بالأسماء والأماكن.. تفاصيل تحول بولاق الدكرور لـ"باطنية 2021"
قاهر المخدرات لقب استحقه اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية الأسبق، لمحاربته القوية لتجار المخدرات وحملاته الأمنية المستمرة على أوكارهم خلال فترة الثمانينات بمنطقة الباطنية التي تحوي عددا كبيرا من تجار المخدرات، ويتردد عليها المدمنون، وهي ذات المنطقة التي اشتهرت بسوء سمعتها لرواج هذه التجارة السيئة وتحولها لمركز رئيسي للمدمينين والخارجين على القانون.
ربما نجح اللواء أحمد رشدي في زمنه في القضاء على تجار المخدرات ووكر الباطنية في وقتها، كونه اعتمد على أساليب غير نمطية في التعامل مع هؤلاء التجار، وأعد خطة سرية مع كبار القيادات الأمنية في الوزارة لمنع تسريب أي معلومات المرشدين الذين زرعهم كبار التجار لإبلاغهم عن أي حملات أمنية في المنطقة.
مواكبة تفكير تجار المخدرات
واستطاع أحمد رشدي في وقتها أن يواكب تفكير تجار الكيف وأن يتابع خطاهم لحظة بلحظة، غير إنه كان بارعا في التنكر والتفكير الشرطي القائم على المفاجاه وفرض السيطرة، وهو ما تحتاجه بعض البؤر الإجرامية في الوقت الحاضر.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية لملاحقة مروجي المخدرات وتجارها، إلا أن هناك قِبلة جديدة يتجه لها تجار ومدمني المواد المخدرة تقع داخل أحياء منطقة بولاق الدكرور الشعبية، حيث حول بعض الخارجين عن القانون بعض شوارع المنطقة إلى مركز لترويج المواد المخدرة، وفي السطور التالية ترصد الفجر تفاصيل "تجارة المواد المخدرة" داخل حي بولاق الدكرور، ليكون بمثابة بلاغ للنائب العام ووزارة الداخلية التي لا تتوانى عن القيام بواجبها من أجل الوطن.
ففي منطقة بولاق الدكرور هناك شوارع بعينها معروفة ببيع المواد المخدرة على مدار الساعة، وتنشط بدرجة كبيرة بعد منتصف الليل، منها شارع الصبانة، وشارع الوكالة المقابل له، وبعض الشوارع الأمامية من ناحية كوبري الخشب، وفيها ينتظر التجار أمام مدخل كل شارع ليستقبلوا الزبائن فور نزولهم سلم الكوبري والإبلاغ عن أي وجوه غريبة تدخل المنطقة.
منطقة بولاق الدكرور الأن تحتاج إلى عقلية اللواء احمد رشدي وإلى تعامل غير نمطي في التعامل مع تلك المنطقة، كونها أصبحت قنبلة موقوته تهدد عدد من الأحياء السكنية القريبة منها، وأصبحت تجمعا مسموما للمسجلين والبلطجية والهاربين من الأحكام وتجار الكيف.
وتكمن خطورة تلك المنطقة كونها في قلب محافظة الجيزة وتعداد سكانها ينذر بكارثة مجتمعية كبيرة، فمعظم حالات القتل والاعتداء والبلطجة تلتقي في تلك المنطقة الخصبة لتلك الأعمال، وتنشئ جيلا جديدا من المجرمين الخطرين على المجتمع.
الشوارع لا تسمح بدخول سيارات
أهم ما يميز تلك المنطقة أن معظم شوارعها ضيقة للغاية، والمسافة بين المنزل والأخر لا تتجاوز الثلاثة أمتار فلا تسمح بدخول أي سيارات، لتصبح وسيلة التنقل فيها إما عن طريق الدراجات البخارية أو التكاتك أو سيرا على الأقدام.
أما المنازل فلها وضع أخر، حيث يُستغل معظمها في تخزين كميات كبيرة من المخدرات داخلها، وتتضمن في الغالب شققا لعدد كبير من المسجلين وتجار المخدرات، نظرا لوضع المنطقة والمستوى المعيشي فيها، والكارثة أن هناك بعض الأهالي المتورطين في السكن بتلك المنازل مهددين طوال الوقت بالخطر، نظرا لوجود تلك الكميات الكبيرة من المخدرات والعناصر الخطرة التي تسكن منازلهم بل ويمارسون الإرهاب وفرض السيطرة عليهم.
