خطاب مخالف للأعراف ورد حاسم لنقيب الإعلاميين.. هل يحق لأسامة هيكل التدخل في شؤون النقابات؟
ساعات من الخلاف
المتواصل، دارت ذهابًا وإيابًا بين أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، والدكتور طارق
سعدة نقيب الإعلاميين، بدأه الوزير، حينما أرسل خطابًا للنقابة، يطالب فيه بإفادته
ببيانات الإعلاميين ممن يظهرون على شاشات التلفزيون دون الحصول على عضوية النقابة،
وأسماء من حصلوا عليها بالفعل.
وكان لنقيب الإعلاميين الدكتور طارق سعدة، ردًا حاسمًا في هذا الشأن؛ حيث رفض تدخل
أي جهة أو مؤسسة في شؤون النقابة، أو إطلاعها على بيانات تخص أعضائها، مؤكدًا أن
ذلك يخالف القانون.
بداية الأزمة
أرسل أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، خطابًا إلى الدكتور طارق سعدة نقيب
الإعلاميين، طالبه بإفادته بأسماء الإعلاميين ممن يظهرون على الشاشة دون الحصول
على عضوية النقابة، ومن حصلوا عليها؛ مبررًا ذلك بأنه فوجئ بعد أزمة لقناة النهار،
أنه مازال هناك إعلاميون يظهرون على الشاشات دون الحصول على عضوية النقابة.
وقال وزير الإعلام في
خطابه الموجه للنقابة: "بالإشارة إلى البيان الذي أصدرته شبكة قنوات تلفزيون
النهار، والذي تم تداوله بكافة وسائل الإعلام، بشأن وقف تليفزيون النهار البث
الحي، لحين التسوية مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ونقابة الإعلاميين، وقد فوجئت
بالبيان وتداعياته، ولم أكن أظن أن هناك إعلاميين لا يزالون يظهرون على شاشات
التلفزيون وعلى ميكروفونات الإذاعة، دون الحصول على عضوية نقابة الإعلاميين.. ولذا
أرجو التكرم بالإفادة عن الإعلاميين الذين يظهرون على شاشات القنوات المختلفة، دون
الحصول على عضوية النقابة، ومن تقدم بالفعل ومن لم يتقدم".
وأعلن
الدكتور طارق سعدة نقيب الإعلاميين، رفضه تدخل وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل في
شؤون النقابة، قائلًا: "فوجئت بخطاب خارج عن الأعراف والبروتوكولات الرسمية، يأتيني من
وزير الدولة للإعلام، بدون سند قانوني، يطلب مني بيانات الأعضاء، ومن تقدم للنقابة،
ومن لم يتقدم، وهذا خطأ فادح، وأمر غير قانوني؛ حيث أنه لا ولاية للوزير على
النقابة، فهي جهة مستقلة".
وأضاف نقيب الإعلاميين في بيانه: "لابد أن نحافظ على سرية البيانات للزملاء،
وأن هذه اللغة غير اللائقة التي تحدث بها الوزير في خطابه، وما دفعني للرد عليه
بكل احترام، هو أن أذكره بالقانون واختصاصاته".
وزير الإعلام ينتقد إصدار النقابة بيانًا
بعد منتصف الليل ويصدر بيانه في الثانية صباحًا
وقال وزير الدولة
للإعلام في بيان له: "لماذا يصدر سيادته مثل هذه البيانات بعد منتصف الليل؟
وما أعلمه أن المؤسسات المحترمة ترد على الخطابات بالمثل وليس عبر وسائل
الإعلام".
ولم يلتفت وزير الدولة للإعلام، إلى إصدار بيانه في الثانية صباحًا، منتقدًا بيان
نقابة الإعلاميين، الذي صدر في الثانية عشرة والنصف، وقال نقيب الإعلاميين إن وزير
الدولة للإعلام، انتقد صدور بيانه ليلًا، وأصدر بيانًا بعده بساعتين.
خطأ وتجاوز
وقال نقيب الإعلاميين
إن وزير الدولة للإعلام أخطأ وتجاوز في حق النقابة ونقيبها، متسائلًا: "لماذا
هذه اللهجة دائمًا من السيد الوزير، وكأننا تلاميذه وهو الناظر؟".
وأضاف "سعدة" أن أسامة هيكل سمح لنفسه أن يصف نقابة الإعلاميين بالكيان
غير المحترم، وهذا غير مقبول؛ حيث قال "هيكل" في رده على النقابة:
"ما أعلمه أن المؤسسات المحترمة ترد على الخطابات بالمثل، وليس عبر وسائل
الإعلام"، على الرغم من مخاطبة نقابة الإعلاميين للوزارة بشكل رسمي.
واتهم أسامة هيكل وزير
الإعلام، الدكتور طارق سعدة نقيب الإعلاميين، بأنه يقود نقابة سرية، ويتستر على من
هم ليسوا أعضاء نقابة، قائلًا في بيانه: "لم نكن نعلم أن سيادته يقود نقابة
سرية، لماذا يتستر نقيب الإعلاميين على من هم ليسوا أعضاء نقابة؟".
ورد نقيب الإعلاميين قائلًا: "نحن لا نقود نقابة سرية، ولكن هناك قنوات شرعية
للحصول على البيانات، وللجهات القضائية حق الحصول عليها، أنت دائم الخطأ في
الآخرين، واتهمني باطلًا دون أن يعلم شئ عن النقابة بقوله لماذا يتستر على من هم
ليسوا أعضاء في النقابة، فإذا كانوا ليسوا أعضاء فكيف أتستر عليهم؟".
سعدة: وزير الإعلام تفرغ لانتقاد من
يحاولون إصلاح المنظومة
وأكد نقيب الإعلاميين
أن وزير الدولة للإعلام، تفرغ لانتقاد من يحاولون إصلاح المنظومة الإعلامية،
داعيًا إياه للتركيز في مهمته، وهي تقديم سياسة إعلامية واضحة وبنّاءة.
وتسائل نقيب
الإعلاميين: "ماذا قدم هيكل للرد على القنوات المعادية الخارجية، وأين إبرازه
لمشروعات الدوله العملاقة؟ وأنا أعلم جيدًا أن الدولة لبّت له كل ما طلب، ما بين
المقر، والهيكل الإداري وسيارات، واعتماد ميزانية خيالية، كل هذا ولا عائد،
ولو وقف هيكل على حقيقة عمل النقابة، لذهل
من الأداء، ولكنه تحدث عن غير علم ومازال
يتمادى في تجاوزاته".
هل يحق
لوزارة الإعلام الاطلاع على الشأن الداخلي لنقابة الإعلاميين؟
وعلق أسامة هيكل وزير
الدولة للإعلام، على تصريحات الدكتور طارق سعدة نقيب الإعلاميين، قائلاً: "ما
سألناه عنه أمور يجب إعلانها، كم عضوًا في النقابة؟ وكم وجهًا يظهر على الشاشة ليس
عضوًا بالنقابة؟".
ولم تتضمن اختصاصات وزير
الدولة للإعلام، أي بند يختص بالإشراف على نقابة الإعلاميين أو أي نقابة مهنية،
وجاءت الاختصاصات التي أقرها رئيس الوزراء، واضحة في هذا الشأن، والتي تتضمن التعاون
مع الوزارات والأجهزة المختلفة، والإشراف على خطط تطوير أداء وسائل الإعلام
المرئية العامة والخاصة، بالتعاون مع الهيئات المختصة، وذلك من خلال إتاحة مساحة
أكبر للرأي والرأي الآخر، وتطوير المحتوى الدرامي، وزيادة المنافسة بين القنوات
المختلفة، وذلك كله دون الإخلال باختصاص الهيئة الوطنية للإعلام، بالإضافة إلى تدعيم
حرية الإعلام الخاص، والعمل بالتعاون مع الجهات المختصة على تدعيم وسائل الإعلام
الإلكترونية بشكل مهني، بما يتماشى مع التطور العالمي في مجال الإعلام، كما يختص
الوزير وفقًا للقرار بالإشراف على مركز التدريب والدراسات الإعلامية للأفارقة، ونقل
تبعيته إلى وزارة الدولة للإعلام.
الدستور والقانون يصون استقلالية النقابات
المهنية
ونصت المادة 77 من
دستور مصر 2014 على الآتي: "ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها
على أساس ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم
عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقًا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية، ولا
تنشأ لتنظيم المهنة سوي نقابة واحدة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات
الإدارية في شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي، ويؤخذ رأيها في
مشروعات القوانين المتعلقة بها".
وتنص المادة رقم 2 من قانون إنشاء نقابة الإعلاميين رقم 93 لسنة 2018 على الآتي: "تنشأ
نقابة مهنية للإعلاميين، تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتمتع النقابة بالاستقلال
في مباشرة أعمالها، لتحقيق الأهداف المنوطة بها".
هيكل: يجب محاسبة طارق سعدة.. والإعلاميين:
نحن نقابة قائمة بالفعل ولسنا تحت التأسيس
وطالب أسامة هيكل وزير
الدولة للإعلام، بمحاسبة نقيب الإعلاميين على إهدار كل هذا الوقت دون تشكيل
الجمعية العمومية للنقابة، أو الشروع في إجراء الانتخابات، مؤكدًا أن اللجنة التي
تدير شؤون النقابة، مؤقتة وفقًا لقانونها، وأن اللجنة التأسيسية للنقابة يجب أن تنتهي
من تشكيل جمعيتها العمومية في سبتمبر ٢٠١٧، ولكنه استمر بهذا الوضع، وأكمل نقيب
الإعلاميين بالمخالفة ٣ سنوات إضافية.
وقال مصدر بمجلس نقابة الإعلاميين، في تصريحات خاصة، إن النقابة قائمة بالفعل نقابة مهنية مستقلة، وليست نقابة تحت التأسيس، موضحًا أن النقابات تحت التأسيس هي النقابات التي لم يصدر قانونها بعد، ونقابة الإعلاميين صدر قانونها في 2016، وأقره الرئيس عبدالفتاح السيسي، مضيفًا أن مجلس النقابة قائم بالفعل وليس مجلسًا تحت التأسيس، والنقابة لها نقيب ومكتملة التشكيل، وتمارس عملها وفقًا للقانون، بقرار من رئيس مجلس الوزراء.