ضغوط محتملة.. كيف تؤثر زيادة أسعار البنزين على معدلات التضخم في مصر؟

الاقتصاد

بوابة الفجر

في ضوء الأوضاع الاستثنائية التي يمر بها العالم نتيجة تداعيات جائحة كورونا، انعكست قفزة أسعار النفط العالمية منذ بداية العام على قرار لجنة تسعير المنتجات البترولية التابعة لوزارة البترول المصرية، لإجراء أول زيادة في الأسعار منذ 2019.

وأعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية في مصر عن رفع أسعار البنزين بقيمة 25 قرشاً، والذي تم طبيقه بداية من الساعة العاشرة صباح يوم الجمعة الماضي.

وفي ضوء زيادة الأسعار وباعتبار الوقود من أهم وأبرز المؤثرات على معدلات التضخم، استطلع "مباشر "آراء محللي الاقتصاد الكلي حول مدى تأثر معدلات التضخم في مصر بقرار زيادة أسعار النفط وسط توقعات بهدوة وتيرة التأثير نظراً لعدة أسباب؛ تتمثل في استمرار تداعيات كورونا على حجم الطلب، وتثبيت أسعار المازوت والسولار.

قالت منى بدير محللة الاقتصاد الكلي لدى بنك الاستثمار برايم، إن قرار لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية برفع أسعار البنزين ليس مفاجئة كبيرة ولكن أوساط التوقعات كانت تميل أكثر للتثبيت.

وأرجعت بدير، القرار إلى تخطي أسعار البترول العالمية لتقديرات الموازنة العامة للدولة، مؤكدة أنه على الرغم من الزيادة في أسعار البنزين فإنه من غير المتوقع أن يؤدي ذلك إلى ضغوط تضخمية كبيرة.

ولفتت محللة الاقتصاد الكلي إلى أن هناك عاملاً قد يهدء من تأثير ارتفاع أسعار البنزين على معدلات التضخم في مصر، والذي يتمثل في استمرار تراجع معدلات الطلب على البنزين بالتزامن مع استمرار تأثر العديد من القطاعات بتداعيات كورونا، وعلى رأسها قطاع السياحة.

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية (110.9) نقطة لشهر مارس 2021، مسجلاً بذلك ارتفاعاً قدره (0.6%) عن شهر فبراير 2021.

بينما سجل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية (4.8%) لشهر مارس 2021 مقابل (4.6%) لنفس الشهر من العام السابق.

وحول تأثير قرار زيادة أسعار البنزين على قراءة التضخم قالت رضوى السويفي رئيسة بحوث فاروس، إن القرار قد يؤدي إلى تعديل توقعات قراءة التضخم في شهر مايو ليرتفع بنحو 0.6% على أساس شهري و3.8% على أساس سنوي، مقابل توقعات سابقة عن القرار بارتفاع قدره 0.2% شهرياً و3.4% سنوياً.

وأكدت رئيسة البحوث أن قرار تثبيت المازوت والديزل من شأنه أن يقلل من أي تأثير لأرقام التضخم نظراً لاستقرار تكاليف النقل وتكاليف التصنيع.

وذكرت السويفي أن أسعار خام برنت قد وصلت إلى مستويات ما قبل انتشار فيروس كورونا، لافتة إلى أن توقعات استقرار الأسعار حول 65 دولاراً للبرميل، بالإضافة إلى توقعات استقرار سعر الصرف قد تشيران إلى عدم وجود زيادة جديدة في أسعار الوقود في اجتماع اللجنة في الربع الثاني من العام.

ولفتت المحلل الاقتصادي إلى أن أسعار النفط العالمية شهدت زيادة كبيرة خلال الربع الأول ولكنه تم الحد من زيادة الأسعار محلياً نظراً للانخفاض المحدود في الأسعار عندما انهارت أسعار خام برنت في العام الماضي.

ونشرت الجريدة الرسمية في مصر، قرار طارق الملا، وزير البترول المصري، بشأن تعديل سعر بيع لتر البنزين 80 تسليم المستهلك إلى 6.50 جنيه، بدلاً من 6.25 جنيه للتر.

