عادل حمودة يكتب: رحلت عن الدنيا ٢٠٢١ ولكن “لا وقت للموت” فى ٢٠٢٢!
العام الماضى بدأ بتوفير لقاحات كورونا وانتهى بتحورات جديدة للفيروس الخبيث
العام القادم بدأ بموجة ارتفاع أسعار القمح والبترول وخدمات النقل
تحولات فيروس كورونا فرضته ضيفا ثقيلا علينا!
حملة شرسة تتهم اللقاحات بتغيير الحامض النووى!
بعد احتلال الكونجرس الأمريكيون ينقسمون إلى يسارى وهمجى!
توقف فيسبوك كشف عيوب السوشيال ميديا!
بوند يخرج الجمهور من البيوت ويعيده إلى السينما!
بدأت رحلات الفضاء والتذكرة بـ ١٠٠ ألف دولار!
استمرار الانبعاثات الحرارية وحرائق الغابات يهدد مدنًا ساحلية بالغرق وتغيير خرائط الجغرافيا
بدأت السنة الراحلة ببشرى توفير لقاحات جديدة تضع فيروس «كورونا» عند حده وتلقى به فى القمامة ولكن الفيروس النشط الخبيث سرعان ما بدأ فى التحور لينتقل إلى «ألفا» ثم «دلتا» ومنها إلى «أومكرون» ليثبت أنه ضيف ثقيل لن يرحل بسهولة.
لكن الملفت للنظر أن الولايات المتحدة التى توصلت إلى لقاحات فعالة لم تستطع إقناع نصف شعبها على الأقل بأنها آمنة وراحت التجمعات البشرية تحذر منها بدعوى وجود مؤامرة كونية لتغيير الحمض النووى للبشرية.
لم يتلق اللقاح سوى ٤٧٪ من الأمريكيين مما وفى الوقت نفسه تكونت مجموعات نشطة تنزع الكمامة من الوجوه مما وضع الولايات المتحدة على رأس قائمة الضحايا.
ولم يفلح ظهور جو بايدن على شاشات الفضائيات وهو يحقن بلقاح فايز بل سخر الناس منه متسائلين: «هل للأشباح عروق يحقن فيها المصل؟».
إن لقب «شبح» صاحبت بايدن وهو يدخل البيت الأبيض وعمره ٧٩ سنة ودعم الوصف تعثره ثلاث مرات متتالية على سلم الطائرة الرئاسية.
أرجعت متحدثة باسمه التعثر إلى شدة الرياح موحية بقدرة بايدن على تجاوزها كما حدث فى يوم ٦ يناير.
فى صباح ذلك اليوم أقتحم مجموعة وصفوا بالرعاع مبنى الكونجرس (الكابيتل) لتعطيل جلسة مشتركة من المجلسين للتصديق على فوز بايدن فى الانتخابات.
مشاهد لم تعرفها الديمقراطية الأمريكية من قبل والغريب أن نجوما فى الميديا وصفوها بأنها رائعة ووسيلة من وسائل التعبير يجب احترامها.
ردد المقتحمون كلمات ترامب عن تزوير الانتخابات وسرقتها وراحوا يصورون أنفسهم بما أدينوا به فيما بعد.
لم يستجب المقتحمون لدعوة ترامب بالعودة إلى بيوتهم وسبوه قائلين: «سنبقى أيها الوغد».
وتأكد فى تلك الساعات السوداء أن الشعب الأمريكى انقسم فعلا نصف يسارى ونصف ليبرالى ويكاد لا يوجد محلل سياسى واحد لا يؤمن بأن سنوات بايدن سنوات ميتة تتيح للجمعيات السرية التى تحكم أمريكا أن تضع استراتيجية جديدة تعيد الثقة فى الولايات المتحدة.
فى صيف العام الميت أعلن بايدن عن سحب القوات الأمريكية فى الشرق الأوسط تاركا الحلفاء القدامى يبحثون عن أسلحة أخرى لحمايتهم قبل التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران حول برنامجها النووى.
