ننشر أسباب الحكم على المتهمين في قضية داعش إمبابة
أودعت الدائرة الرابعة إرهاب، بمحكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ، المنعقدة بمجمع محاكم طرة، حيثيات الحكم على 12 متهما في القضية الرقمية 271 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ إمبابة، والمقيدة برقم 8 لسنة 2021 كلي شمال الجيزة، والمعروفة إعلاميا بـ "داعش إمبابة".
وقالت المحكمة إنه بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة وأقوال المتهمين الحاضرين وسماع شهود الإثبات والشهود الذين استدعتهم المحكمة وسماع المرافعة والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا، وحيث إن وقائع هذه الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة، واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من مطالعة الأوراق، وما حوته من استدلالات وتحقيقات، وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة، تتحصل في أنه ومنذ عشرات السنين حاول أصحاب التيارات الضبابية المضللة، والمصالح الشخصية الممنهجة، الوصول لأهدافهم الخفية، فلم يجدوا سبيلًا غير سبيل التستر بالدين، والتحلي بصفات الواعظين، فأطلوا على المجتمع في ثياب الناصح الأمين، وادّعوا أنهم أرباب فتوى ودين، وفكر دعوي يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، واستعرضوا ما يزعمون أنه نهجهم المبين، من أجل إعلاء كلمتي الحق والدين، نهج يهدي إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار، وسعوا للسيطرة على عقول من استحسن قولهم وانخدع بمعسول حديثهم، فاستقطبوا فكرهم، وسكروا أبصارهم، وغشوا قلوبهم، فبايعوهم على السمع والطاعة وانساقوا خلفهم عمين، ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يُضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون.
وأشارت المحكمة بادئ ذي بدء إلى أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الأثبات وأن يأخذ بأية بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلًا لحكمه، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي أعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
وفي الختام، يبقى للمحكمة أن تقول لمن قضت ببراءتهم وهم بفكر تنظيم داعش مهتدون، أنكم كنتم على أعتاب الهاوية لولا فضلُ من الله ورحمة، فلا يغرنكم ظاهر القول منهم ما لم يصدقه العمل، فمن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام فراية الإسلام تأبى أن يرفعها قاتل أو سافك دماء، ونُصرة الدين لا تتأتى على حساب قتل المسلمين للمسلمين، بل واستباحة دماء الأخرين، ومن قال أن اثارة الفزع والرعب بين الآمنيين يُرضي الله رب العالمين، فلا يخدعنكم قول الحق في العَلنِ فالناس في السر غير الناس في العَلنِ، فلا يغرنكم قوم رفعوا شعار الدين، وألصقوا الكفر بالأخرين، فما هي إلا ذريعتهم لهدم أنظمة الدول وقتل التابعين، بزعم أنهم حماة الدين الذين أختصهم الله برفع الدنس عن بلاد المسلمين، ونسوا أو تناسوا (لوكانوا يعلمون) قوله تعالى في كتابه الكريم "ومَنَ كَفَرَ فَلَا يَحزُنكَ كُفرُهُ إِلَينَا مَرجِعُهُم فَنُنَبِئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنً اَللًهَ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُدُورِ" وقال أيضًا جل في علاه "وَلـو شِئنَا لَأَتَينَا كُلً نَفسٍ هُدَاهَا وَلَكِن حَقً القَولُ مِنى لَأَملَأَنً جَهَنًمَ مِنَ الجِنًةِ وَالنًاسِ أَجمَعِينَ" فما كان الله ليعجزه أن يُلهم كل نفس هُداها، ولكن لحكمة تغياها ِألهمها فجورها وتقواها، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء، فلو كان لهذا التنظيم في رسول الله أسوة حسنة لأهتدوا بهديه وأتبعوا سنته وأفشوا السلام بين الناس وكان أمرهم شورى بينهم، فيا من زالت عناية الله تحفظه، فمن ذا الذي لو زالت عناية الله يحفظه.
