تقرير: الاقتصاد العالمي يشهد تحسنًا خلال النصف الثاني من 2021
كشفت أحدث نسخة من "استطلاع الظروف
الاقتصادية العالمية" (GSCS) الصادر عن "جمعية المحاسبين القانونيين
المعتمدين" (ACCA) و"معهد المحاسبين الإداريين" (IMA)
أن مؤشرات الثقة العالمية شهدت انتعاشاً "سريعاً وقوياً" خلال الربع
الثاني من عام 2021، مما يساهم في عودة النشاط الاقتصادي العالمي إلى المستويات
المسجلة قبل ظهور الجائحة في أواخر عام 2019.
ويرصد تقرير الظروف الاقتصادية العالمية، والذي
يعتبر أكبر استطلاع اقتصادي دوري يشارك فيه أكثر من 1000 عضو من كبار المحاسبين
والمختصين الماليين من جميع أنحاء العالم، الحجم الحقيقي للركود الاقتصادي العالمي
الناجم عن تدابير الاستجابة لجائحة "كوفيد-19"، حيث يكشف التقرير عن كل
من حالات تدهور مؤشرات الثقة الخاصة بكل منطقة منذ بداية تفشي الجائحة، وحالات
ارتفاع مؤشرات الثقة المدفوعة بالتأثيرات المجمعة لحملات التطعيم وبرامج التحفيز
المالي المحلية.
وبحسب التقرير، يكتسب الاقتصاد العالمي زخماً
قوياً خلال النصف الثاني من هذا العام. وفي حين سجلت مؤشرات الثقة العالمية
تراجعاً طفيفاً خلال الربع الثاني، إلا أن هذا الأمر جاء في أعقاب أكبر قفزة على
مستوى مؤشرات الثقة في تاريخ الاستطلاع المستمر منذ 10 سنوات.
وفي ذات الوقت، يتباين مسار الانتعاش بين
الاقتصادات المتقدمة والنامية، وتستفيد الاقتصادات المتقدمة من التقدم السريع على
مستوى حملات التطعيم وإنفاق المدخرات المتراكمة التي تسمح بالعودة إلى ظروف
اقتصادية طبيعية على نحو أكبر، ولكن على الجانب الآخر، لا تزال العديد من اقتصادات
الأسواق الناشئة تعاني من ضعف ملموس، باعتبار أن محدودية حملات التطعيم تسمح بتفشي
موجات جديدة من عدوى "كوفيد-19"، ويسلط التقرير الضوء على هذا التباين
من خلال الدراسات الاستطلاعية الإقليمية التي حملت نتائج قوية في أمريكا الشمالية
وأوروبا مقابل نتائج أضعف بكثير في جنوب آسيا وأفريقيا.
النتائج الرئيسية الأخرى:
• سجلت مؤشرات النشاط العالمي الرئيسية، مثل الطلبات، تحسّناً إضافياً في استطلاع الربع الثاني لتستقر الآن فوق المستويات المسجلة خلال الربع الأخير من عام 2019، وهي الفترة التي سبقت تفشي الجائحة مباشرة.
• بشكل عام، استعاد الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن حجمه السابق خلال مرحلة ما قبل الجائحة. وكان هذا الانتعاش مدفوعاً بالنمو الاقتصادي السريع في الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم، في حين لا تزال الكثير من الاقتصادات متخلفة عن هذا الركب ويتعين عليها قطع أشواط طويلة لتعويض خسائرها.
• سجل مؤشر "الخوف"، الذي يجري قياسه عبر المخاوف المهيمنة على المشهد الاقتصادي بسبب توقف العملاء والموردين عن العمل، انخفاضاً ملحوظاً في استطلاع الربع الثاني، الأمر الذي يؤكد على انحسار حالة انعدام اليقين الشديدة والناجمة عن تفشي الجائحة لتعود إلى مستويات أقرب للحالة الطبيعية.
• سجل مؤشر القلق بشأن التكاليف التشغيلية ارتفاعاً ملحوظاً في الاستطلاع الأخير ليبلغ أعلى مستوياته منذ الربع الثالث من عام 2019. لكن لا يزال أدنى من المستوى الذي قد يشير إلى ارتفاع كبير ودائم في التضخم.
وفي معرض تعليقه على نتائج التقرير، قال مايكل تيلور، كبير الاقتصاديين لدى جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين: "أحرزت حملات التطعيم تقدماً محدوداً وطفيفاً في العديد من الأسواق الناشئة، الأمر الذي جعل العديد من هذه الدول عرضةً لموجات وسلالات جديدة من مرض ’كوفيد-19‘ جنباً إلى جنب مع ما يترتب على ذلك من قيود تعيق الانتعاش الاقتصادي. ويبدو أن هذه الحالة تميل للاستمرار لغاية عام 2022 أيضاً. لذلك ينبغي أن تشهد مستويات توريد اللقاحات إلى الأسواق الناشئة زيادة كبيرة خلال الأشهر القادمة من أجل إضفاء الإيجابية على توقعات النمو الواردة في التقرير الصادر مؤخراً".
