تعرف على طريق الكباش وتاريخه الأثري
طريق الكباش و٦٠ عامًا من الاكتشافات الأثرية
قال الدكتور عبد الرحيم ريحان الخبير الأثري المعروف، إن طريق الكباش هو الطريق الذي يربط معبد الأقصر ومعابد الكرنك، وكان يبدأ من الشاطئ شارع فسيح تحف به تماثيل لأبي الهول نجدها في معابد الكرنك مثلت على شكل أبي الهول برأس كبش والكبش هنا يرمز للإله آمون_، ربما لحماية المعبد وإبراز محوره وقد أطلق المصري القديم على هذا الطريق اسم "وات نثر WAt-nTr " بمعنى طريق الإله.
أسماء طريق الكباش
وتابع في تصريحات إلى الفجر، "أما طريق الكباش في معابد الكرنك فقد عرف باسم "تا ـ ميت ـ رهنت “ وترجمتها طريق الكباش أيضًا ويوجد علي طول الطريق البالغ 2.7 كم 1200 تمثال وعرض هذا الطريق 76م وكانت هذه التماثيل تنحت من كتلة واحدة من الحجر الرملي ذات كورنيش نقش عليه اسم الملك وألقابه وثناءً عليه مقامه على قاعدة من الحجر مكونة من أربعة مداميك من الحجر”
وصف طريق الكباش
والطريق عبارة عن ممشى من الحجر الرملي على جانبيه تماثيل على هيئة أبو الهول فمن الصرح العاشر بالكرنك إلى «معبد موت» يأخذ شكل جسم أسد ورأس الكبش، والجزء الأمامي من معبد خنسو يأخذ شكل الكبش الكامل، أمّا الجزء الممتد من معبد موت إلى معبد الأقصر فيأخذ شكل جسم أسد برأس إنسان وهو الجزء الأكبر من الطريق.
ولفت ريحان إلى أن الملك توت عنخ آمون كان له دور محوري في تغيير رؤوس تماثيل أبو الهول من الشكل الآدمي إلى شكل الكبش وذلك تقربًا للمعبود آمون وهو يعد أقدم ملك عثر على اسمه محفورًا على قواعد التماثيل الخاصة بطريق الكباش خلافا لما قام به سلفه من الملوك وعلى رأسهم الملك أخناتون، فهو أول من قام بعمل رؤوس آدمية لبعض التماثيل وأقام تماثيل طريق المواكب الكبرى بين الصرح العاشر ومعبد موت شرق الكرنك وتمت أعمال ترميم في فترة الملك أي وحور محب والملك رمسيس الثاني وسيتي الثاني وكبير الكهنة حرى حور شاركا في أعمال ترميم الطريق، ويبلغ وزن كل كبش من خمسة إلى سبعة أطنان ويمثل الإله آمون رع ورمزه الكبش في مصر القديمة وكان رمز القوة والإخصاب عند المصريين القدماء
ستون عامًا من الاكتشافات
ورصد الدكتور عبد الرحيم ريحان ستون عامًا من الاكتشافات من خلال دراسة أثرية للدكتور مصطفي الصغير مدير معبد الكرنك وقد بدأت أعمال الحفائر الأولى على يد الآثارى زكريا غنيم في 18 مارس 1949 بمعبد الأقصر وظهر أول تمثال واكتشف بعد ذلك أول أربعة تماثيل ثم وصل العدد إلى ثمانية تماثيل، وعرف أن الطريق يتجه جنوبًا، ثم كشف الدكتور محمد عبد القادر في الفترة من 1956 - 1958 عن 14 تمثالًا أخر أعقبه اكتشاف الدكتور محمد عبد الرازق 1961 – 1964 لعدد 64 تمثالًا آخر لأبو الهول.
