عمرو خالد: يوم عرفة أعظم أيام الله.. أدركوا يوم تحقيق الأمنيات
دعا الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي إلى اغتنام يوم عرفة، الذي هو خير يوم طلعت عليه الشمس، وأحب أيام السنة إلى الله، وهو يوم يستجاب فيه الدعاء.
وقال خالد في تاسع حلقات برنامج "مشتاق للحج"، إن هناك ثلاث جوائز رائعة للحجاج وغير الحجاج في يوم عرفة "ما من يوم يعتق فيه الله الرقاب أكثر من يوم عرفة"، واصفًا إياه بأنه "أكبر يوم عتق.. تمن أن تعتق اليوم".
وأشار أيضًا إلى أن "خير الدعاء دعاء يوم عرفة.. وهو اليوم الذي يستجاب فيه الدعاء"، لافتًا إلى أن صيام هذا اليوم يكفر سنتين، وهو يوم الصلح مع الله، "فاعلم أن اليوم فاصل لك بين عهدين، وتحول جذري في مسار حياتك. لذا حصر رسول الله- صلى الله عليه وسلم – الحج فيه فقال: "الحج عرفة".
وفسر سبب تسميته يوم عرفة بهذا الاسم بأن "هدف الخلق معرفة الله.. تتجلى معرفة الله لما تشاهد كرمه ورحمته وعطاؤه وإجابته لك.. هو عرفة.. ولهذا سمي عرفة".
وقال خالد – في حضور ضيفه عاصم – متحدثًا عن فضل يوم عرفة، إن الله يباهي في هذا اليوم، بعباده الملائكة، وما يرى الشيطان أخزى ولا اغيظ منه يوم عرفة.
ووصف المشهد في هذا اليوم بأنه "رهيب هدف واحد، توجه واحد، نية واحدة.. أصوات الدعاء والبكاء.. الكل مركز مع ربه.. اختفت الجنسيات.. واختفت الأزياء المميِزة.. واختفت اللغات.. الكل يلهج بلسان واحد.. حتى الجاوي والصومالي والإندونيسي والزنجي والأذربيجاني.. الكل يتكلم العربية.. بعضهم ينطقها مكسرة، وبعضهم ينطقها بلكنة أجنبية، وبعضهم يمد بعض الحروف.. ولكنك تستطيع أن تفهم مِن الجميع.. وتستطيع أن تسمع أنهم يهتفون: لبيـــــك اللهــــــم لبيـــــك".
وحث خالد على الإكثار فيه من الدعاء، فهو عبادة الوقت وأفضل الأعمال في هذه الساعات، وأقرب دعاء من القبول على الإطلاق، فإن "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة".
وعرّف، الدعاء بأنه "معناه الأمل، والأمل معناه اليقين، وفي اليقين الراحة الغامرة والسكينة الرائعة التي لا تساويها كل كنوز الدنيا"، مبينًا أن الله قد منع صيام هذا اليوم وحّرمه على الحاج حتى لا يضعف عن الدعاء.
واستحضر خالد ما كان يفعله النبي صلى الله في يوم عرفة، قائلًا: "وقف النبي – صلى الله عليه وسلم – بعرفات وقد كادت الشمس أن تؤوب فقال: يا بلال.. أنْصِتْ لي الناس، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم –، فأنصت الناس، فقال: معشر الناس.. أتاني جبرائيل عليه السلام آنفا فأقرأني من ربي السلام وقال: إن الله عز وجل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات، فقام عمر بن الخطاب – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله.. هذا لنا خاصة؟ قال: هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة، فقال عمر بن الخطاب – صلى الله عليه وسلم –: كثر خير الله وطاب. (صحيح ) انظر حديث رقم: 1151 في صحيح الترغيب والترهيب.
فقال عليه الصلاة والسلام: "معشر الناس أتاني جبريل عليه السلام آنفًا فأقرأني من ربـــي السلام وقال إن الله عز وجل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر الحرام وضمن عنهم التبعات"، فقـام عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله هذه لنا خاصة ؟ قال: هذه لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة، فقال عمر رضي الله عنه، كثر خير الله وطاب.
وأشار خالد إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "أما خروجك من بيتك تؤم البيت إلى عرفه فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة، وأما وقوفك بعرفة فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول: "هؤلاء عبادي جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، ولم يروني، فكيف لو رأوني ؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك، وأما رميك الجمار فإنه مذخور لك، وأما حلقك رأسك، فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك".
وشدد على ضرورة التذلل في الدعاء، موضحًا طريقة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ارفع يديك إلى صدرك متمثِّلا أعلى درجات الذل والعبودية مقلدًا نبيك الذي قال عنه ابن عباس – رضي الله عنه –: رأيتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يدعو بعرفة ويداه إلى صدره كاستطعام المِسكين. حتى سقط رداؤه وظهر بياض أبطيه.
ونبه خالد إلى أهمية استغلال كل لحظة في هذا اليوم، قائلًا: "لا تضع اليوم لحظة واحدة مقتديا في ذلك بنيك – صلى الله عليه وسلم – الذي شغله الذكر والدعاء يوم عرفة عن كل شيء حتى عن طعامه وشرابه، حتى ظن كثير من الصحابة أنه صائم، فعن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشرب".
وأكد خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضيع لحظة واحدة، وكأنه يقول لك: الوقت اليوم لا يقدر بثمن، فكل لحظة تُنفقها في غير طاعة أعظم خسارة، ودعاك إلى ذلك بفعله لتكون استجابتك أسرع وطاعتك أقرب".
عن أسامة بن زيد – رضي الله عنه –: ” كنتُ رديف النبي – صلى الله عليه وسلم – بعرفات فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها، فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى".
وجاء في حديث جابر – رضي الله عنه –:"فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس"… داعيا دون ملل، راجيا دون كلل، وظل على تلك الحال حتى بعد غروب شمس عرفة وأثناء سيره لمزدلفة، وهو وقت ينشغل فيه الناس بالزحام إن لم يكن بالجدال واللغو من الكلام".
وقال إنه "مع دنو الشمس من الغروب تتسارع ضربات قلبك، وتتسامى روحك إلى أطهر حالاتها وتدعو الله بدعاء مودع لم تدع بمثله في حياتك قط، فماهي إلا دقائق معدودة وينفض موقف المغفرة وينقضي موسم العتق، وأنت لا تدري بعد.. أمقبول أنت أم مطرود؟ أرابح أم خسران؟ فيرتجف قلبك خوفًا وتنهمر دموعك وجلًا وتزال على تلك الحالة حتى تغرب الشمس".
وحث على أنه وأثناء النزول من الجبل ساعة المغرب في يوم عرفة "يوم المصالحة" على فتح صفحة جديدة.. "إياك أن تظن أن الله لم يغفر لك".
وأشار إلى ما قاله عبد الله بن المبارك: جئت سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه وعيناه تذرفان، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالا؟ فقال: الذي يظن أن الله لم يغفر له.