بعد اعترافها بإبادة الأرمن.. تركيا تتلقي صفعة قوية من الولايات المتحدة الأمريكية
تواجه تركيا أوقاتا عصيبة بعد اعتراف واشنطن بإبادة الأرمن على يد العثمانيين، وهي خطوة وصفها خبراء بأنها "جاءت لتقليم أظافر أردوغان".
وأجاب 3 خبراء، اثنان منهم
أمريكيان،وفقا للعينن على السؤال الأبرز، وهو الأسباب التي دفعت الإدارة الأمريكية
الجديدة للاعتراف بإبادة الأرمن أثناء حكم الدولة العثمانية.
واتفق الخبراء الثلاث على أن هناك هدفا
رئيسيا من هذه الخطوة يتصل بإيفاء إدارة بايدن لوعدها الانتخابي للأرمن، وإرساء
مبدأ الأولوية لحقوق الإنسان كصميم وأساس للسياسة الخارجية الأمريكية.
وتوقع المختصون أن تشهد العلاقات بين
تركيا وواشنطن "توترا" خلال الفترة المقبلة، لافتين في الوقت نفسه إلى
أن أردوغان لا يملك خيارات للرد على قرار بايدن التاريخي.
المحلل السياسي السوري شيار خليل قال
وفقا للعين" إن الرئيس الأمريكي
بايدن أراد بخطوة الاعتراف بالإبادة الجماعية بحق الأرمن تقليم أظافر تركيا وزحفها
باتجاه السيطرة على عدة محاور عسكرية وسياسية في الشرق الأوسط، من خلال دعم
الجماعات الإرهابية عسكرياً وسياسياً، كما في سوريا وليبيا واليمن وأذربيجان
ووصولاً إلى عدة بقع جغرافية في أفريقيا.
ووصف "خليل" الاعتراف
بـ"خطوة مهمة" لتحقيق العدالة وتبيان الحقائق التاريخية التي همشتها
صفقات سياسية معينة، وهي خطوة بالاتجاه الصحيح للإدارة الأمريكية بدفع الأرمن
للمطالبة بحقوقهم وتوفير الدعم والمساحة الآمنة لهم في هذا العالم.
وأضاف أن "قرار بايدن لم يكن
مفاجئاً ولا سيما أن حملة بايدن الرئاسية قالت قبل شهر من انتخابات 2020، إنه
سيعترف بالإبادة الجماعية للأرمن ويجعل حقوق الإنسان العالمية أولوية قصوى لإدارته
حتى لا تحدث مثل هذه المأساة مرة أخرى".
واستدرك الخبير في الشؤون الدولية، لكن
القرار بالمجمل هو عبارة عن عملية وضع النقاط على الأحرف والهروب من خوف الإدارة
الأمريكية من عملية الاعتراف والاكتفاء بوصف تلك الإبادة بالأعمال الفظيعة، خوفاً
من غضب تركيا حليفها في الناتو.
وحول ردة فعل تركيا المستقبلية إزاء
اعتراف الولايات المتحدة، أوضح "خليل": القرار أزعج حكومة العدالة
والتنمية ممثلة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وستستمر الحكومة التركية في إصدار
عدة بيانات شجب وإدانة عن تلك الجريمة التي تعود إلى 106 أعوام، محاولين بذلك تبرير
جرائمهم في العصر الحديث وفي المستقبل بحق الأرمن والكرد والعرب في المنطقة.
ومتوقعا نجاح سياسة "تقليم
الأظافر"، قال الصحفي السوري إنه رغم
هذه التبريرات لكن وسط الأوضاع الاقتصادية المتردية في تركيا وتراجع الحريات
والليرة التركية في البلاد لن يدفع أردوغان إلى اتخاذ أية خطوات جدية تجاه ذلك،
لأنه بحاجة ماسة إلى واشنطن وليس لديه الخيارات الكافية لتحويل غضبه إلى قرارات
على أرض الواقع.
وبشأن النتائج المترتبة على خطوة
الاعتراف، لفت "خليل" إلى أن اعتراف الولايات المتحدة يخلق حالة رمزية
كبيرة سياسياً وحقوقياً في العالم، لافتا إلى أن الحكومة التركية وأردوغان لن
يستطيعا كبح عملية العدالة والمحاسبة التي لن تتوقف تجاه مجازر العثمانيين القدامى
ولا العثمانيين الجدد المتمثلين بمرتزقة أردوغان في عدة دول.
وتابع أنه "سيسعى الضحايا كما فعل
الأرمن والكرد للاحتفاظ بصور ضحاياهم والدفاع عنهم على مر التاريخ للوصول إلى
العدالة المنشودة يوماً ما".
ومتفقا مع "خليل" فيما يتعلق
بانزعاج أنقرة من الاعتراف التاريخي لإدارة بايدن، قال ماك شرقاوي، المحلل السياسي والخبير في
العلاقات الدولية، إنه على الرغم من أن الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن لن يكون
له تباعات قانونية لكن بالتأكيد سيؤدي إلى تفاقم التوتر مع تركيا، التي لا تتصرف
كحليف في العديد من الجوانب.
ومطلع يناير ، اتهم وزير الخارجية
الأمريكي أنتوني بلينكن، تركيا بأنها لا تتصرف كحليف، مشيرا إلى إمكانية فرض
المزيد من العقوبات على أنقرة بسبب شرائها منظومة "إس-400"، وهو ما تم
تنفيذه قبل يومين.
وأضاف شرقاوي أنه :" تركيا مستاءة
وهذا متوقع، خاصة أن اعتراف بايدن وهو الأول من نوعه لرئيس أمريكي يعد خطوة رمزية
إلى حد كبير، بالإضافة إلى أنه تغيير جذري في صيغة الحوار بين واشنطن وأنقرة".
وحدد "شرقاوي" هدفين وراء
اعتراف الرئيس بايدن بالإبادة الجماعية أولهما: الوفاء بوعده الانتخابي للوبي
الأرمني، أما الثاني فهو إرساء مبدأ الأولوية لملف حقوق الإنسان كأساس وصميم
لسياسته الخارجية.
ويرى الخبير السياسي أن خطوة الاعتراف
بالإبادة تشكل تكريما للضحايا من الأرمن، لا سيما في الوقت الذي رفضت فيه تركيا
دائما كلمة الإبادة مستخدمة مصطلح الحرب الأهلية، مقللة من حجم الضحايا الذين
تجاوز عددهم 1,5 مليون أرميني بين 1915 و1917.
ومن جانبه لم يختلف رأي المحلل السياسي
مايكل مورجان عن سابقيه، قائلا لـ"العين الإخبارية" إن "اعتراف
بايدن جاء بناء على ضغط من اللوبي الأرمني من جهة، واستهداف معاقبة تركيا من جهة
أخرى، خاصة أن إعلان هذه المذبحة كإبادة سيفيد الإدارة الأمريكية الجديدة سياسيا
في التعامل مع أنقرة بالملفات الأخرى أبرزها حقوق الإنسان والتدخلات الخارجية في
شؤون الدول.
واعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن،
السبت، بالمذابح التي تعرض لها الأرمن على يد العثمانيين خلال الحرب العالمية
الأولى، ليصبح أول اعتراف رسمي من واشنطن بالمذبحة على أنها "إبادة جماعية".
وقوبل اعتراف بايدن بإشادات دولية فيما
رفضت تركيا بشكل تام اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، مما ينذر بتعميق الهوة
بين تركيا والغرب بشكل عام، وتركيا وواشنطن بشكل خاص.