دكتوراه بحقوق القاهرة تناقش أثر سياسات صندوق النقد الدولي على تحرير سعر الصرف في مصر
حصلت الباحثة شيماء أنيس على درجة الدكتوراه في القانون بتقدير جيد جداً من كلية الحقوق جامعة القاهرة، عن رسالتها التي حملت العنوان "تأثيرات سياسات صندوق النقد الدولي على تحرير سعر صرف العملة – دراسة تطبيقية للحالة المصرية".
ترأس لجنة المناقشة والحكم الأستاذ الدكتور
رابح رتيب بسطا، أستاذ ورئيس قسم المالية العامة بكلية الحقوق – جامعة بنى سويف، ونائب
رئيس جامعة بنى سويف الأسبق وعضوية الأستاذ الدكتور مصطفى كامل خليل، أستاذ المالية
العامة بكلية الحقوق – جامعة دمياط وعميد الكلية والأستاذ الدكتور سيد طه بدوي أستاذ
ورئيس قسم المالية العامة والتشريع الضريبي ومدير مركز البحوث والاستشارات القانونية
بكلية الحقوق جامعة القاهرة، المشرف على الرسالة.
حيث أثنت اللجنة على تميز موضوع الدراسة
وحداثته وارتباطه الكبير بقضايا اقتصادية وسياسية معاصرة، مما يؤهله ليصبح مرجعاً مهماً،
في هذا المجال. وأشادت بالجهد الكبير الذي بذلته الباحثة في إعداد الرسالة والذي تجاوز
الأربعة أعوام.
وحول موضوع الدراسة، تقول الدكتورة شيماء
أنيس، أنه يرتكز على بحث تأثيرات سياسات صندوق النقد الدولي على تحرير سعر الصرف وما
ينجم عنه من آثار على كافة المؤشرات الاقتصادية إضافة إلى ما يصاحبه من تحديات تحول
دون واقعية التطبيق، مشيراً إلى تضمين الرسالة دراسة تطبيقية للحالة المصرية.
وأضافت أن الرسالة تناولت شرح تفصيلي لماهية
صندوق النقد الدولي، وكذلك الأسباب التي أدت إلى أنشاء منظمة صندوق النقد الدولي والموارد
المادية له ووظائفه، إضافة إلى عرض لحقوق السحب الخاصة SDR والتي تعتبر أصل احتياطي دولي
من حيث مفهومها ووظائفها والجهات الحائزة عليها وكيفية إدارتها.
وقالت الباحثة أن الدراسة تعرضت بالتحليل
لمبدأ استقلالية البنوك المركزية بوجه عام وركزت على مدى استقلالية البنك المركزي المصري
عبر التطرق لعرض نماذج من استقلالية البنوك المركزية خاصة البنك المركزي الألماني
(البوندز بنك) وبنوك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وأوضحت الدكتورة شيماء أنيس، تعرض الدراسة
لدور صندوق النقد الدولي في تصحيح المسار الاقتصادي والتمويل الرأسمالي، بالوقوف على
دور الصندوق مع الدول النامية وبرنامج التثبيت والتكيف الهيكلي، في مجال التمويل للدول
النامية باستعراض تجربة الجزائر وتجربة مصر عام 1991 وآثارهما الإيجابية والسلبية.
كما تناولت الدراسة سياسة صندوق النقد الدولي
في الدعم غير المادي لأعضائه، كدوره في تنمية القدرات والمساعدات الفنية للدول الأعضاء،
بالإضافة إلى مساعدة الصندوق لأعضائه من خلال التدريب وتقديم المشورة.
واستعرضت كذلك أسباب وأهداف ومخاطر تحرير
سعر صرف العملة، وماهية سعر الصرف وأنظمته، ثم استعراض مخاطر أسواق الصرف. وتناولت
الآثار الاقتصادية المترتبة على قرار نوفمبر 2016 لتحرير سعر صرف العملة في مصر، من
خلال تحليل عدد من مؤشرات الاقتصاد المصري قبل وبعد قرار تحرير سعر الصرف للوقوف علي
الاثر الناجم في المدي الزمني لتطبيق الدراسة.
وحول النتائج التي توصلت إليها الدراسة،
رصدت الباحثة شيماء أنيس سبعة نتائج أولاها، تبني صندوق النقد الدولي نظام سعر الصرف
المرن والذي اعتمد في مصر في 2016، حيث أشاد الصندوق باعتماد مصر نظام سعر الصرف المرن
وما أعقبه من انخفاض في قيمة الجنيه المصري وطالب بضرورة الحفاظ على نظام سعر الصرف
المرن بحيث يتم تحديد سعر الصرف من قبل السوق.
