أكاديمي أوروبي يحذر من نشوب حرب "أوروبية شرق أوسطية" بسبب تركيا
حذر أكاديمي أوروبي من أن استفزازات تركيا في شرق المتوسط، تزيد من حدة التوترات والمواجهات المحتملة مع قوى المنطقة والغرب، وربما تهدد باندلاع حرب أوروبية شرق أوسطية.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة
"نافارا" بإسبانيا، مايكل تانشوم في مقال نشرته مجلة "فورين
بوليسي" الأمريكية، إنه في منتصف أغسطس/آب، اصطدمت سفينة حربية تركية بأخرى
يونانية في شرق البحر الأبيض المتوسط، ما زاد التوترات في أكثر مواجهة بحرية خطورة
تشهدها المنطقة منذ 20 عامًا.
وكانت الأزمة قد بدأت قبل أيام عندما نشرت
تركيا سفينة للتنقيب عن الطاقة مع مرافقتها الحربية، للبحث عن النفط والغاز
الطبيعي في المياه بالقرب من جزيرة كاستيلوريزو اليونانية التي تقول أثينا إنها
تتبع إقليمها البحري.
وبحسب العين الإخبارية، رجح تانشوم، وهو باحث
في "المعهد النمساوي للدراسات الأوروبية والأمنية"، أن موجة التصعيد
الأخيرة تهدد أكثر من أي وقت مضى، بالتحول إلى صراع متعدد الجنسيات.
وأشار إلى أنه في استعراض للدعم القوي لليونان
ضد تركيا، أرسلت فرنسا سفنا حربية إلى المياه المتنازع عليها ووعدت بإرسال المزيد.
كما أعربت مصر وإسرائيل، اللتان تجريان تدريبات
عسكرية مشتركة مع اليونان، عن تضامنهما مع أثينا.
ومع وجود فرنسا ومصر في صراع مفتوح بالفعل مع
تركيا في ليبيا، يخشى مراقبون في جميع أنحاء العالم من أن أي تصعيد إضافي في شرق
البحر المتوسط يمكن أن يؤدي إلى دوامة أوروبية-شرق أوسطية.
طيلة عقود، كانت نزاعات الحدود البحرية لشرق
البحر الأبيض المتوسط شأنًا محليًا، تقتصر على مطالبات السيادة، والمطالبات
المضادة بين قبرص واليونان وتركيا.
ولكن خلال السنوات الخمس الماضية، حولت موارد
الغاز الطبيعي البحرية بالمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط إلى ساحة استراتيجية
رئيسية تلتقي من خلالها الانقسامات الجيوسياسية الأكبر التي تشمل الاتحاد الأوروبي
والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما لعبت إيطاليا وفرنسا دورًا أساسيًا في
قيادة هذا التغيير، الأمر الذي جعل العلاقة المعقدة بالفعل بين الاتحاد الأوروبي
وتركيا أكثر عدائية.
ولفت الكاتب إلى أن التغيير في اللعبة هو
اكتشاف شركة إيني الإيطالية في أغسطس/آب 2015 حقل "ظهر" الضخم للغاز
الطبيعي في المياه الإقليمية المصرية، وهو أكبر اكتشاف للغاز في شرق المتوسط حتى
الآن، ما يعني أن المنطقة تمتلك كميات قابلة للتسويق من الغاز الطبيعي.
في المقابل أعربت تركيا عن استيائها من هذه
التطورات من خلال الانخراط في سلسلة من التدريبات المحسوبة لدبلوماسية الزوارق
الحربية، وإرسال سفن الاستكشاف والتنقيب إلى المياه القبرصية، ومع كل منها مرافقة
بحرية.
ولا تزال أنقرة ترفض الاعتراف بالحدود البحرية
لقبرص، وتؤكد أنها رسمت بشكل غير قانوني على حساب تركيا. ومن خلال القيام بذلك،
تدعي أنها تدافع عن حقوق القبارصة الأتراك في النصف الشمالي من الجزيرة المقسمة
عرقًيا.
ومع كل إجراء تركي، تكتسب الجبهة
المصرية-الإسرائيلية-القبرصية-اليونانية دعمًا عسكريًا متزايدًا من فرنسا وإيطاليا
والولايات المتحدة، ولكل منها استثمارات اقتصادية كبيرة في غاز شرق البحر المتوسط.
قال الكاتب إنه في محاولة للخروج من عزلتها
الإقليمية، وقعت تركيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 اتفاقية ترسيم الحدود البحرية
مع حكومة "الوفاق" في طرابلس عاصمة البلاد التي مزقتها الحرب.
وأوضح أن الصفقة كانت مجرد محاولة لاكتساب
مكانة قانونية أكبر لتحدي الحدود البحرية التي أنشأتها اليونان مع قبرص ومصر، التي
تعتمد عليها خطط تطوير الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط.
واقترن اتفاق الحدود البحرية بين أنقرة
وطرابلس، باتفاق تعاون عسكري يوفر لحكومة "الوفاق" ضمانة أمنية لمواجهة
الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، حيث ساهم تدخل أنقرة المعلن في الصراع في
النصف الأول من عام 2020 إلى تغيير مجريات الحرب الليبية.
ووفقا للكاتب، ربما تحتفظ أنقرة بعمليات
التنقيب في مياه جزيرة كريت كورقة تفاوض، لكن أي عملية خفض تصعيد جادة بين تركيا
واليونان تتطلب طرفًا ثالثًا يتمتع بنفوذ كافٍ لدفع أنقرة وأثينا إلى محادثات جادة.
وفي هذا الصدد، ربما تكون العلامة الأكثر
تفاؤلاً بالنسبة للمنطقة هي الجهود البناءة الأخيرة التي بذلتها الولايات المتحدة
للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإنشاء منطقة عازلة في ليبيا.
واختتم بالإشارة إلى أن فك الارتباط بين مختلف
الصراعات الإقليمية يخلق فرصة لحوار عملي حول الحدود البحرية للبحر الأبيض
المتوسط، وستتطلب هذه الفرصة من الولايات المتحدة، ربما بالتنسيق مع ألمانيا،
العمل بمهارة والتزام دبلوماسيين.
وعبر دعم حكومة "الوفاق" غير الشرعية
بقيادة فايز السراج، بالسلاح والمرتزقة، تتعمد تركيا التصعيد في ليبيا بالرغم من
الدعوات والمبادرات الدولية الداعية لحل الأزمة.
وتحاول تركيا الوصول إلى منابع النفط والغاز
الليبي لنهب ثروات البلاد، كما فعلت شمالي سوريا بالتعاون مع تنظيم
"داعش" الإرهابي.