ومنذ منتصف السبعينيات حتى عام 2002 اكتشف الدكتور محمد الصغير والد الدكتور مصطفي الصغير الطريق الممتد من الصرح العاشر حتى معبد موت بمجموعة معابد الكرنك، والطريق المحاذى باتجاه النيل، وفي الفترة من 2005 حتى 2006 قام الآثارى منصور بريك مدير الآثار وقتها بإعادة أعمال الحفر للكشف باقى الطريق والذى قام بصيانة الشواهد الأثرية المكتشفة ورفعها معماريًا وتسجيل طبقات التربة لمعرفة تاريخ طريق المواكب الكبرى عبر العصور وإعادة أعمال الحفر للكشف باقى الطريق بمناطق خالد بن الوليد وطريق المطار وشارع المطحن
وقام الدكتور سمير فرج محافظ الأقصر الأسبق، بنزع جميع الأراضى ووضعها تحت بند منفعة عامة، مما أسرع من عجلة العمل وتسهيل عملية الحفر وفي 2017 تم استكمال الطريق بعد توقفه لعدة سنوات بعد عام 2011
ويتابع الدكتور ريحان أنه تم الكشف 55 تمثالًا بواسطة الدكتور محمود عبد الرازق، وعاود الآثارى الدكتور محمد الصغير العمل على مسار الطريق والتي انطلقت من بداية الثمانينيات حتى أوائل الألفية الجديدة وشملت طريق حجرى مرصوف يتفرع من طريق المواكب الرئيسى أمام الصرح العاشر وأحواض دائرية بين قواعد التماثيل كانت مخصصة لزراعة الزهور وأحد تماثيل أبى الهول برأس كبش كاملًا وسور ومنطقة صناعية كبيرة لصناعة الأوانى الفخارية وبقايا مقصورة مبينة من الطوب الأحمر المختوم الذى يحمل اسم الملك ( من خبر رع ) من ملوك الأسرة الحادية والعشرين ومعاصر للنبيذ وهو أيضًا أول من حدد مسار الطريق واستمرت الاكتشافات منذ عام 1984 إلى عام 2000، والذى كان همها الأول والأخير الكشف طريق المواكب الكبرى، وتم الكشف الطريق الحجرى وعدد معصرتين للنبيذ في حالة جيدة تعود إلى العصر الرومانى وكانت مرتبطة بالاحتفالات الخاصة على هذا الطريق حيث كان يتم توزيع النبيذ على جموع الشعب
كما كشف مبنى لغسل العنب مزودًا بأحواض ومواسير للصرف، كما تم الكشف مقياس للنيل يعود للأسر الـ 25 و26، وتم الكشف مناطق صناعية خاصة بحفظ النبيذ والأنابيب الخاصة بنقل المياه فقد كانت هناك شبكة رى تروى الأراضى الزراعية من الجانبين تروى جميع النباتات مما يؤكد استخدام المصري القديم للطوب الأحمر إلى عصر الأسرة الحادية والعشرين على الأقل خلافًا لما كان معروفًا قبل ذلك عن معرفته الطوب الأحمر في العصر اليونانى الرومانى
طريق المواكب
ويوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان أن طريق الكباش أطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى تماثيل أبى الهول ذات رؤوس الكباش أحد رموزالمعبود آمون المتراصة على جانبيه فيما بين معبد الكرنك ومعبد موت وأطلق عليه طريق أبى الهول نسبة إلى تماثيل أبى الهول المتراصة على جانبيه بين معبد موت ومعبد الأقصر وأطلق عليه طريق المواكب الكبرى نسبة إلى الغرض الفعلى الذي من أجله أنشئ الطريق حيث استخدمه ملوك مصر القديمة كطريقًا مقدسًا للمواكب الدينية كما في عيد الأوبت وهي التسمية الأكثر دقة في رأي الدكتور مصطفي الصغير مدير معبد الكرنك من حيث شمولية هذا الاسم على الطريق من بدايته إلى نهايته بعكس التسميتين السابقتين اللتين اختصتا بأجزاء بعينها من الطريق دون الأخرى
ويتابع الدكتور ريحان بأن ملوك مصر القديمة ساهموا في طريق المواكب الكبرى بالبناء أو الترميم ومنهم حتشبسوت، توت عنخ آمون، آي، حورمحب، مرنبتاح، سيتي الثاني، رمسيس الثالث، نختنبو الأول، حيث أشارت حتشبسوت إلى قيامها ببناء ست مقاصير لاستراحة الزورق المقدس لآمون على جانبي طريق المواكب وسجلت ذلك على جدران مقصورتها الحمراء بالكرنك وقام توت عنخ آمون بوضع رؤوس كباش على التماثيل الموجودة بين معبدى الكرنك وموت وسجل اسمه على قواعد التماثيل قبل أن يقوم كل من آي وحورمحب بوضع اسميهما على نقوش توت عنخ آمون كما سجل كل من مرنبتاح وسيتي الثاني ورمسيس الثالث أسمائهم على قواعد التماثيل في مواضع مختلفة بينما قام كبير كهنة آمون "حريحور" الذى تم تنصيبه ملكًا بعد ذلك بعمل ترميمات للتماثيل وسجل ذلك بنص على مقدمة قواعد التماثيل كما قام الملك نختنبو الأول ببناء الطريق فيما بين معبد موت ومعبد الأقصر
ويشير الدكتور ريحان إلى أن طريق الكباش الحالى ينتهي عند البيلون الأول وهو أضخم بيلون في مصر كلها وأسهم في بنائه عددًا كبيرًا من الملوك، والطريق في شكله الحالى وما يحف به من كباش يرجع إلى عصر رمسيس الثانى ويبلغ عدد الكباش في كل صف من الطريق في الجزء الخارجى الذى يمتد من المرسى حتى الصرح الأول 20 كبشًا، والجزء الداخلى عدد 13 في الناحية الجنوبية و19 كبشًا في الجهة الشمالية ولا يزال طريق الكباش يحتفظ بجماله.