بالكويت هرطقة علمية والقطع ليست أثرية
وصف الدكتور أيمن وزيري أستاذ ورئيس قسم الآثار المصرية القديمة كلية الآثار جامعة الفيوم، ونائب رئيس إتحاد الأثريين المصريين والمُمثِّل العام لمؤسسي الإتحاد إقليميًا ودوليًا ما ورد في تقرير تقييم 5 تماثيل على أنها أثرية بأن هذا التقرير هو هرطقة فكرية.
جاء ذلك على خلفية حبس عدد من الأثريين العاملين في المنافذ الأثرية بمطار الأقصر حيث عُرض عليهم 5 تماثيل قبل خروجها من البلاد عبر المطار وقرروا بعدم أثريتها، ولما وصلت تلك القطع إلى الكويت حكمت لجنة أخرى هناك بأنها أثرية، وعلى إثر ذلك قامت النيابة العامة بحبس الأثريين المصريين، وقد صدرت عدة تحليلات من أساتذة ومتخصصين تؤيد ما ذهب إليه الأثريون المصريون في تقريرهم الأول بأنها قطع غير أثرية.
وقال الدكتور أيمن وزير فند حيثيات موضوع القضية من منظور الوثائق والمستندات التي وردت في حيثيات القضية بتاريخ 23 فبراير 2022م، بناءًا على قرار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار برقم (964) بتاريخ 20 فبراير 2022 وذلك وفقًا لتحليل النص الوارد في تقرير المعاينة السابق.
وتابع وزيري أنه ورد في تقرير المعاينة السابق والمحرر بتاريخ الأربعاء 23 فبراير 2022 من الإدارة العامة للآثار المستردة من لجنة تضمنت ثلاثة آثاريين (رئيسًا وإثنين من الأعضاء)، ولقد كان ذلك بناءً على قرار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار رقم 964 الصادر بتاريخ 20 فبراير 2022 وذلك لإثبات مدى أثريتهم من عدمه.
واجتمعت اللجنة من أجل معاينة الصور لخمس قطع مضبوطة بدولة الكويت ولقد ورد في التقرير أنه تم ترقيم القطع من رقم (1) إلى (5) ثم سردًا للوصف وشكلًا للصورة المرفقة وذلك كما يلي:
1. جزء من تمثال من الحجر الاسود الصلب يمثل المعبود آمون رع بالريشتين والذقن الملكية– يرجع إلى الأسرة 18 دولة حديثة.
من المتعارف عليه علميًا وكذلك إداريًا أن يتم الوصف والسرد والتأريخ بناءًا على أسباب، فأين تلك الأسباب التي تم تأريخ القطعة بناءًا عليها، كما أن التوصيف مُقتضب وغير دقيق علميًا، فكيف يُذكر أنه من الحجر الأسود الصلب، أي نوع من الأحجار السوداء الصلبة، وأقل ما يوصف به ذلك أنه نوع من الهرطقة وعدم توخي الدقة العلمية، ثم إن نوعية الحجر تبدو للعيان أنها ليست سوداء في المطلق العام، ومن النظر فيبدو أن هناك بلورات أو مكونات حجرية بيضاء اللون تكتنف لون الحجر، ثم إن كلمة صلب تبدو أيضًا غير دقيقة علميًا، فإلى أي نوع من نوعيات وتصنيفات الصلابة ينتمي ذلك الحجر المذكور أنه "صلب"، كما إن التقرير يبدو غير دقيق علميًا وفنيًا ومن المنظور التقني، فأين دلالات النسب التشريحية وإلى أي مدرسة فنية ينتمي ولماذا؟، وكيف تم التأريخ إلى الأسرة الثامنة عشرة وأين تلك الأسباب التي من خلالها تم التأريخ المذكور؟
2. جزء من تمثال لسيدة من الحجر الأسود يمثل سيدة ترتدى باروكة الشعر طويلة ووجه السيدة منحوت بأسلوب النحت الملكي لسيدات (ربما مشابه لوجه الملكة تي) من الأسرة 18 بالدولة الحديثة.