على الفور ثبتت روسيا قدمها اليمنى فى المنطقة وثبتت الصين قدمها اليسرى فيها وعجزت الولايات المتحدة عن إخراجهما من ملعبها القديم لكنها فشلت.
وبسبب تلك اللعبة الثلاثية بين موسكو وبكين وواشنطن على خريطة العالم تكررت نغمة الحرب ووضعت القوات يدها على الزناد لكنها لم تطلق النار.
حدث ذلك فى الخليج حيث إيران وإسرائيل.
وحدث فى شرقى آسيا حيث تهدد الصين بغزو تايوان وتقف حاملات الطائرات الأمريكية فى مواجهتها.
لكن بايدن ليس رجل حرب وكل همه إقناع الأمريكيين باللقاح الذى يرفضه أنصار ترامب وسعى جاهدا لمواجهة العنصرية التى استردت ثقتها فى نفسها بعد حادث جورج فلويد المواطن الأمريكى من أصل إفريقى الذى قتله شرطى فى منيابلس يوم ٢٥ مايو ٢٠٢٠ ولم يحاكم قاتله الضابط الأبيض ديريك تشوفين إلا فى العام التالى ومن حسن الحظ أنه أدين بعد التغطية العالمية للمحاكمة.
ومن باب الاستفزاز عرض فى قنوات أمريكية مسلسل عن الأسرة المالكة والأرستقراطية البريطانية بأبطال سود ولم يعترض سوى بعض النقاد الذين أجمعوا على «محو البيض من تاريخهم بجرة قلم».
وقالت مقدمة البرنامج التليفزيونية الساخرة ماديسون ماديسون: «إن المسلسل يثبت تأثير الغلق بسبب كورونا على القوى العقلية للمبدعين».
لكن السخرية تحولت إلى تشخيص نفسى قام به مجموعة من الباحثين المتخصصين أثبت أن عشرين فى المائة على الأقل أصيبوا بنوع من الهيستريا بسبب بقائهم فى البيوت وأصبح اختفاء التليفون المحمول أكثر فزعا من اشتعال حريق فى بيت مجاور.
وبررت قنوات الترفيه إفراطها فى لقطات البورنو بأنه ينقذ الشخصيات الوحيدة من الموت اكتئابا.
ولكن علماء التغذية كان لهم تحذيرات أشد بعد أن تضاعف إقبال البشر على تناول الحلويات مما يعنى أن من لم يمت بكورونا مرض بمرض السكرى.
فى ٢٥ أغسطس أعلن فوز فيلم «نوما لاند» بأوسكار أفضل فيلم وفى تحد للڤيروس عاد نجوم السينما وصناعها إلى السجادة الحمراء لكن مع أقنعة الوجه.
وفى اليوم نفسه أيضا صدر فى تكساس قانون يمنع إجهاض الحامل فى الأسبوع السادس مانحا الأشخاص العاديين بالإبلاغ عمّن يجهض حاملا مما أثار غضب جمعيات الحريات المدنية التى اعتبرت القانون يحبذ الوشاية بين الناس.
وفى اليوم نفسه كذلك عرض فيلم جيمس بوند الجديد «لا وقت للموت» الذى قام ببطولته دانييل كريج بعد أن تأخر عرضه أكثر من مرة بسبب كورونا.
حقق الفيلم فى الولايات المتحدة ١٢١ مليون دولار منها ٥٦ مليونا فى عطلة نهاية الأسبوع الأول لعرضه وفى اليوم الأول لعرضه فى بريطانيا حقق ٥.٥ مليون إسترلينى.
تلك الأرقام غير الاعتيادية اعتبرت نوعا من تحدى كورونا بعد أن عانى الناس الكثير من الإغلاق على أنفسهم.
لقد وجد كثير من البشر أنفسهم خارقين فى مواجهة الجائحة مثل جيمس بوند عميل المخابرات البريطانية الخارق فى مواجهة مؤامرات تدمير وتخريب العالم.
قبل وفاة العام اختارت مجلة تايم الأمريكية إيلون ماسك شخصية العام.
ماسك مخترع ورجل أعمال وصاحب خيال خصب ويعد الأغنى فى التاريخ.