وثانيها، أن سياسة صندوق النقد الدولي تعزز
إيجاد شبكات الأمان الاجتماعي من خلال زيادة الإنفاق على الإعانات المادية والتحولات
النقدية المشروطة لامتصاص الآثار الناجمة عن سياستها الاقتصادية وخاصة فيما يتعلق بسعر
الصرف.
وأبرزت الدراسة تحيز السياسة النقدية لصندوق
النقد الدولي للمحافظة على التضخم عند مستويات منخفضة جداً عن طريق رفع معدلات الفائدة،
إلا أن النتائج أثبتت فشل هذه الاستراتيجية وعدم كفايتها بالرغم من امتثال البنك المركزي
لتقويض التضخم من خلال رفع معدلات الفائدة، وهو ما حدث من خلال قيام البنك المركزي
برفع سعر الفائدة في نوفمبر 2016، (300 نقطة) أساس، إلا أن معدل التضخم ارتفع بنسبة
(30%) في فبراير 2017.
كما أظهرت نتائج الدراسة فشل التقشف المالي
الذي ينتهجه صندوق النقد الدولي من خلال تجارب الدول النامية من حيث عدم قدرته على
تعزيز النمو وخلق فرص العمل، بل على العكس تزايدت معدلات البطالة ونسب الفقر.
أوضحت نتائج الدراسة كذلك تزايد معدلات
النمو في الناتج الإجمالي عقب تحرير سعر الصرف وبالرغم من أن التزايد يعد طفيفاً إلا
أنه يتوقع خبراء الصندوق أن يستمر في التزايد.
وصدت الدراسة، تزايد معدلات الدين سواء
الداخلي أو الخارجي عقب تحرير سعر الصرف بالرغم من التوقعات بتراجع الدين العام في
عام 2016 على أثر قرار تحرير سعر الصرف إلا أنه لم يحدث.
وأخيراً وفيما يتعلق بالميزان التجاري المصري
فقد أوضحت نتائج الدراسة تزايد عجز الميزان التجاري عقب تحرير سعر الصرف نتيجة لعدم
زيادة الصادرات لاعتماد الدولة المصرية في العديد من منتجاتها على سلع وسيطة مستوردة،
وقيام غالبية الصادرات المصرية على البترول والمواد الخام وقطاع النقل والسياحة.
ووضعت الدكتورة شيماء أنيس عدداً من التوصيات
في هذا الصدد، حيث شدد على ضرورة أن يتبني صندوق النقد الدولي مع الدول النامية ومع
الحالة المصرية بشكل خاص سياسة سعر صرف مستقرة وتنافسية نسبياً بما يعطي فسحة سياسية
لوضع استراتيجية لإدارة سعر الصرف وفق المعطيات الاقتصادية والاجتماعية المحلية.
ودعت لضرورة الموازنة بين إيجاد شبكات الأمان
الاجتماعية والحماية الاجتماعية التي كانت قائمة في السابق لمحاولة امتصاص الفقر الناجم
عن ارتفاع معدلات التضخم.
كما أوصت بإيجاد بديل بجانب رفع معدلات
الفائدة حيث أنها ستعمل على تقويد الاستثمار الخاص والنمو الاقتصادي وهو ما يمكن تجنبه
من خلال تفعيل دور السياسة المالية ليصبح أكثر توسعاً بجانب التركيز على الاستثمار
وتعزيز القدرات الإنتاجية. وكذلك لضرورة الموازنة بين التقشف المالي وأهمية الإنفاق
المالي في ظل أعباء الديون بالشكل الذي ينقذ الاقتصاد من الركود ويساعد في تنمية القدرات
الإنتاجية وتحقيق الحماية الاجتماعية.
كما أوصت بعدم الاعتماد على الاقتراض خاصة
فيما يتعلق بالاقتراض من أجل سد عجز الموازنة وتوجيهه نحو المشروعات الإنتاجية بالتزامن
مع ترشيد المشروعات الاستهلاكية. وكذلك عدم المبالغة في الاحتفاظ بالاحتياطات النقدية
الدولية واستخدامها فقط في تلبية متطلبات الاستيراد أو لسداد الديون؛ بل تمديد استخدامها
في مجالات صناعية.
وأخيرا دعت الباحثة بترشيد الاستهلاك في
المجالات الترفيهية والانتقال من الاعتماد على المنتجات الوسيطة المستوردة في دائرة
الإنتاج وتعزيز الإنتاج المحلي، الأمر الذي من شأنه أن يحد من الطلب على العملة الأجنبية.