وعن الأزهر الشريف، قالت المحكمة إن دستور جمهورية مصر العربية الصادر عام 2014 أورد في المادة السابعة منه أن الأزهر الشريف هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم، لذا فإن المحكمة تهيب بالأزهر الشريف أن ينتفض لعِمامَتِه، وينتصر اختصاصه الأصيل المقرر له بموجب الدستور، ويتربص المتجرئين على الدين وأرباب الافتئات على الفتوى بغير علم أو إجازة شرعية، ولو تطلب الأمر سن القوانين التي تُجرِم ذلك، فهاهم تراهم أصبحوا ملء السمع والبصر، وتسيدوا ساحات الدعوة ونشر علوم الدين عبر كل وسائل الإعلام وبعضًا من منابر المساجد، خاصة ما كان منها في القرى والنجوع، من غير أن يكون لهم نصيب من الدراسة العلمية أو المتخصصة، فلا تجعلوا الدعوة أهون الناظرين إليها، بل هي أخطرها على الإطلاق لأنها تمس عقيدة المسلمين، فمن لم يقف على حقيقة أحكامها عن جهل منه أنحرف بالمتلقي على قدر جهله، وإن كان ذلك عن عمد منه إنحرف بالمتلقي إلى حيث شاء وأضله عن صواب الطريق وكان عاقبة أمره خُسرا.
وأضافت تقول المحكمة لكل من أغواه فكره وغره علمه فعَظّم من شأنه ورفع من قدره وظن أنه قادر على فهم أصول الدين على وجهها الصحيح، والخوض في ساحة الدعوة ونقل ما حصله من الاستماع لدروس وخطب بعض المشايخ في الزوايا وبعض المساجد أو عبر الفضائيات وشرائط الكاسيت، أتق الله فيما تقول، فلا تدري قدر علم من على يده تعلمت، ولا يدري قدر علمك من على يدك تعلم، فمن ورائك من يعقد على فتواك فكره، ويغير بقولك مصير حياته، وتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم، فأيكم على الله أعز من نبيه محمد (ص) الذي خاطبه في كتابه العزيز قائلًا " فتعالى الله الملكُ الحقُ ولا تَعجَل بالقُرآنِ مِن قبَلِ أن يُقضَى إِلَيكَ وَحيُه وَقُل رَبً زِدنِي عِلمَا”.
وتابعت فيا من تعجل بالخوض في أمور الدين من غير أن يكون له حظًا من العلم الشرعي بالدراسة والإجازة، إياك أن يفتتن بك الناس عن جهل، فإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَطِ اللهِ لا يُلقي لها بالًا يهوى بها في جهنم، وإياك أن تغتر بعلمِ زائف أو منقوص فيكون لك جزاء من قال فيهم “ قُل هَل نُنَبِئُكُم بِالأَخسَرِينَ أَعمالا الّذِينَ ضَلّ سَعيُهُم فيِ الحَياة الدُنيا وَهُم يَحسَبُونَ أنَهُم يُحسِنُون صُنعًا”.
وأكدت أنه لهذه الأسباب، وبعد الاطلاع على المواد القانونية، حكمت المحكمة حضوريًا للرابع والسادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر، وغيابيًا للباقين، بمعاقبة كل من أحمد محمد بدر حسن، إبراهيم عادل إبراهيم عبد الفتاح، وأحمد عصام أحمد حسني بالسجن المؤبد عما أسند إليهم، ومعاقبة كل من محمود عبد العظيم إبراهيم بكر، وزيد أحمد توفيق محمد أبو راضي بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليهما، وبراءة كل من مصطفى حامد مصطفى عميرة، كمال مجدي كمال محمد، محمد كمال محمد الصادق، إسلام عليوة محمد صالح، إبراهيم محمد عراقي محمد جوهر، أحمد فؤاد بيومي عمر، يحيى زكريا عطيفي أحمد مما أسند إليهم، وإدراج المحكوم عليهم على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين.