ماذا قدمت الخارجية المصرية في ملف "المتوسط"؟
لم تكن مصر بعيدة عن الأزمة القائمة بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، والتى تشهد توترات عدة خلال الفترة الأخيرة، على خلفية قيام تركيا بالتنقيب عن موارد الطاقة والغاز الطبيعى فى المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص واليونان، وهو ما أجج الصراع فى المنطقة.
ومنذ اندلاع الأزمة، تبنت وزارة الخارجية المصرية مواقف حاسمة ضد العدوان التركى، ومحاولاته فرض السيطرة على المنطقة بالكامل.
مصر ترد على أنقرة
ففى يوم 7 فبراير 2018، وتعقيبا علي التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية التركى مولود جاويش أوغلو، يوم الإثنين 5 فبراير 2018، بشأن عدم اعتراف تركيا بالاتفاق المبرم بين مصر وقبرص عام 2013، بترسيم الحدود البحرية بين البلدين، للاستفادة من المصادر الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلدين في شرق البحر المتوسط، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، إذ إنها تتسق وقواعد القانون الدولي، وتم إيداعها كاتفاقية دولية في الأمم المتحدة.
وحذر المتحدث باسم وزارة الخارجية من أي محاولة للمساس أو الانتقاص من حقوق مصر السيادية في تلك المنطقة، وقال إنها مرفوضة وسيتم التصدي لها.
القاهرة تحذر من إجاءات تركيا الأحادية بالمنطقة
وفى 4 مايو 2019، أكدت مصر، في بيان صادر عن وزارة الخارجية، أنها تتابع باهتمام وقلق التطورات الجارية حول ما أُعلن بشأن نوايا تركيا البدء في أنشطة حفر في منطقة بحرية تقع غرب جمهورية قبرص.
وحذر البيان من انعكاس أية إجراءات أحادية على الأمن والاستقرار في منطقة شرق المتوسط، مؤكدا على ضرورة التزام أى تصرفات لدول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه.
القاهرة تحتضن اجتماع وزراء خارجية مصر وفرنسا وقبرص واليونان
وفى يوم 8 يناير الماضى، احتضنت القاهرة اجتماع وزراء خارجية كل من مصر وفرنسا وقبرص واليونان، لمناقشة التطورات الأخيرة في منطقة شرق المتوسط، فى ظل التوترات المتزايدة التي تهدد السلام والاستقرار في تلك المنطقة، وقد انضم إليهم وزير الخارجية الإيطالي في إطار تشاوري.
وأكد الوزراء على الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين دولهم نظرا للروابط الجغرافية والتاريخية والثقافية، بما يتماشى بشكل تام ويحترم القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتشكل تلك العلاقة أساسًا قويًا للتعاون في مجالات عدة، وأعاد الوزراء التأكيد على عزمهم لبذل المزيد من الجهود المشتركة لمواجهة التحديات المتزايدة في منطقة شرق المتوسط، وفي مقدمتها الصراع المسلح والإرهاب والهجرة غير النظامية.
واعتبر الوزراء أن توقيع مذكرتيّ التفاهم بين تركيا وفايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فى ليبيا، في نوفمبر، يشكل انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولي، وأكد الوزراء أن تلك المذكرات أدت إلى المزيد من التقويض للاستقرار الإقليمي، وأن كليهما يعتبر لاغيا وباطلا، كما أن مذكرة التفاهم التركية - الليبية في مجال ترسيم الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط تنتهك الحقوق السيادية للدول الأخرى، ولا تتوافق مع قانون البحار ولا يمكن أن تُحدث أي آثار قانونية، كما أعاد الوزراء التأكيد على ضرورة الاحترام الكامل لسيادة جميع الدول وحقوقها السيادية في مناطقها البحرية بالبحر المتوسط، وأدان الوزراء بشدة الأعمال التركية المستمرة في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص ومياهها الإقليمية، ودعا الوزراء تركيا إلى الوقف الفوري لجميع أنشطة الاستكشاف غير القانونية.
واعتبر الوزراء المذكرة الأمنية وأي قرار بإرسال قوات إلى ليبيا انتهاكًا خطيرًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2259 وغيره من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة، وتهديدًا للأمن والاستقرار الإقليميين، ودعوا إلى خفض فوري للتصعيد.