بعد خمسين سنة من صعود الإنسان إلى القمر لم تعد الدول العظمى تهتم بالفضاء إلا أن ماسك أسس شركة «سبيس أكس» لتكون أول شركة خاصة ترسل رحلات إلى الفضاء وتبعتها شركات أخرى مثل شركة فيجن.
أثرياء العالم تحمسوا للتجربة ليدخلوا التاريخ مثل يورى جاجارين (أول رائد فضاء روسى) وآلان شبارد (أول رائد فضاء أمريكى) وبدأ اللعبة ريتشارد برانسون الذى قال: «كنت طفلا حالما والآن أنا فى مركبة فضائية» وتبعه الملياردير جيف بيزوس الذى أصر على أن يشاهد أصحابه وجيرانه وأهله وعماله الرحلة من إطلاق صاروخ هو بداخله إلى عودته إلى الأرض.
وأغرب من صعد فى تلك الرحلات ويليام شاتنر والسبب أنه لعب دورا فى فيلم من أفلام حرب الكواكب وعلق البعض على ذلك بالقول: «ترى لو لعب ممثل دور قس هل يصلى على الموتى أو لعب ممثل دور جنرال هلى نرسله إلى ميادين القتال؟».
لا تتكلف رحلة الفضاء الآن أكثر من ١٠٠ ألف دولار ولكن عدد الحاجزين يصل إلى نصف مليون أمريكى ربعهم من النساء.
فى أغسطس أيضا أقيمت أولمبياد طوكيو المؤجلة من العام السابق لكن لوحظ اختفاء نجمة الجمباز وبطلته سيمون بيرز التى بررت اعتذارها عن المشاركة بأنها لا تستطيع وهى حزينة بسبب اكتئاب كورونا أن تتكور وتقفز فى الهواء.
لكن الاختفاء لم يكن من نصيبها وحدها.
فى الشهر نفسه أنهت الولايات المتحدة انسحابها من أفغانستان التى توصف علنا بـأنها «مقبرة الإمبراطوريات».
وبسهولة لا تصدق استولت طالبان على البلاد بمجوعات مسلحة لا يزيد عددها عن عشرة آلاف رجل.
وشهد مطار كابول فوضى عارمة عند انسحاب عملاء الولايات المتحدة الذين لم يتعلموا الدرس من شاه إيران فلم يرتب البنتاجون رحلات دقيقة ومنتظمة لترحيلهم.
الهروب الأمريكى وصف بأنه خضوع.
وسخرت «فوكس نيوز» المؤيدة لترامب من تشتت الجنود الأمريكيين هناك وعجزهم عن مواجهة أفراد من عصور مظلمة قائلة: «هل على هؤلاء الجنود أن يعملوا فى منازلهم»؟.
بعد أن أدمنت البشرية وسائل التواصل الاجتماعى فوجئت بتوقف فيسبوك (الأكثر استخداما) عن العمل فى ٤ أكتوبر وسادت حالة من القلق والتوتر فى العالم كله.
وتضاعفت المشكلة عندما امتد التوقف إلى الإنستجرام والواتساب.
وهبط سهم فيسبوك بنسبة خمسة فى المائة وسط عمليات بيع واسعة للأسهم مع تدفق العالم نحو تطبيقات منافسة مثل تويتر وتيلجرام.
سبق أن توقف فيسبوك عام ٢٠١٩ لمدة ساعة وكان السبب فنيا.
لكن هذه المرة لم يعلن عن السبب وتراجع فيسبوك عن اتهام الهجمات السبرانية بأنها وراء الانقطاع.
وصف مدمنو السوشيال ميديا ما حدث بأنه «ساعات مريعة» لم تصلنا فيها رسالة تطمئننا على من نحب ومن نعمل معهم خاصة أن الغالبية مقعدة فى البيوت بسبب كورونا.
على أن توقف فيسبوك أتاح من جانب آخر تقييم الآثار السلبية لشبكات التواصل الاجتماعى ومنها التحريض على العنف والتنمر ونشر الأكاذيب وبث الكراهية إلى جانب الفضائح الشخصية والجنسية.