المنطقة غير مخططة على الإطلاق وتعتبر من المناطق الخطرة التي ينبغي لصندوق تطوير العشوائيات أن يدرجها في خطته لنقل سكانها لمناطق أدمية وإلا تحولت تلك المناطق فيما بعد لصورة مشابهه لمنطقتس تل العقارب وبطن البقرة.
دراجات بخارية وكلاب مدربة لحراسة المكان
ويقوم ما يسمى بـ عناصر "الناضورجية" بحراسة الشوارع وتأمينها على مدار الساعة، باستخدام الدراجات البخارية والتي أغلبها لا تحمل أرقاما مرورية ويقودها مجهولون يتنقلون ما بين الشوارع لمعرفة المتواجدين فيها والإبلاغ عن أي حركة مريبة، كما يستخدمونها في توصيل المواد المخدرة من منطقة لأخرى.
فيما وجدنا أن معظم الناضورجية مسلحين بأسلحة بيضاء بعضهم يحمل أسلحة الخرطوش، كما يهدد سلامة السكان في تلك المنطقة والتي يقعون ضحية الترهيب وفرض السيطرة لتجار المواد المخدرة والعاملين معهم، ويوميا ما تنشب معارك طاحنة بين أسرة وأحد التجار أو الناضورجية بسبب البيع والشراء علنا في الشارع وإستخدام المنازل كمخازن لتلك المواد.
كما يستخدم التجار كلابا مدربة لمعرفة الغرباء فور دخولهم للشارع، وذلك على مداخل معظم الشوارع التي يتم فيها بيع المخدرات، والغريب أن معظم تلك الكلاب من الأنواع الأغلى ثمنا، مثل فصيلة " البيتبول" و"الجيرمن" والتي تعد مدربة على كشف الغرباء ويتم ربطها في مدخل بعض المنازل وعلى نواصي الشوارع برفقة أشخاص مجهولة الهوية.
وبالفعل فور مرورنا ببعض الشوارع تعرفت علينا تلك الكلاب ونبحت لتنبيه صاحبها بوجودنا، فدقق فينا بعض الأشخاص لمعرفة عما إذا كنا أفراد شرطة أو زبائن محتملين يبحثون عن شراء المخدرات.
الجديد أن تجار المخدرات في تلك المنطقة أصبحوا يواكبون العصر والتكنولوجيا بشكل كبير، فأصبح الناضورجية يطلقون طائرات الدرون الصغيرة من أعلى أسطح البنايات لمعرفة تواجد سيارات الشرطة القريبة أو لمعرفة الحملات الأمنية فور وصولها على مسافات طويلة، تمكن التجار من الهرب قبل وصول أي قوة أمنية.
مختلف أنواع المخدرات
أثناء التنقل بين تلك الشوارع الموبوءة تجد من يستوقفك عما إذا كنت تريد شراء مخدر الحشيش، وإذا أجبته بأنك تبحث عن مخدر الفودو سيقودك لشارع أخر متخصص في بيع الفودو، وإذا وصلت لهناك وطلبت مخدر البودر، لوصفوا لك طريق الدخول لمنطقة أخرى قريبة لبيع البودر وهكذا يتم التعامل مع كل أنواع المخدرات بتلك المنطقة وبين شوارعها فلا تخلوا من مخدر مطلوب.
وربما تصادف خلال انتقالك بين تلك الشوارع أحد الأشخاص ملقى على جانب الطريق عقب تناول جرعة زائدة من تلك المخدرات، ولا مانع من استنشاق دخان الحشيش والبانجو من سجائر المدمنين على نواصي تلك الشوارع.
وتغذي منطقة بولاق الدكرور العديد من المناطق بالمخدرات مثل منطقة وسط البلد وميدان لبنان والمهندسين وفيصل والهرم، وتعتبر مركزا لتوزيع المواد المخدرة في تلك المناطق نظرا لوجود عدد من مساحات الأراضي الزراعية خلفها مما يسهل وصول كميات كبيرة بعيدا عن أعين الداخلية.
تطورت الأمور داخل بولاق الدكرور لتزداد سوء، فأصبح التجار لا يكتفون ببيع المواد المخدرة في وضح النهار فقط بل وصل الأمر إلى بيع الأقراص المخدرة الممنوع تداولها للجمهور في الصيدليات المنتشرة في المنطقة، كونها مطمئنة من عدم وجود أي ضبطيات في المنطقة أي حملات أمنية مفاجئة.