وأكد الوزراء الأربعة على قلقهم العميق إزاء انتهاكات تركيا الأخيرة للقانون الدولي في شرق المتوسط، كما أكدوا على ضرورة تعاون دول حوض المتوسط بحسن نية وبشكل بَنّاء لضمان أمن واستقرار المتوسط على أساس القانون الدولي.
مصر تساند قبرص
وفى 19 يناير الماضى، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية، عن تأكيد مصر على حقوق جمهورية قبرص وسيادتها على مواردها في منطقة شرق المتوسط، وذلك في إطار ما يقضي به القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، بما في ذلك المناطق التي منحت فيها قبرص ترخيصا للتنقيب البحري عن النفط والغاز.
وحذر المتحدث باسم وزارة الخارجية من تداعيات أي إجراءات أحادية تنتهك الحقوق القبرصية، وتهدد أمن واستقرار منطقة شرق المتوسط، مُؤكدا على ضرورة الالتزام باحترام وتنفيذ قواعد القانون الدولي وأحكامه.
إدانة عمليات التنقيب غير الشرعية
وفى 11 مايو الماضى، شاركت الخارجية المصرية فى اجتماع عن بعد مع وزراء خارجية قبرص واليونان إلى جانب فرنسا في إطار صيغة "3 + 1"، وانضم إليه نظيرهم من دولة الإمارات العربية المتحدة، لمناقشة آخر التطورات المُثيرة للقلق في شرق البحر المتوسط.
وشدد الوزراء على الأهمية الاستراتيجية لتعزيز وتكثيف مشاوراتهم السياسية، وأشادوا بنتائج اجتماع القاهرة في 8 يناير 2020، لتعزيز الأمن والاستقرار في شرق المتوسط، وأعربوا عن بالغ قلقهم إزاء التصعيد الحالي والتحركات الاستفزازية المستمرة في شرق المتوسط.
وندد الوزراء بالتحركات التركية غير القانونية الجارية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية قبرص ومياهها الإقليمية، بما تمثله من انتهاك صريح للقانون الدولي وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهي المحاولة السادسة من قبل تركيا، في أقل من عام، لإجراء عمليات تنقيب غير شرعية داخل المناطق البحرية لقبرص.
وأدان الوزراء كذلك تصاعد انتهاكات تركيا للمجال الجوي اليوناني، بما في ذلك التحليق فوق المناطق المأهولة والمياه الإقليمية في انتهاك للقانون الدولي، وعلاوة على ذلك، أدان الوزراء الاستغلال المُمنهج للمدنيين من قبل تركيا والسعي لدفعهم نحو عبور الحدود البرية والبحرية اليونانية بشكل غير شرعي.
وطالب الوزراء تركيا بالاحترام الكامل لسيادة الدول وحقوقها السيادية في مناطقها البحرية في شرق البحر المتوسط.
وأعاد الوزراء التأكيد على أن كلا من مذكرة التفاهم بشأن تعيين الحدود البحرية في البحر المتوسط، ومذكرة التفاهم بشأن التعاون الأمني والعسكري، الموقعتيّن في نوفمبر 2019 بين تركيا وفايز السراج، تتعارضان مع القانون الدولي وحظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، كما تُقوضان الاستقرار الإقليمي، وأشار الوزراء إلى أن مذكرة التفاهم بشأن تعيين الحدود البحرية في البحر المتوسط تنتهك الحقوق السيادية لدول ثالثة، ولا تتفق مع قانون البحار، ولا يمكن أن تترتب عليها أي آثار قانونية تخص دولا ثالثة.
مصر تحذر من الإجراءات الاستفزازية غير الشرعية
وفى 18 يونيو الماضى، استقبل سامح شكري وزير الخارجية، نظيره اليوناني، نيكوس دندياس، لمناقشة تطورات منطقة شرق المتوسط، وما تتسم به من اضطراب وعدم استقرار.
وأكد الوزيران على ضرورة التزام جميع الأطراف باحترام وتنفيذ قواعد القانون الدولي وأحكامه، مع التحذير من مغبة اتخاذ إجراءات استفزازية غير شرعية تزيد من درجة التوتر في المنطقة.
وعلى هامش المباحثات التى جرت بين الوزيرين، عُقدت الجولة الثانية عشرة من المفاوضات الفنية بين البلدين حول مسألة تعيين الحدود البحرية بين مصر واليونان، حيث تم مواصلة العمل بين الجانبين من أجل التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن بما يحقق مصالح البلدين الصديقين.