خوفاً من الجوع.. الإرهابيون يسلمون أنفسهم للأمن في سيناء
انخفضت معدلات العمليات الإرهابية في مصر خلال الثلاث سنوات الأخيرة بمعدلات غير مسبوقة، خصوصًا في شبه جزيرة سيناء وبالتحديد في محافظة الشمال التي كانت تشهد عمليات عدائية ضد القوات الأمنية من القوات المسلحة والشرطة بصورة متكررة، إلا انه بعد استحكام القبضة الأمنية بداية من عمليات حق الشهيد وما تلاها من العملية الشاملة سيناء 2018، أصبح الإرهاب في سيناء في مرحلة الشيخوخة والاحتضار.
وخلال الأيام الماضية سلم ما يقارب من 47 عنصرًا إرهابيًا أنفسهم للقوات الأمنية في شمال سيناء، وهي ليست المرة الأولى التي يقوم فيها عناصر إرهابية بتسليم أنفسهم خوفًا من الجوع أو الظروف المعيشية المتردية التي يعيشها هؤلاء العناصر هربًا من الملاحقة الأمنية، فمعظمهم لا يجد سوى الجبال والتلال ملجئا له بعد أن لفظت القبائل البدوية تلك العناصر وأصبحت تبلغ عن وجود عناصر غريبة بينها، وأصبح تعقبهم واصطيادهم من القوات الأمنية أمرًا حتميًا.
القبضة الأمنية وهدم الأنفاق
وعلق اللواء أركان حرب محمد الشهاوي، مستشار كلية القادة والأركان علي استسلام العناصر الإرهابية للقوات الأمنية وتسليمهم لأنفسهم، قائلا، إن استمرار العمليات النوعية للقوات المسلحة على مدار العام بداية من عمليات حق الشهيد الأولى والثانية وما بعدها من العملية الشاملة سيناء 2018 كان لها أثر بالغ في إضعاف تلك العناصر، وتكبيدهم خسائر فادحة في الأموال والأرواح، ما أفقدهم التوازن أمام جيش نظامي قوي بحجم القوات المسلحة، وأصبحت معظم العناصر الإرهابية الموجودة الآن غير مدربة أو منظمة بسبب مقتل العديد من قادتهم.
وأشار "الشهاوي"، إلى أن غلق الأنفاق الأرضية خلال السنوات السابقة كان له أثر بالغ في وقف الدعم اللوجستي والمادي للعناصر الإرهابية في سيناء وقطع التمويل عنهم مما جعل كثير منهم ينشقون عن الجماعات الإرهابية بعد توقف دفع الرواتب لهم لشهور عديدة، ومع تزايد حركات الإغلاق خلال العام الحالي والماضي بسبب جائحة كورونا أصبحت تلك الجماعات بلا تمويل تقريبًا لشهور عديدة، فكان الاستسلام للقوات الأمنية هو طوق النجاة الوحيد أمامهم.
شيوخ البدو والقبائل
أما الشيخ محمد خضير، رئيس المجلس القومي للقبائل العربية والبدوية، فقال إن معظم القبائل وبدو سيناء أصبحوا على درجة كبيرة من اليقظة، في الإبلاغ عن العناصر الغريبة التي تدخل القرى في محافظة شمال سيناء وخصوصًا في مدن العريش ورفح والشيخ زويد والقري التابعة لها ما جعل اصطياد تلك العناصر سهلًا للقوات الأمنية من القوات المسلحة والشرطة، فأصبح ملجأ هؤلاء العناصر الجبال والتلال الرملية والكهوف وهي ظروف معيشية صعبة جعلت العناصر لا تحتمل تلك المعيشة الصعبة مع قطع الإمدادات والتموين عنهم، فأصبح كثير منهم يتضورون جوعًا وأصبح الاستسلام للقوات الأمنية طوق نجاة لكثير منهم.
وأضاف "خضير"، أن كثير من شيوخ القبائل البدوية في سيناء يشجعون علي استسلام هؤلاء العناصر للقوات الأمنية ويعدوهم بالأمان وحسن المعاملة حرصًا علي إراقة الدماء، واستجاب عدد كبير من هؤلاء العناصر لتلك الدعوات واستسلم عدد كبير علي مدار العام للقوات الأمنية من القوات المسلحة والشرطة، ما جعل بعض العناصر ينتقمون من شيوخ القبائل والعناصر البدوية التي تتعاون مع القوات المسلحة في سيناء ردًا على استسلام عناصرهم المستمر.
انقطاع التمويل والإمداد والدعم اللوجستي
ونوه عمرو فاروق، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية بأن تصفية العديد من قيادات العناصر الإرهابية في شمال سيناء نتيجة الغارات الجوية التي تنفذها القوات المسلحة، جعل العديد من تلك العناصر بلا مرشد أو موجه وتلك الجماعات تصل إلي مرحلة الإنهيار عند تصفية قيادتها، فكثير منها يعمل بدون تخطيط أو توجيه مما يجعله هدفًا سهلًا للقوات الأمنية، فأصبح كثير منهم يفضل الإستسلام للقوات الأمنية خوفًا من المواجهه المباشرة معهم.
وأكد "فاروق"، أن معظم هؤلاء العناصر ماهم إلا مرتزقة ولهم رواتب ثابتة ولكن مع استحكام القبضة الأمنية وإغلاق المعابر شح التمويل والإمداد والدعم اللوجستي لتلك العناصر، وهو ما نلاحظة في افلامهم الأخيرة التي بثوها في الأونة الأخيرة ويظهر فيها قيامهم بتصنيع معدات عسكرية بدائية للغاية بعد ان كانوا يتباهون بالاسلحة الغربية المهربة التي كانوا يحصلون عليها، والآن أصبحوا يستخدمون معدات شبه بدائية لا تقارن مع مهمات ومعدات القوات النظامية للجيش المصري مما يجعل المواجهه ليست في صالحهم بالمرة بل هو انتحار عسكري بكل المقاييس.
وأضاف الباحث في شئون الجماعات الإسلامية أن وتيرة العمليات الإرهابية تراجعت إلى حد كبير في السنوات الأخيرة، ما يدل أن تلك الجماعات فقدت الكثير من الأرواح والعناصر خلال العمليات النوعية للقوات الأمنية إلى جانب إنقطاع التمويل عنهم اللازم لتنفيذ تلك العمليات وبالتالي انقطاع الدعم اللوجستي والسلاح، فالجماعات الإرهابية في سيناء الآن تعيش مرحلة الشيخوخة وربما الاحتضار.