هل استغلت "دونج فينج" الصينية وزارة قطاع الأعمال في الترويج لسياراتها؟!

بعد استيرادها من الخارج.. نكشف سبب فشل مشروع تصنيع السياراة الكهربائية في مصر

الاقتصاد

وزير قطاع الاعمال
وزير قطاع الاعمال والسيارة الكهربائية

بعد عامين من الاتفاق على تصنيع أول سيارة كهربائية فى مصر مع شركة دونج فينج الصينية، والإعلانات المتتالية من وزارة قطاع الأعمال العام حول خطوات التصنيع وكيف سيكون شكل السيارة وحتى تاريخ بداية انتاج اول سيارة حتى تبلورت كافة عناصر المشروع القومي ثم فجأتنا الوزارة بإعلان فشل المفاوضات دون أى سبب حقيقي معلن بعد أن قامت بعمل دعاية مجانية على مدار عامين متتاليين للشركة الصينية وسيارتها وتجاربها على الأرض وخلقت صورة ذهنية قوية لأول سيارة كهربائية فى مصر كانت الشركة الصينية ستستغرق عشرات السنين لرسمها فى ذهن المستهلك المصري مع تكاليف قد تصل إلى مليار دولار.

ولكن يبدو أن الشريك الصيني بعد أن استفاد من كل تلك الدعاية المجانية التى تمت بسذاجة واضحة من جانب وزير قطاع الأعمال هشام توفيق رأى أن مصلحته ومصلحة بلاده فى استيراد السيارة من الصين تامة الصنع من خلال وكيل محلي مستغلا الإعفاءات الجمركية على السيارات الكهربائية لتدخل الحصيلة كاملة في جيب الجانب الصيني دون أن تحصل الحكومة المصرية التى قدمت كافة أوجه التعاون على شئ ولا حتى نقل الخبرات وتكنولوجيا تصنيع السيارات الكهربائية إلى مصر وهو الهدف الأساسي الذي سعت له الحكومة طوال الفترة الماضية وذللت أمامه كافة العقوبات والمعوقات.

مصر حلوان لتجارة السيارات تعلن استيراد السيارة الكهربائية

على انقاض المشروع الحكومى القومي بنت شركة مصر حلوان لتجارة السيارات استراتيجيتها الجديدة لطرح أو سيارة كهربائية فى مصر مستورد بالكامل من الصين وقامت بالاتفاق مع شركة دونج فينج الصينية على استيراد السيارة والترويج لها فى السوق المصريمستغلة الدعاية الحكومية السابقة والاختبارات التى اجريت على السيارة فى الشارع المصري من خلال بروتوكول التعاون الذي ابرمته وزارة قطاع الأعمال العام مع شركة اوبر العالمية لاختبار عدد 20 سيارة كهربائية من انتاج شركة دونج فينج الصينية في الشوارع المصرية لاثبات ملائمتها للطبيعة المصرية بضمانة حكومية وهو ما أعطى السيارة امتياز جديد فى الشارع المصري دون ان يتحمل الجانب الصينيى اى تكلفة.


وأعلنت وزارة قطاع الأعمال في عهد هشام توفيق سعيها لإعادة إحياء شركة النصر لصناعة السيارات بعد أكثر من 11 عام من اعلان تصفيتها، والتي ارجع وقتها إلى ارتفاع خسائرها إلى أكثر من 2 مليار جنيه، وعدم جدواها الاستثمارية لضعف قدراتها التصنيعية على تطوير سيارة محلية الصنع تستطيع منافسة السيارات المستوردة في السوق المصري أو العالمي.

ورغم ما فرضته الظروف الاقتصادية حسب كثير من الخبراء الاقتصاديون على صعوبة عودة شركة النصر لصناعة السيارات  للعمل جديد، ومنافستها في أسواق السيارات العالمية، عمل " توفيق" على تمرير قراره بتحقيق حلم "تصنيع المحلي للسيارات" الذي راود كثير من المصريين بإنتاج السيارة الكهربائية، بداعي التوجه العالمي نحو تصنيع تلك النوعية من السيارات، وارتفاع الطلب عالميا عليها، وفي السوق المحلي للحفاظ على البيئة والتحول إلى الاقتصاد الأخضر.

جولة مفاوضات مع الشركات الصينية:


وبدأ الوزير جولة من المفاوضات مع عدد من الشركات الصينية في منتصف 2019؛ لتصنيع السيارة الكهربائية محليا في مصانع شركة النصر لصناعة السيارات، حتى وقع اختياره على شركة دونج فينج الصينية  التى وصفها وروج لها وقتها بأنها أحد أكبر الشركات الواعدة في صناعة السيارة الكهربائية عالميًا؛ وقام بزيارة مصانعها في ديسمبر 2019، واستعرض مراحل الإنتاج بالشركة، ثم زار بعدها قيادات شركة دونج فينج مصانع شركة النصر لصناعة السيارات لاستعراض خطوط الإنتاج وتعد وما تحتاجه من معدات لبدء إنتاج السيارة الكهربائية في  مصر.