لماذا هنا لم يتم الذكر بأن الحجر الاسود المذكور صلبًا أم غير ذلك، كما إن التوصيف بأن وجه السيدة منحوت باسلوب النحت الملكي لسيدات، فما هو اسلوب النحت الملكي للسيدات وما الفرق بينه وبين اسلوب النحت للرجال، كما إن كلمة ربما مشابه لوجه الملكة تي المذكورة نصًا تفي بالغرض في أن كل ذلك إفتراضات وآراء قد تُخطىء وقد تُصيب، وفي علم الآثار ومجالاته فالخطأ وارد بنسبة أكبر من الصواب مما يستدعي الخطأ الضمني الوارد في التقرير شكلًا وموضوعًا ومضمونًا، ثم أين ما يفيد بالنسب التشريحية وأين ما يفيد بالملامح الفنية وأين دلالات توصيف الرداء وكيف يُمكن تصنيفه فنيًا، ثم إن الإقتضاب يبدو مُتمكنًا من التقرير فما الشيء الذي تقبض عليه السيدة وما دلالته العقائدية، وبغض النظر عن كل ما سبق فعلينا النظر إلى ملامح الوجه والعيون والأنف والفم التي يبدو فيها ومن خلالها أنه نوع فني مُبتذل ويُمكن أن يوصف على أقل تقدير بأنه يدل على "إزدراء الفن" أو "الإبتذال الفني"، فضلًا عن "الاقتضاب التقني".
3. جزء من تمثال ملكى يرتدى النمس والنقبة الواسعة ربما يكون من حجر البازلت – يرجع لأواخر الأسرة 18 دولة حديثة، وهنا يتضح عدم التوافق مع التوصيفات السابقة، ففي رقم (1) و(2) بدء الوصف بنوعية الحجر بشكل مؤكد وقاطع، ولكن هنا بدأ بالشكل الفني للتمثال بأنه تمثال ملكي، ثم قيل "ربما يكون من حجر البازلت" فلماذا قيل ربما هنا وتم التأكيد سابقًا على نوعية الحجر، وما الطريقة التي من خلالها تم تحديد نوعية الحجر أنه من البازلت؟، ثم كيف تم تأريخه لأواخر الأسرة الثامنة عشرة ولماذا؟، ألم ينظر أحدكم إلى النسب التشريحية لتلك القطعة المبتذلة فنيًا والمقتضبة تقنيًا، الم ينظر أحدكم لملامح الوجه المطلسمة، الم ينظر أحدكم إلى عدم توافق النسب شكلًا ومضمونًا وفنيًا وتقينيًا، وإذا تطرقنا للاسفسارات فهناك الكثير والكثير ولا بد أن نفيق من تلك المهزلة والهرطقة في إدعاء العلم.
4. تمثال صغير الحجم من الحجر يمثل المعبود حورس الصقر بالهيئة الأوزيرية.- يرجع إلى العصر المتأخر.
هنا أيضًا يتضح عدم التوافق مع التوصيفات السابقة، ففي رقم (1) و(2) بدء الوصف بنوعية الحجر بشكل مؤكد وقاطع، ولكن هنا وتحديدًا في رقم (3) ورقم (4) بدء بالشكل الفني للتمثال وحجمه، قيل أنه تمثال صغير الحجم ! فأين المقاسات التي وردت في التقرير ليتم القطع بأنه صغير الحجم من عدمه؟، ثم إن نوعية الحجر هنا غير مذكورة تحديدًا مثلما تم تحديدها سابقًا، فلماذا لم يتم تحديد نوعية الحجر هنا، هل كان التحديد صعبًا وكان تحديد نوعية الحجر في الأمثلة السابقة سهلًا وميسورًا ؟؟!! ثم لماذا قيل أن هذه الهيئة هي الهيئة الأوزيرية فلماذا لا تكون الهيئة البتاحية "هيئة بتاح" ولماذا لا تكون هيئة أخروية مُكفنة ؟ على أي سبب تم تحديدها أنها هيئة أوزيرية ووفقًا لأي شيء ؟؟؟ وإذا تمعنا النظر في التأريخ فلماذا تم التأريخ بالعصر المتأخر، وما الفرق بين العصر المتأخر والعصور المتأخرة وهل هناك فرق بينهما وبين عصر الإنتقال الثالث، وإلى أي أسرة من العصر المتأخر أو العصور المتأخرة يُمكن تأريخ تلك القطعة المُبتذلة والتي تُعبر عن إزدراء الفن إذا جاز التعبير، وأين دلالات النسب التشريحية، ألم ينظر أحدكم إلى عدم التوافق شكلًا ومضمونًا من أقصى الرأس إلى أخمص القدمين؟ واكتفى بذلك حاليًا وربما يكون للحديث بقية.