وحددت الوزارة، سعر بيع اللتر من بنزين 92 عند 7.75 جنيه مقابل قيمة سابقة 7.50 جنيه للتر، ورفعت سعر لتر بنزين 95 إلى 8.75 جنيه من 8.50 جنيه للتر.

وأوضحت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، أنها قررت في اجتماعها المنعقد عقب انتهاء شهر مارس الماضي تثبيت سعر بيع السولار عند 6.75 جنيه للتر، وكذلك تثبيت سعر المازوت للقطاع الصناعي عند 3900 جنيه للطن حتى نهاية شهر يونيو المقبل، بحسب بيان صحفي.

ولفتت اللجنة، إلى أنها استعرضت متوسطات أسعار خام برنت في السوق العالمي وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه للفترة يناير/ مارس 2021، واللذين يعتبران أهم مؤثرين ومحددين لتكلفة إتاحة وبيع المنتجات البترولية في السوق المحلية بخلاف الأعباء والتكاليف الأخرى.

وتعد الزيادة هي الأولى منذ 2019، عندما بدأت الحكومة في تطبيق آلية التسعير التلقائي لأسعار المنتجات البترولية وفقا لما تقرره اللجنة التي تجتمع بشكل ربع سنوي وبحسب ما نص عليه برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أقره صندوق النقد الدولي.

من جهته، قال أبوبكر الديب الخبير الإقتصادي، إن هناك 3 أسباب لرفع أسعار البنزين في مصر بقيمة 25 قرشاً خلال الفترة الماضية؛ منها ارتفاع أسعار البترول ومشتقاته عالمياً، وكذلك أسعار صرف الدولار، ومحاولة زيادة إيرادات الموازنة العامة للدولة.

وأوضح الديب أن خام "برنت" ارتفع خلال الربع الأول من العام الجاري إلى مستوى يلامس 65 دولاراً للبرميل بزيادة 22.6%، كما صعد متوسط سعر خام غرب تكساس الأمريكي بنسبة 21.9% إلى 61.45 دولار للبرميل.

وأضاف أن سعر برميل البترول بمشروع إعداد الموازنة العامة للدولة بالعام المالي 2021-2022، حسب وزير المالية محمد معيط، عند مستوى 60 دولاراً، كما اعتمدت الموازنة على متوسط سعر الصرف السوقي في الربع الأول من العام الحالي.

وقال إن أسعار النفط العالمية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً منذ بدء شهر فبراير الماضي، بأكثر من 10 دولارات للبرميل الواحد مقارنة بشهر يناير الماضي، ويمثل سعر برميل النفط أهمية كبرى للموازنة المصرية، لأن مصر لا تزال تستورد بعض الكميات من الزيت الخام من الخارج، لتغطية احتياجات السوق المحلية وهو ما يتم إدراجه بالفعل في الموازنة العامة للدولة كل عام.

وأشار الديب إلي نجاح الحكومة المصرية في التغلب على تقلبات أسعار النقط بمضاعفة التحوط ضد الأسعار من خلال عقود خاصة بالتأمين ضد مخاطر ارتفاع أسعار النفط مع بنكين عالميين، وهو توجه جيد تم انتهاجه منذ 3 سنوات، لتأمين الموازنة ضد مخاطر تذبذب أسعار البترول العالمية.

وقال وزير البترول طارق الملا، الشهر الماضي، إن الحكومة خفضت دعم الوقود بنسبة 45% في النصف الأول من العام المالي 2020-2021 إلى 8.4 مليار جنيه من 15.2 مليار جنيه في نفس الفترة من العام السابق. لتحقق مستهدفاتها في تقليص الدعم إلى 28.2 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري.

يذكر أن تعديل أسعار المحروقات فى السوق المحلى المصري سيستمر للفترة "أبريل - يونيو" 2021.

وتعتمد لجنة تسعير الوقود، التي تضم ممثلين لوزارتي البترول والمالية، في قرارها على قياس مستوى الأسعار العالمية للبترول وأسعار الصرف وتكاليف النقل والتشغيل والإنتاج، وتجتمع بشكل ربع سنوي لمراجعة أسعار الوقود، وتحريكها ارتفاعا أو انخفاضا بنسبة 10 بالمائة أو تثبيتها.