وفي عام 2020 غاب وزير قطاع  الأعمال في الحديث عن تصنيع السيارة الكهربائية، وأكد توقف المفاوضات مع الشركة الصينية "دونج فينج" بعد تبادل الزيارات لانتشار فيروس كورونا في  الصين وتوقف مصانع الشركة هناك عن العمل، ثم عاد فجأة في بداية 2021 وفي ظل ضغوط  من البرلمان لتوضيح خطط الوزارة بعد عودة شركة النصر من التصفية وإنفاقه مبالغ ضخمة عليها لاعادة تشغيلها،  لإعلان التوصل إلى اتفاق مع شركة دونج فينج الصينية لتصنيع أحدي موديلات سيارتها الكهربائية وهو  E70  في السوق المصري.

وتم التوقيع على الاتفاق عن بعد  في حضور وزير قطاع الأعمال هشام توفيق في  18 يناير 2021  وهاني الخولي رئيس شركة النصر لصناعة السيارات الحالي، وعدد من قيادات الشركة الصينية دونج فينج، والتذي كشف خططها لإنتاج 2500 سيارة كهربائية في مصر  سنويا  في الوردية الواحدة على أن ترتفع معدلات الإنتاج  في السنوات التالية من بداية التصنيع في مصانع شركة النصر لصناعة السيارات، بنسبة مكون محلي 50%.

وعمل وزير قطاع الأعمال على التوجه للبنوك لتمويل  مشروع إنتاج السيارة الكهربائية وطلب قروض بقيمة 2 مليار جنيه من مختلف البنوك المصرية، كما قام  بالترويج للسيارة E-70  بشكل لافت في السوق المصري، وعقد مؤتمر ضخم في شهر يونيو من عام 2020، استعرض خلاله مميزات السيارة، والعقبة ظهوره في أحد البرامج التلفزيونية وهو يقوم بتجربتها ويشيد بقيادتها.

تجربة السيارة في الشوارع المصرية

وزير قطاع الاعمال أثناء تجربة السيارة الكهربائية

وكشفت تجربة السيارة نتائج جيدة للعمل في الشوارع المصرية  بعد  استقدم 13 نموذجا من منها  لتجربته من خلال احد شركات تطبيقات حجز السيارات الالكترونية في الشوارع المصرية وافادة الصينية  بأي تعديلات لادخالها عليها، وحفز المواطنين على شرائها من خلال  طرحها  بعد التفاوض مع الجانب الصيني بأسعار مخفضة تصل إلى 320 ألف وهي  لا مثيل لها في الاسواق الاخري، بالاضافة إلى أن منح وزارة المالية  حافز نقدي 50 ألف جنيه  لكل من يشتريها، مع نشر واسع لمحطات الشحن الخاصة بها وبتكلفة بسيطة  لإعادة شحنها.

و مع  ترقب طرح السيارة الكهربائية   E-70 الذي كان من المقرر منتصف 2022 وأنفاقه اكثر من  61 مليون جنيه لتهيئة مصانع شركة النصر على إنتاجها، فاجئ " توفيق " الجميع  وأعلن وقف المفاوضات مع شركة دونج فينج الصينية بشكل مفاجئ، بسبب رفضها  تخفيض سعر استيراد المنتج المستورد حتى تتمكن شركة النصر من طرح السيارة بسعر تنافسي كما وعد سابقا.

خبير: اتفاق وزارة قطاع الأعمال مع الشركة الصينية لم يضع ضوابط ملزمة

 الدكتور / رشاد عبده الخبير الاقتصادي

وعلق الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي على قيام شركة دونج فينج بطرح سيارتها في السوق المصري دون تصنيعها محليا، إلى أن هذا يرجع إلى عدم صياغة وزارة قطاع الأعمال تعاقد يوضح الضوابط التى يجب ان تراعيها الشركة بعد فسخ تعاقدها معها.

واضاف "عبده"، "من الواضح أن الاتفاق الذي تم صياغته بين قطاع الأعمال وشركة دونج فينج الصينية لم يتم وفق ضوابط قانونية؛ وهو ما جعل الشركة تفسخ تعاقدها بكل سهولة وتتجه للتعاون القطاع الخاص دون أي شروط جزائية تقع عليها.


وأشار "عبده"، إلى أن الشركة الصينية استغرق وقت أطول من المسموح به في أي اتفاق لإجراء التفاوض مع قطاع الأعمال، خاصة وأنها تدرك أن هذا المشروع أصبح مشروع قومي مصري وكان لا بد من توقيع غرامات عليها، مؤكدا أن طول مدة التفاوض جاءت في صالحها حيث استفادت منها للترويج للمواصفات السيارة حتى تسهل عملية بيعها عند طرحها في السوق المحلي دون التصنيع بالتعاون مع القطاع الخاص.


وتابع "عبده"،" كيف لشركة لم تحترم عقودها مع الحكومة المصرية أن نسمح لها بالاستثمار في السوق المصري؟ مطالبا بضرورة تدخل الحكومة المصرية لوقف بيعها منتجاتها في السوق المصري حفاظا على حقوق المستهلكين.