5. لوحة من الحجر ربما من البازلت منقوش عليها مشهد المحاكمة فى العالم الآخر وهذا المشهد من المناظر الشائعة فى اللوحات الجنائزية ومن الممكن تزويره فهى مشكوك فى أثريتها
هنا يبدو أيضًا عدم التوافق العلمي وعدم الوعي بكيفية كتابة تقرير علمي، فإذا تم ذكر اللوحة بأنها حجرية فلا يجدر أن يتم ذكر "ربما من البازلت"، وإذا تم الاستطاعة بتحديد أنها حجرية فيُمكن أيضًا وببساطة تأكيد نوعيتها من عدمه، وإلا فيكون الأمر جزافًا ويصير هرطقة إذا جاز التعبير، ثم إن القول بأن ذلك مشهد محاكمة يبدو أيضًا جزافًا فأي فصل أو أي مشهد من فصول ومشاهد المحاكمة ؟ ولماذا تم الحكم على أن هذا المشهد من المشاهد الشائعة في اللوحات الجنائزية، ولماذا تم التحديد بأنها لوحات جنائزية فلما لا تكون لوحات أخروية، وما الفرق بين اللوحات الجنائزية واللوحات الأخروية ولوحات تخليد الذكرى، إذا حددت فيجب عليك أن تكون واعي لأسباب التحديد جيدًا وإلا فلا
ثم إن ما ورد بقول "من الممكن تزويره فهي مشكوك في أثريتها" لماذا أكدتم أنها كذلك، وإذا جاز التعبير بذلك فلماذا يُمكن تزوير هذه القطعة ولا يُمكن تزوير القطع السابقة ؟؟؟ وإذا جاز تعبير أنها مشكوك في أثريتها فلماذا هذه مشكوك في أثريتها والباقي غير مشكوك في أثريته، وكيف تم التأكيد على إمكانية التزوير هنا في هذه القطعة تحديدًا ولم يرد ما يفيد مثل ذلك في باقي القطع السابقة ؟؟؟ هل هناك من يجيب على تلك الأسئلة لعل الله يهدينا إلى سبيل الصواب.
ثم ورد في نهاية التقرير النص التالي:
لقد انتهى تقرير المعاينة بما يلي: "ومن المعاينة الأولية التي قامت بها اللجنة للصور بعاليه تبين ان القطع أرقام مسلسل من رقم (1) حتى رقم (4) هى صور لقطع أثرية تنتمي إلى الحضارة المصرية القديمة وتخضع لقانون حماية الاثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته أما اللوحة الحجرية التى تحمل رقم مسلسل (5) فلم تتمكن اللجنة الفنية الحكم على أثريتها من عدمه من خلال الصور".
ما ورد فيما انتهى إليه التقرير يدل دلالة قاطعة على الهرطقة فعلًا، فكيف معاينة أولية وأين المعاينة التي تلي ذلك وأين مفادها ولما لم يتم نشرها للمجتمع الأثري ؟؟؟ ثم إن معاينة كتلك هل ينبغي أن تكون على الصور كما ورد نصًا "المعاينة الأولية التي قامت بها اللجنة للصور" فهل هذا عرفًا في الوزارة أن تتم المعاينة على "الصور"، وهل وصلنا فعلًا للقطع والتأكيد على أثرية شيء من عدمه من خلال الصور فقط، فإذا كان كذلك فلا نقول إلا ما شاء الله، ولكن علماء الآثار والمتخصصين في مجالات الآثار المصرية القديمة تحديدًا في خارج مصر وأيضًا في داخل مصر، أتحدى أن يدلي أحد منهم بدلوه في القطع والتأكيد بأثرية الشيء من عدمه وفقًا للصور، وبعد هذا العرض البسيط والسرد المبسط أترك الحكم للمتخصصين وأيضًا لغير المتخصصين فالموضوع يبدو واضحًا لكل من يستطيع أن يُفكر ويتدبر، فلنعقل ونتدبر أثابكم الله حفاظًا على الإرث الحضاري والتراث القومي المصري.