وبدوره، أشار رائف لاوسون، المحاسب الإداري المعتمد والمحاسب القانوني العام ونائب رئيس شؤون البحوث والسياسات لدى معهد المحاسبين الإداريين، إلى أنه خلال عام 2021 من المرجح أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي حدود 6%، ويجسّد هذا الرقم انتعاشاً استثنائياً في أعقاب الانخفاض الكبير بنسبة 3.5% خلال العام الماضي. وسيتركز هذا النمو في الاقتصادات المتقدمة التي بلغت فيها مستويات التطعيم حدوداً تتيح تخفيف قيود التباعد الاجتماعي وعودة النشاطات الاقتصادية إلى طبيعتها. وقال لاوسون: "نواجه جائحة تتطلب اتخاذ إجراءات عالمية من أجل حماية صحة السكان واقتصادات بلدانهم على المديين القصير والطويل. وبالنسبة إلى معهد المحاسبين الإداريين وجمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين، هنالك صلة واضحة بين اتخاذ هذه الإجراءات وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وخاصة الهدف الأول المتمثل بالقضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان، والهدف الثامن المتعلق بتوفير العمل اللائق وتعزيز النمو الاقتصادي".
وأردف لاوسون: "بالإضافة إلى التطبيق السريع لحملات التطعيم الفعالة، تمكنت الاقتصادات المتقدمة من تطبيق تدابير دعم مالي ضخمة ساهمت في الحفاظ على مستويات الدخل المتاح للأسر وتقديم الدعم للشركات والحيلولة دون حدوث ارتفاعات كبيرة في معدلات البطالة. كما دعمت أسواق الإسكان المزدهرة مستويات الإنفاق الاستهلاكي. ويعني هذا الأمر أنه مع توجه الظروف الاقتصادية للعودة نحو الوضع الطبيعي، من المرجح أن تتعافى الاقتصادات بسرعة كبيرة. ولكن في العديد من الأسواق الناشئة، عجزت برامج التطعيم عن إحراز تقدم كبير، الأمر الذي يجعلها عرضة لموجات وسلالات جديدة من مرض ’كوفيد-19‘ وما يترتب على ذلك من إعادة فرض القيود التي تعيق الانتعاش الاقتصادي".
وعلى مستوى الشرق الأوسط يواصل الاقتصاد العالمي اكتساب المزيد من الزخم، ومن المرجح أن يشهد النصف الثاني من العام الجاري نمواً قوياً في الناتج المحلي الإجمالي. وبالنسبة لعام 2021 ككل، من المرجح أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي العالمي نمواً بواقع 6%، ويجسّد هذا الرقم انتعاشاً استثنائياً في أعقاب الانخفاض الكبير بنسبة 3.5% خلال العام الماضي. لكن سيتركز هذا النمو في الاقتصادات المتقدمة التي بلغت فيها مستويات التطعيم حدوداً تتيح تخفيف قيود التباعد الاجتماعي وعودة الظروف الاقتصادية إلى طبيعتها.
ويسلط الاستطلاع الضوء على الزيادة الطفيفة التي شهدتها مؤشرات الثقة في منطقة الشرق الأوسط خلال الربع الثاني من العام الجاري في ظل التعافي المستمر لأسعار النفط التي تجاوزت حاجز الـ 70 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ بداية الجائحة. وبالإضافة إلى ذلك، شهدت مؤشرات النشاط مثل الطلبات تحسناً طفيفاً. وأحرزت بعض الدول في المنطقة، لا سيما دولة الإمارات والبحرين، تقدماً كبيراً في خطط التطعيم. وتشير مسألة تحسن عائدات النفط وتخفيف القيود الاجتماعية المطبقة إلى استمرار الانتعاش الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة.
واختتم لاوسون: "لا تزال المخاطر الصحية والاقتصادية المرتبطة بأزمة كوفيد-19 تفرض نفسها بقوة على الساحة العالمية. وطالما بقي مرض كوفيد-19 منتشراً على نطاق واسع في بعض أجزاء العالم، هناك فرصة لظهور وانتشار سلالات مقاومة للقاح، الأمر الذي قد يؤدي إلى إعادة فرض تدابير الإغلاق وما يترتب عليها من أضرار اقتصادية".
انطلقت الأعمال الميدانية لاستطلاع الظروف الاقتصادية العالمية في الربع الثاني من عام 2021 يوم 1 يونيو واستمرت لغاية 15 يونيو 2021، وشارك فيه 1100 عضواً في جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين ومعهد المحاسبين الإداريين، منهم أكثر من 100 مدير تنفيذي للشؤون المالية.