عبدالحفيظ سعد يكتب: تاجر الذهب «الخائب»

مقالات الرأي




«الفراعنة»، هم رمز الأسطورة على كوكب الأرض، حكاياتهم مازالت تلهب خيال العالم، ملايين القصص والحكايات والروايات والأفلام، تستلهم من قصصهم أفكارًا تجذب كل من يقرأ أو يسمع أو يرى، تثير الخيال ليس العاطفة فقط بل العقل، لأنها تختلف عن كل أساطير الدنيا لأنها حكايات وليست أساطير أبطالها من لحم ودم، آثارها مازالت تحكى حكاية بشر قبل الحجر.

من هنا عرف الإنسان أصله، وتفجرت حكايته، حكاية أجدادنا الفراعنة، والتى يعجز عقل البشر بعد تطوره والذى اقتحم الفضاء أن يفسر كيف وصل أجدادنا لهذا المجد، لدرجة أن بعض المفسرين بعد عجزهم عن تفسير تطور حضارة الفراعنة، ادعوا أن كائنات فضائية هى من أقامت هذه الحضارة التى تشهد آثارها بعظمتها، مبررين ذلك أن ما وصلت إليه هذه الحضارة لا يمكن أن يكون من صنع بشر.

لكن هذه التفسيرات لا يمكن أن تنفى أن على أرض مصر منذ آلاف السنين، تفجرت أسطورة الحياة الأولى، إيزيس وأوزوريس، وابنهم حورس، نمت القصة ازدهرت الأرض بعد انتصار الثلاثى المقدس، على شر «ست»، من بعدها، شهدت هذه الأرض عشرات القصص والحكاية بعضها نراه بالعين على سطح الأرض يناطح السماء.

لذلك يعد اكتشاف سر جديد عن حكاية الفراعنة، أمرا مازال يثير فضول العالم، لأنه مرتبط بأسطورة الإنسان الأولى، قبل أن تنشِأ الحضارة، لا يقتصر على الحجر أو التابوت أو المومياوات، بل الحكاية والقصة والأسطورة الملهمة التى تثير الخيال.

وأعتقد أن عبقرية زاهى حواس الرجل الذى ظل حاملا، أسرار الحضارة الفرعونية، لعدة سنوات، تتمثل فى أنه حول قصص الحجر للحم ودم، وحكايات تسلب عقل المستمع، قبل فؤاده.

قد يختلف البعض مع «حواس» سياسيا أو حتى علميا، لكن لا أحد ينكر عليه أنه كان عبقريًا فى ترويج آثار مصر، تنتظر وكالات الأنباء العالمية والقنوات الفضائية، بث حدث الكشف الأثرى الفرعونى جديد، لأن الرجل، كان يحول الآثار المكتشفة لقصة من لحم ودم، منه عرف العالم أسطورة لعنة الفراعنة، وحكايات الأمراء والملوك، عبقرية الرجل فى أنه كان يحول قصة الحجر للحم ودم، لحكاية تثير الفضول.

لكن وللأسف، تحول الأمر الآن مع قيادة أمور الآثار الآن الوزير الفاضل خالد العناني، إلى أمر يثير القلق، فرغم الإعلان عن مئات الاكتشافات والتوابيت المدفونة، والتى ربما فاقت فى كميتها وتنوع الآثار ما تم استخراجه من مقابر وادى الملوك أو مقبرة توت غنخ أمون منذ أكثر من قرن.

لكن نجد أن مشهد وزير الآثار خالد العناني، وهو يعلن عن هذه الاكتشاف وهى مرصوصة كأنها مجرد قطع حجرية أو توابيت مغلقة، يذكرنا بقصة تاجر الذهب «الخايب»، والذى رغم جودة بضاعته لكنه يفشل فى ترويجها، ويتحول المعدن الثمين، إلى تراب بدون قيمة.

هكذا يظهر وزير الآثار الحالى خالد العناني، وهو يعرض الآثار المكتشفة حديثًا والتى تجاوزت مائة تابوت فى منطقة سقارة وعشرات المواقع الأثرية الأخرى، وكأنه يعرض فقط قطعا مجردة من الحكاية والأسطورة، فى مشهد لا يختلف عمن يعرض أكياس قطن وليست آثارًا، قيمتها لا تقدر بثمن، العالم ينتظر ليعرف سرها الجديد.

أعتقد أن طريقة تعامل وعرض وزير الآثار لا تليق بالاكتشافات، خاصة أنها ستساهم بدون شك فى زيادة اهتمام سياح العالم بآثارنا، ولكن التعامل معها كأنها مجرد تابوت لمتوفى وليس لأثر ذى قيمة يتلهف العالم لمعرفة الحكاية وراءه، أمر لا يليق.

نتمنى أن يعى الوزير الأمر، ويتعامل بحرفية ومهنية مع الكشف عن آثار مصر، خاصة أن ذلك يتزامن مع التوسعات التى تقوم بها الحكومة بشكل ضخم فى الاهتمام بعرض الآثار فى عدة مواقع وعلى رأسها المتحف المصرى الكبير فى أهرامات الجيزة، مما يساهم فى الجذب السياحى لمصر، لكن الأمر يحتاج إلى تاجر «شاطر» وليس «خائب» لأن بضاعته الذهب.

ومنفيس يظهر الفرق بين التاجر الشاطر والفاشل.