الاقتصاد اللبناني وأزمة المازوت.. صراع بين الدوائر السياسية وابتزاز لتأليف الحكومة
تتوالى الأزمات التي تنهش في الاقتصاد اللبناني، والتى كان آخرها شح مادة المازوت، في ظل فساد الحكومات اللبنانية المتعاقبة وانشغالها بالمناكفات السياسية وتغلغل حزب الله الإرهابي في قطاعات الدولة، فضلًا عن عمليات التهريب التي يقوم بها الحزب لحلفائه بالدول المجاورة، رغم افتقار لبنان تلك المواد.
وتفاقمت أزمة المازوت في لبنان بسبب اعتماد كافة القطاعات بالبلاد على تلك المادة لتعويض نقص الكهرباء، حيث لجأت المؤسسات للاعتماد على المازوت، رغم توقف منشآت النفط تسليم مادة المازوت للحفاظ على الاحتياطي الاستراتيجي؛ مما أدى لاختفاء المازوت ودق ناقوس الخطر.
واضطرت عدد من المؤسسات السياحية والفنادق والمستشفيات والمخابز للاتجاه للإقفال والإغلاق أبوابها بعد نفاذ احتياطات المازوت لديها، في ظل تسليم مديري النفط كمية لا تكفي لأكثر من أسبوع من المازوت، ووصول سعر الصفيحة الواحدة من المازوت لـ140 ألف ليرة بالسوق السوداء.
ومن جانبه، قال جورج البراكس عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات اللبنانية، إن أزمة المازوت هى جزء من الأزمة التي يعاني منها القطاع الاقتصادي والنقدي والمالي في لبنان، بسبب شح العملات الصعبة وخاصة الدولار في مصرف لبنان.
وأضاف البراكس، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن مصرف لبنان مضطر لتأمين سعر مدعوم للدولارات اللازمة لاستيراد المحروقات بسبب تبني الحكومة اللبنانية سياسة دعم لتلك المواد، موضحا أن أزمة المازوت تفاقمت جراء تراجع تأمين كهرباء لبنان، الأمر الذي يتم تعويضه عبر المولدات الخاصة التي تعمل بالمازوت.
وتابع عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات اللبنانية، أن حاجة القطاعات المختلفة للمازوت الآن تضاعفت لتعويض انقطاع الكهرباء، في ظل عدم قدرة مصرف لبنان بفتح اعتمادات للشركات لاستيراد كميات من المازوت لتحل محل عجز الكهرباء؛ مما تسبب في تضخم أزمة المازوت بالبلاد.
وأوضح أن الكميات الموجودة في لبنان تكفي لمدة أيام فقط، حيث كانت احتياجات البلاد اليومية 7.8 مليون لتر من المازوت، واليوم ارتفعت تلك الحاجة إلى 18 مليون لتر، لتغطية متطلبات المستشفيات والمصانع والمزارعين والمنازل والسوبرماركت؛ فضلا عن عمليات التهريب للبلدان المجاورة.
وأشار إلى أن الحل الوحيد للخروج من تلك الأزمة هي التحول من دعم المواد لدعم المواطنين والذي يكون في شكل دعم البطاقات التموينية؛ للخروج من أزمات ارتفاع الأسعار الناتجة عن توقف سياسة دعم المحروقات لإنقاذ نزيف الدولارات التي يعاني منها مصرف لبنان، والاعتماد على سياسة الاستيراد الحر للمحروقات.
وفي نفس السياق، أكد سليمان هارون نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان، أن بلاده اليوم تواجه أزمة نظام، مؤكدًا أن تلك الأزمة تنعكس على كافة نواحى الاقتصاد والقطاعات الانتاجية سواء زراعي أو صناعي أو سياحي حتى وصلت الأزمة للمنازل، حيث أصبحت الكهرباء تعمل لمدة ساعتين أو 3 فقط.
وأضاف هارون، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أنه هناك عدد من المستشفيات في البلاد مخزونها من المازوت لا يكفي إلا لعدة أيام فقط في ظل أزمة شح المازوت؛ مما يضع القطاع الصحي أمام أزمة جديدة.
وتابع نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان، أن صفقة استيراد البلاد مليون طن مازوت من العراق لن تخرج البلاد من أزمتها، ولكنها ستكون بمثابة مسكن للأزمة، مؤكدًا على ضرورة تأليف حكومة جديدة لخروج لبنان من قروض البنوك المانحة والبنك الدولي.
وبدوره، قال ريكاردو الشدياق المحلل السياسي اللبناني، إن فقدان المازوت في لبنان ليست أزمة فحسب بل إطفاء المحرك الاجتماعى والأساسي للبنانيين؛ مما تسبب في وضع المواطنين أمام تهديد للأمن الغذائي والصحي والاستشفائي والسياحي، في ظل المأساة المعيشية والاقتصادية والمالية التي يعيشها البلد.
وأضاف الشدياق، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أنه تدور معركة وجود يخوضها الجميع في لبنان عبر التلاعب بأسعار الدولار وتوافر البنزين والمازوت في محطات الوقود، مؤكدًا أن أزمة المازوت الأخيرة ليست أزمة عفوية أو ناتجة عن سوء تقدير ولكنها مختلقة، لإدخال لبنان بدائرة الصراع السياسي والابتزاز السياسي لتأليف حكومة جديدة والسيطرة على مفاصل الدولة.