في زمن الكورونا.. مدابغ المكس في طريقها للاندثار (فيديو وصور)

محافظات

مدابغ المكس
مدابغ المكس


تعتبر دباغة الجلود من المهن التي تزدهر في بعض المناطق خاصة خلال أيام عيد الأضحى المبارك، وهي عملية تحويل جلود الحيوانات بعد ذبحها وسلخها لمنتج مصنوع من الجلد الطبيعي، وعملية الدباغة تحفظ الجلد من التعفن.

والماشية هي المصدر الطبيعي لهذه الجلود، مثل جلد الماعز، والغنم والابقار، وتستخدم لصناعة الأحذية والاحزمة والقباعات، وحقائب اليد، كما أنها تدخل في صناعة بعض المنتجات الطبية كالخيوط المستخدمة في العمليات الجراحية، وبعض الجلود المستخدمة من أجل عمليات الترقيع التي تستخدم بعد تشوه الجلد البشري بسبب حريق أو حادث.

"أنواع الجلود المستخدمة للدباغة"

يقول "أحمد فؤاد" عامل بإحدى السلخانات الموجودة بمنطقة "المكس" التي تقع غرب الإسكندرية إلى «الفجر»: نحن نعمل في هذه المهنة منذ أكثر من (20) عاما، وهي المهنة الأساسية لي ومصدر رزقي أنا وأولادي، وتضم هذه المدابغ (35) وحدة لدباغة وتنظيف الجلود، وهناك أنواع كثيرة الجلود المستخدمة للدباغة منها الخفيف ومنها الثقيل.

وتابع "محمد" أن الجلود الخفيفة هي جلد الماعز والخروف، والثقيل كجلود الأبقار والجاموس والعجول، وما نوع له استخدامات معينة، وتصنع النعال من جلود الماشية السميكة، ومن جلود الحيوانات الكبيرة الأخرى وتصنع الطبقة العلوية للحذاء من الجلود الرقيقة للعجول الصغيرة والماعز والحيوانات الصغيرة الأخرى، أو من شق الجلود السميكة إلى طبقات رقيقة، ويدخل نحو 80% من جميع الجلود المدبوغة في صناعة الأحذية.

وأضاف تصنع الجلود الملساء غالبًا من الطبقة الداخلية لفرو البقر بعد كشطها، وتتميز هذه الجلود بنعومتها ومرونتها ومقاومتها للماء ودفئها، ويستخدم هذا النوع من الجلود في صناعة المعاطف والفساتين والبنطلونات وطبقات الأحذية العليا.

"مراحل دباغة الجلود"

ويقول الحاج "حمدي" تاجر جلود "بمدابغ المكس"، إلى «للفجر»: اعمل في هذه المهنة منذ (45) عام، وتبدأ عملية الدباغة في المراحل الأولى بعد أن تأتي لنا الجلود فنضع عليه "الملح" اولًا لحفظه من التعفن ووضعه في الشمس، ثم ناخذه للمدبغه ويدخل مرحلة "حمض الكبرتيك والملح" وتسمى مرحلة التحنيط، ثم نضعه على الماكينة ونخفف اللحم من عليه، ثم يدخل لمادة "الكروم" وهي أكثر أنواع الدباغة انتشارا، وهي مقاومة أكثر للحرارة ومرنه اكثر، ثم نتركه لينشف ويسلم لصاحبه.

والتقط أطراف الحديث "الحاج اشرف" وقال: تدخل الجلود للدباغة على "ثمانية مراحل"، المرحلة الأولى تسمى "التحنيط" وهي عبارة عن وضع الجلد في ملح مع حمض الكبرتيك، ويدور لمدة ساعة داخل البرميل، ونأخذ نسبة اللحم ونفصلها عن الجلد.

المرحلة الثانية هي "الكروم"، ونحصل عليها من الخارج، ثم ندهنه بمادة "الحبس" لتحبس الكروم داخل الجلد، لتحفظه من التعفن والدود.

أما المرحلة الثالثة هي "مد الشحم"، ثم مكن التنظيف وهي المرحلة الرابعة، يتم صنفرة الجلد لحفظه من وجود الحشرات، ثم مرحلة "نزع الشعر" ونضع الجلد بعد ازاله الشعر منه في محلول ماء الجير، ونحتفظ بالشعر لاستخدامة في صناعة اللباد ومنتجات أخرى، وأثناء عملية نزع الشعر يغسل الجلد بماء نظيف.
ثم تبدأ "عملية الضرب"، بعد إزالة الشعر وذلك بوضعها في حمام من الحمض متوسط القوة لمعادلة محاليل نزع الشعر المتبقية بالجلود، وتعد هذه العملية ضرورية نظرا لأن المحاليل المستخدمة في الدباغة محاليل حمضية، لتفكيك البروتينات الموجودة في الجلود التي قد تتداخل مع عمليات الدباغة.

