كشف سقاة جديد أم إعادة اكتشاف
رئيسة بعثة سقارة: الكشف جزئي.. وخبراء: "إعادة اكتشاف وليس جديدًا" (تقرير بالصور)
شهدت الساحة الأثرية جدلًا كبيرًا حول الكشف الأثري الأخير الذي أعلنت عنه وزارة السياحة والآثار في منطقة سقارة والذي أسفر عن الكشف لمقبرة مصرية قديمة لمسئول الخزانة في عهد الملك رمسيس الثاني ويدعى “بتاح إم ويا”، وما بين اتهامات بأن الكشف مكتشف من قبل، وادعاءات بأنه كشفًا جديدًا كان لنا هذا التقرير حول الموضوع.
رئيسة البعثة تتحدث
قالت الدكتور علا العجيزي رئيسة بعثة جامعة القاهرة العاملة في حفائر منطقة سقارة الأثرية، في تصريحات خاصة إلى الفجر، إن ما قام به الرحالة الأجانب في القرن التاسع عشر هو تصوير ما كان ظاهرًا من هذه المقابر على السطح، ونقل كل ما استطاعوا نقله إلى الخارج، ولم يقوموا بالكشف أو التنقيب، ولذلك فالحفائر العلمية التي تقوم بها بعثة كلية الآثار هي اكتشافات لمقابر كان معروف وجودها في مكان ما بسقارة.
وتابعت العجيزي أنه من خلال القطع التي نُقلت إلى المتاحف حول العالم على يد هؤلاء الرحالة، تم استنتاج مكان هذه المقابر، ولكن لم يكن مكانها معروفًا بشكل قطعي، وهؤلاء الرحالة لم ينقبوا في هذه المقابر، والمقبرة التي اكتشفت أخيرًا لدينا صورة قديمة لمدخلها.
وأضافت العجيزي أنه عندما تم العثور على هذا المدخل كان ينقصه العتب العلوي الذي عثرنا عليه مدفونًا في الرمال بمكان قريب من المقبرة في موسم سابق، أما ما تم العثور عليه من أفنية المقبرة فلم يكن مكتشفًا من قبل.
بسام الشماع يرد
ومن ناحيته قال بسام الشماع المرشد السياحي والمؤرخ المعروف، في تصريحات إلى الفجر، إن مقبرة “بتاح إم ويا” تكلم عنها ستارنج في مقالة علمية منشورة عام 2016، وأن مكتشفها هو أوجست ماريت وتلميذة ديفيريا والذي قام بتصوير المقبرة، والمقالة تحوي صور للمقبرة منذ عام 1859م، تشمل المدخل والفناء، والنصوص الهيروغليفية المنقوشة عليهما مترجمة في المقالة، وكذا تم نشر مناظر لصاحب المقبرة وزوجته، واسم الملك رمسيس الثاني، واسم “بتاح إم ويا” وتم ترجمة كل تلك النصوص للإنجليزية، وبالتالي يصبح ذلك نوع من أنواع النشر العلمي عام 1859م أي أن المقبرة مكتشفة من قبل.
وأضاف الشماع، أن كلمة الرحالة التي وردت في تصريح الدكتورة علا العجيزي ليست في سياقها هنا، وهو وصف غير صحيح للشخصيتين الذين قاما بالاكتشاف، وهما تشارلز ثيودول ديفيريا المولود في عام 1831م والمتوفي في عام 1871م، وقد جاء إلى مصر كي يساعد أوجست ماريت في مصر منذ ديسمبر 1858، وحتى أبريل 1859م، والسؤال هنا هل عندما سيستدعي ماريت مساعدًا هل سيستدعي رحالة، فديفيريا كان مدير أمين في متحف اللوفر بباريس، وهو الذي ساعد أوجست ماريت في نقل النصوص من الأماكن الأثرية في مصر كلها، وقد بدأت هذه الأعمال من التنقيب عندما تم تنصيب أوجست ماريت كمدير للآثار المصرية في يونيو 1858م، وقد قاما في هذا العام من 1858 إلى 1859 بالتنقيب عن الآثار المصرية بشكل عام، وتوثيقها وتصويرها والنشر عنها، فلا يصح أن نصفهم بأنهم رحالة، على حد قول الشماع.
وتابع الشماع، كل التحية للدكتورة علا العجيزي ومجهودات بعثة كلية الآثار جامعة القاهرة، والتي تكشف لنا عن كنوز تلك المناطق، وكان يجب على بيان وزارة السياحة والآثار أن يشتمل على كل التفاصيل العلمية للكشف وملابساته القديمة والحديثة بحيث يكون البيان بيانًا علميًا متكاملًا وليس مجرد الإعلان عن كشف أثري وفقط.
الدكتور مدين حامد يرد
فيما قال الدكتور مدين حامد عبد الهادي خبير الآثار ومدرس ترميم وصيانة الآثار والمخطوطات بكلية الآثار جامعة الفيوم، في تصريحات إلى الفجر، طالعتنا الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بأنباء عن اكتشاف مقبرة المدعو "بتاح-م-ويا" كبير المشرفين ورئيس الخزانة والكاتب الملكي لرمسيس الثاني من الأسرة التاسعة عشر، الدولة الحديثة رغم اكتشافها سلفا من قبل الآثاري "أوجست مارييت " عام ١٨٥٩م ونشر مفرداتها من الصور الجدارية والنقوش والعناصر المعمارية، لا سيما البوابة الرئيسة من قبل أحد تلامذته أثناء التنقيب وإكمال الأعمال ليس هذا فحسب، بل في أكثر من ورقة بحثية أخري شملت ألقاب الكاتب وإسهاماته وأعماله.
المقبرة مكتشفة من قبل
وبغض النظر عن علم الجميع باكتشافها من قبل، فإن الناظر إلي صورها ونقوشها ومفرداتها المختلفة يعلم علم اليقين بأنها قد اكتشفت منذ مدة إذا ما كان علي دراية بما يتمخض عن تعرضها لفعل مسببات التلف من الرطوبة والحرارة والضوء وغير ذلك من مظاهر متلفة أو التقادم الناتج عن نشاط العوامل الفيزيوكيميائية في محيط المقبرة، خاصة إذا ما كان الفاحص علي دراية بمختلف سيناريوهات التلف وتفاعلاته والنتائج المترتبة علي حدوث ميكانيكياتها المختلفة كاختصاصي الترميم والصيانة الخبير في هذا المنحي، ما ينأي بنا عن الدفع بحداثة الاكتشاف هذا.
ولا مناص من دحض الآراء التي تدعم ذلك فهو إعادة اكتشاف لا ريب، ولا جديد يذكر بشأن هذا الحدث إلا أن تكون هناك خطة معدة لصيانتها وترميمها أو إعادة النظر في مفرداتها وتناولها بشيئ من التفصيل في دراسات لاحقة، وما ورد بشأنها حاليا من كونه اكتشاف جديد هو عبث محض بعقول القراء والمتابعين لمثل هذه الأحداث المهمة، وضربًا في صميم الاختصاص والشأن الأثري، على حد قوله.