في ذكرى رحيله.. تعرف على مسيرة طلعت حرب في خدمة الاقتصاد المصري
أبو الاقتصاد المصرى.. هكذا لُقِّب الاقتصادى العظيم طلعت حرب، الذى تحل ذكرى وفاته، لتذكرنا به وبأمجاده، وبما قدمه من مسيرة عطاء مشرفة فى خدمة اقتصاد بلاده، والتحرر به من القيوم الاستعمارية، ومحاولة الدفع به إلى مصاف اقتصاديات العالم.
هو محمد محمد طلعت بن حسن محمد حرب، الذى ولد فى 25 نوفمبر 1867، وتخرج من مدرسة الحقوق عام 1889، وتوفى 13 أغسطس 1941، وما ميلاده ووفاته، تحفل مسيرته بالعطاء، إذ يعد طلعت حرب أحد أهم أعلام الاقتصاد المصرى، ولعل ذلك كان سببا فى تسميته بـ"أبو الاقتصاد المصرى"، وقد بزغ نجمه فى سماء الاقتصاد، وتجلت خبرته فى مجالاته المختلفة.
وفيما يلى من سطور، تقدم "الفجر" نبذة عن مسيرة طلعت حرب فى خدمة الاقتصاد:
عمل طلعت حرب على تحرير الاقتصاد من التبعية الأجنبية، وساهم فى تأسيس بنك مصر، ومجموعة من الشركات العملاقة التابعة له، والتى تحمل اسم مصر، على رأسها: شركة مصر للغزل والنسيج، ومصر للطيران، ومصر للتأمين، ومصر للمناجم والمحاجر، ومصر لصناعة وتكرير البترول، ومصر للسياحة، وستديو مصر، وغيرها.
حرص طلعت على تمصير الشركة العقارية المصرية، التى كان يشغل منصب مديرها، وبالفعل، نجح فيما خطط للشركة التى يترأسها، وأصبحت غالبية أسهمها مملوكة لمصريين.
فى عام 1906، دعا طلعت حرب إلى إنشاء نظام مالي مصري خالص لخدمة المصريين، وبالتالى تمكينهم من التحرر من القيود الاقتصادية التى يفرضها الاستعمار، وفي عام 1910، ساهم طلعت حرب فى حشد الرأى العام ضد محاولات الشركة المالكة لقناة السويس، مد امتيازها 50 عاما أخرى، ونجح فى ذلك، إذ إن نجاح ذلك تجلى فى رفض مجلس النواب مقترح الشركة بمد امتيازها، وفي عام 1911، تبنى طلعت حرب العديد من الرؤى الفكرية التى تسهم فى إحداث ثورة ثقافية، فألف كتابا بعنوان: "علاج مصر الاقتصادي وإنشاء بنك للمصريين"، الذى طرح من خلاله فكرة إنشاء بنك مصرى، هدفه فى المقام الأول خدمة المصريين، وخدمة المشاريع المصرية، وقد أيده فى ذلك الكثيرون، لكن اندلاع الحرب العالمية الأولى حال دون ذلك.
وكان طلعت حرب من أوائل من حرصوا على المشاركة فى ثورة 1919، ليبدأ بعدها مجددا فى تبنى عددا من السياسات والأفكار الاقتصادية التى من شأنها الإسهام فى التحرر من الاحتكار المصرفى الأجنبى، والتى يأتى فى مقدمتها إنشاء بنك وطنى للمصريين، التى بدأت بإنشاء شركة التعاون المالي عام 1908، والتى أسست فى المقام الأول بهدف إقراض المصريين، خصوصا الفلاحين والفقراء، الذين كانت تضطرهم ظروفهم إلى الاستدانة لبعض المرابين، الذين يستردون أموالهم بفوائد ربوية مجحفة، ثم نجحت بعد ذلك فى التحول نحو تأسيس بنك مصر عام 1920.
وبعد مضى نحو 20 عاما على إنشاء البنك، اضطر طلعت حرب إلى الاستقالة من البنك، بعدما وقع البنك أسيرا لأزمة مالية كبرى، تفاقمت بفعل الضغوط التى مارستها الحكومة والاحتلال الإنجليزى، فضلا عن رفض البنك الأهلي منحه قروضا بضمان محفظة الأوراق المالية، فلجأ طلعت حرب وقتها إلى وزير المالية، الذى وعد بحل أزمة البنك، واشترط من أجل القيام بذلك تخلى طلعت حرب عن منصبه.
وتقديرا لما قدم من أجل الارتقاء باقتصاد بلاده، كرمته مصر بأن أطلقت اسمه على عدد من الميادين المهمة والحيوية فى مختلف المحافظات، التى لا تزال تخلد ذكراه الطيبة.