وتابع ثم تأتي "مرحلة الصبغ": ويكون صبغ معظم الجلود بعد عملية الدباغة في أسطوانات كبيرة بإستخدام عدد من صبغات الأنيلين وصبغات الخشب الطبيعية والصبغات الحمضية، وتتم الصبغة بتقليب الجلد مع مخلوط من الماء الدافئ ومادة الصبغ، ويضاف عادة الزيت لزيادة نعومة الجلود.

"منتجات الجلود من الدباغة"

وأضاف "الحاج اشرف" هناك أنواع مختلفة من المنتجات كالاحذية والشنط، والحزام، وخيوط طب الأسنان، وخيوط العمليات الجراحية، والجلود المستخدمة لعمليات الترقيع، وكل منتج له نوع جلد خاص به، ومنها الخفيف والثقيل.

"اسعار جلود الدباغة في ظل كرورنا"

وتابع "اشرف" تأثرت اسعار دباغة الجلود بعد ظهور الكورونا، وأصبح لا يوجد جلود مثل كل عام، وتوقف العمل بعد ظهور الفيروس بعد أن كنا نعمل بنسبة 100% أصبحنا نعمل بنسبة 2%، فانخفضت الأسعار جدا، وتوقف التصدير للخارج.

"ليس لنا مصدر رزق آخر والمهنة في طريقها للإندثار"

وأضاف "الحاج اشرف" لم يعد لنا مصدر رزق آخر غير دباغة الجلود، فهي مهنتنا منذ 45 عام، وهي في طريقها للاندثار، لم يعد يهتم أحد لوجودنا أو مساعدتنا، برغم من أنها مهنة من أهم المهن الموجودة بمنطقة المكس، والجلود الطبيعية عمرها طويل، وتتحمل كل العوامل، كما أن المنتجات التي تصنع من الجلود الطبيعية غالية الثمن، ومنطقة المكس تحتوى على ما يقرب من 35 مدبغة، وكانت تصدر 95% من إنتاجهم.

وتابع يجب الأخذ بمعايير المشكلات التي ستواجه المستقبل وضرورة التفكير فى جلب عمالة خارجية، للحفاظ عليها من الاندثار، مشددًا على ضرورة اهتمام الدولة بهذه الصناعة.

"استيائهم من إهمال الحكومة في تطوير مدابغ المكس"

وأعرب بعضهم عن استيائه من إهمال الحكومة تطوير منطقة "مدابغ المكس"، وحدد أصحاب المدابغ المشكلات التى تواجه المنطقة، جاء فى مقدمتها انهيار البنية التحتية وعدم إعداد خطة لتجديد شبكة الصرف المتهالكة.

وأضاف أن مواسير الصرف عندانشاء المنطقة كانت تنظف بشكل دوري كل أسبوع لعزل المخلفات الصلبة، وحاليًا قد ينقضى عام كامل دون نزع مياه الصرف.

وأكد أن منطقة "مدابغ المكس" كان لديها قديمًا ماكينات تسليك لتفادى انسداد الصرف بسبب المخلفات الصلبة، نقلتها هيئة الصرف الصحي إلى الكتل السكنية دون إيجاد بدائل لمنطقة المدابغ.

وأضاف أن تكلفة نقل المدابغ كبيرة، سوف يتحمل أصحاب المصانع جزءًا كبيرة منها، خاصة فيما يتعلق مشيرًا إلى أن فك ونقل وتركيب ماكينات الدباغة مكلف للغاية.

"عدم التزام أصحاب المدابغ بشروط التخلص من المخلفات الصلبة"

وأضاف "أشرف" عدم التزام أصحاب المدابغ بشروط التخلص من المخلفات الصلبةوعدم كفاءة غرف الترسيب بالمصانع، كما أدى إلى تفاقم الأزمة وهو زيادة الطاقة الإنتاجية لمنطقة المكس، حيث كانت المصانع تعتمد فى البداية على براميل تستوعب 100 قطعة جلد فقط، تجاوزت الـ600 ببعض المصانع فى ظل التوسع فى خطوط الإنتاج، ونظرًا لأن صناعة الجلود تعتمد بشكل كلي على المياه، فإن الشبكة القديمة غير مؤهلة لإستعياب هذا الكم الهائل من المخلفات.

أن صناعة الجلود فى مصر موسمية وترتبط بعيد الأضحى، مشيرًا إلى أن الطاقة الإنتاجية لمدابغ المكس تتجاوز الـ60% فى عيد الأضحى، ويمثل إنتاجها من الجلد الخفيف (الضأن والماعز) 90%، ولا يتخطى 1% من الجلد الثقيل (الجاموسى والبقرى).