أوميكرون يهدد الاقتصاد العالمي
توقعات بخفض النمو وزيادة معدلات التضخم
انخفاض ١٠ دولارات فى برميل البترول مؤشر على ركود عالمى يلوح
بعد مرور عام على النجاح الأول للقاح فيروس كورونا فى تجربة إكلينيكية، يسيطر شعور بالرهبة فى كثير من أنحاء العالم، السر وراء هذا الخوف هو متغير أوميكرون، الذى تم تحديده على نحو علنى لأول مرة فى ٢٤ نوفمبر الماضى، والذى يبدو أنه قادرًا على التحايل على الدفاعات التى تم إنشاؤها داخل الجسد البشرى سواء عن طريق التطعيم أو الإصابة بفيروس فيروس كورونا، فى هذا السياق نشرت مجلة إيكونوميست ملف عن هذا الفيروس الجديد.
أعلنت منظمة الصحة العالمية أن فيروس أوميكرون يشكل خطرًا عالميًا «عاليًا جدا»، حيث حذر رئيس شركة مودرنا-الشركة المصنعة للقاحات- من أن اللقاحات الموجودة قد لا تكون قادرة على التصدى للمتغير الجديد شديد التحور، فى مواجهة الاحتمال المروع لمزيد من عمليات الإغلاق والحدود المغلقة والمستهلكين المتوترين، حيث بادر المستثمرون ببيع أسهمهم فى شركات الطيران وسلاسل الفنادق، كما انخفض سعر النفط بنحو ١٠ دولارات للبرميل، وهو نوع من الانخفاض يرتبط غالبا بركود يلوح فى الأفق.
من السابق لأوانه القول ما إذا كانت الطفرات الـ ٣٥ التى يتضمنها متحور أوميكرون تساعد فى جعله أكثر عدوى أو فتكا من سلالة دلتا المنتشرة، بينما يحلل العلماء البيانات فى الأسابيع المقبلة، ستصبح الصورة الوبائية أكثر وضوحا، لكن خطر انتشار موجة المرض من بلد إلى آخر بات يهيمن مرة أخرى على الاقتصاد العالمى، مما يضخم ثلاثة أخطار قائمة.
الأول، هو أن تشديد القيود فى العالم الغنى سيلحق الضرر بالنمو، حيث يعتقد الخبراء أن السلالة الجديدة من فيروس كورونا قد تؤدى إلى تفاقم مشاكل سلسلة التوريد وزيادة التضخم، لكنها قد تؤدى أيضا إلى انخفاض الطلب وتباطؤ النمو، مما قد يخفف بعض الضغوط التضخمية.
الثانى، هو التشديد النقدى، فقد صرح جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى، أنه يفضل سياسة التشديد النقدى، هذا الموقف صحيح، لكنه يتضمن مخاطره الخاصة، حيث يمكن أن تضر الآثار غيرالمباشرة بالاقتصادات الناشئة، التى تميل إلى المعاناة من تدفقات رأس المال الخارجة وانخفاض أسعار الصرف عندما يتبنى بنك الاحتياطى الفيدرالى سياسة التشديد النقدى.
تتمتع الاقتصادات الناشئة باحتياطيات أكبر وتعتمد بدرجة أقل على ديون العملات الأجنبية مما كانت عليه فى السابق، لقد رفعت البرازيل والمكسيك وروسيا أسعار الفائدة بالفعل، مما يساعد على منع التضخم، ولكن ذلك قد يخفض النمو فى الوقت الذى تلوح فيه موجة أخرى من العدوى فى الأفق، لقد فعلت تركيا العكس، حيث خفضت أسعار الفائدة، وتواجه انهيارًا للعملة، نتيجة لذلك قد تواجه المزيد من الاقتصادات الناشئة خيارات لا تحسد عليها.
الخطر الأخير وهو الأقل تقديرا: تباطؤ فى الصين، ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، فمنذ وقت ليس ببعيد كانت الصين مثالًا ساطعًا على المرونة الاقتصادية ضد الوباء، لكنها اليوم تكافح مع أزمة ديون، حتى مع تفكير بكين فى تحفيز الاقتصاد، انخفض النمو إلى حوالى ٥٪ باستثناء الصدمة القصيرة عندما بدأ الوباء، فإن هذا هو أدنى معدل نمو منذ حوالى ٣٠ عاما.
لكن الصورة ليست قاتمة بالكامل، لن يشهد العالم عودة ربيع عام ٢٠٢٠، مع انخفاض كبير فى الناتج المحلى الإجمالي، تكيف الناس والشركات والحكومات مع الفيروس، مما يعنى أن الارتباط بين الناتج المحلى الإجمالي والقيود المفروضة على الحركة والسلوك هو ثلث ما كان عليه، حسب تحليل مؤسسة الخدمات المالية جولدمان ساكس.
ويتوقع بعض صانعى اللقاحات أن البيانات الجديدة سوف تؤكد أن اللقاحات الموجودة بالفعل لديها القدرة على التصدى لمتغير أوميكرون، وحتى لو لم تكن اللقاحات المتوفرة قادرة على التصدى لأوميكرون، فستكون الشركات والحكومات قادرة على طرح لقاحات وأدوية جديدة فى غضون بضعة أشهر، ومع ذلك، فإن «أوميكرون» يهدد بخفض النمو وزيادة التضخم، لقد تلقى العالم للتو تذكيرًا قاسيًا بأن طريق الفيروس إلى أن يصبح مرضًا مستوطنًا لن يكون سهلًا.