إيمان كمال تكتب: يا سيادة النقيب.. حارب الفن بـ "الفن"
لم يضع هانى شاكر اسم مطرب الراب ويجز ضمن قائمة الممنوعين من نقابة المهن الموسيقية، فبحسب ما قاله النقيب.. إن زوجته وابنه يستمعان لويجز، وابنه يحضر حفلاته..
وهو ما يدعو للتفكير إن كان هانى شاكر استمع لوجيز قبل أن يرحب بهذا الشكل لأسرته بأن تستمع له، أم أنه ترك لهم حرية القرار؟ وربما ستكون الإجابة بأنه يثق تماما فى ذوق زوجته وابنه ولا يمكن أن ينحدر هذا الذوق ليستمعا إلى كلمات خادشة للحياء؟.
ماذا لو كانت أسرته تحب سماع حسن شاكوش؟ أو حمو بيكا؟ ماذا لو كان ابنه الصغير يحفظ «شمس المجرة» لحمو بيكا وشاكوش وعمر كمال؟ هل كان سيسمح لنا النقيب أن نسمع لنفس الأغانى؟.
بالتأكيد لا أطالب بمنع ويجز عن الغناء، بل على العكس فكلمات أغانيه تعبر تماما عن جيل جديد لا يمت بصلة على أرض الواقع لكل ما نحبه ونراه جميلا، جيل كون شكله الثقافى والمجتعمى من خلال السوشيال ميديا والتى قربت المسافات بين الثقافات العالمية المختلفة.
يرقص ابنى الذى لم يبلغ الثلاثة أعوام بعد على مهرجان «اخواتى» يطلب تكراره مرارا، ومهرجان «حبيبتى افتحى شباكك أنا جيت» لحسن شاكوش،إلى جانب أغنيات محمد رمضان، وهو ما أصابنى بارتباك حقيقى..هل هذه الذائقة الفنية التى أحبها له؟ هل هذا هو الفن الذى أحب أن يكبر عليه؟ هل أملك حق منعه عن الموسيقى التى يحب الرقص عليها؟ حتى جعلنى أحلم بأنه ربما فى أحد الأيام قد يعيد للفن أسماء عظيمة مثل محمود رضا وحسن عفيفى رحمة الله عليهما؟.
فوجدت بأن على أن احترم رغبته.. نعم احترمها لكنى أدركت أيضا بأن التقصير كان من أننى لا أسمع أذانه أغنيات محمد فوزى وعبدالحليم حافظ، وربما اخترتهما بعناية فائقة لأن فى هذه المرحلة العمرية يتعلق الصغير دائما بالكلمات الرشيقة والبسيطة فبالتأكيد لن يستمع إلى الموشحات أو الأغنيات ذا المعانى شديدة العمق، فلم أعلق على صناع المهرجانات شماعة الخطأ الذى أدركته، إن كان هناك خطأ بالفعل وليست مجرد مخاوف بحكم انتمائى لجيل آخر.
ففكرت لماذا يظن هانى شاكر بأنه وصى على أذواقنا؟ لماذا لا يضع العند جانبا ويفكر بجدية فى الرأى الآخر بأن علينا أن نحارب هذا اللون الغنائى بتقديم فن أفضل منه؟.
حين فكرت السيدة العظيمة أم كلثوم فى إنشاء نقابة للموسيقيين كان الهدف الحقيقى لها هو حقوق الموسيقيين، والتعاون من أجل إسناد من يحتاج للعلاج أو مر بظروف أسرية صعبة؟ فلم تنشئ النقابة لتصفية الحسابات أو أن نعطى صك الغناء لمن يعجبنا صوته ونرفض اللون المختلف الذى لم نستسيغه بعد.
المفارقة أن الفنان محمد فوزى فى بداياته حين قدم ليعتمد فى الإذاعة المصرية واختار أغنية «كلمنى.. طمنى» تم رفضه أيضا فمن رفضه شعر بأن هذا اللون الجديد غير مناسب وغير جيد، لم يفكر بأنه لاحقا استطاعت «كلمنى» أن تصبح من علامات محمد فوزى والذى استخدم الأصوات البشرية بدلا من الآلات الموسيقية، لم يدرك هذا الشخص الذى قرر أن يرفضه وقتها بأن من حق محمد فوزى كمبدع «التجريب».
بالتأكيد سيقول لى البعض بأنه لا مقارنة بين أسماء مثل شطة ووزة وبيكا، والذين تم إيقافهم عن الغناء، وبين فنان عظيم مثل محمد فوزى، فالبعض يتعجب الدفاع عن تلك الأسماء، فلا يدركون بأننا ندافع عن حرية الفن والإبداع دون وصاية، حرية الجمهور فى اختيار الذوق الذى يليق به، وحتى حرية الفنان فى اختيار ما يقدمه، وحده الجمهور صاحب القرار، الاستماع أو الرفض، ووحده الزمن يصنع مجدا لأم كلثوم وفوزى وعبدالحليم، أو يمحو أسماء أخرى لم تقدم فى مشوارها سوى نسخة باهتة من الجيل الذهبى، فيصبح السعى وراء التريند ومحاربة الألوان الجديدة هدفا لنيل الشعبية التى ضاعت منهم فنيا.