حكايات القاهرة.. "بيت القاضي" ميدان تعاقب عليه 6 عصور تاريخية
مدينة القاهرة "أم العواصم" كما يطلق عليها عدد كبير من علماء الآثار، فهي العاصمة الأكبر والأكثر عمرًا التي لا زالت باقية على حالها، بعد أن بلغت من العمر 1000 عام، ولا زالت تحتفظ بسمتها المعماري القديم، وكذلك أسماء شوارعها الأصلية التي أطلقها من سكنوا هذه البقعة من الأرض قبل مئات الأعوام، ونلتقي اليوم في ثامن حلقات حكايات القاهرة، حيث يصحبنا شريف فوزي المنسق العام لشارع المعز لدين الله الفاطمي، في جولة بين شوارع وحواري العاصمة العريقة.
قال فوزي في تصريحات إلى الفجر، إن شارع المعز لدين الله الفاطمي يضم أحد أهم الميادين التي تعاقبت عليها عدة عصور، وهو ميدان بيت القاضي فقبل إنشائه من قبل الخديو إسماعيل في القرن الـ ١٩ وتطويره إلى الآن ماذا كان له عدة حكايات.
أصل الميدان قصر الزمرد الفاطمي
وتابع فوزي الميدان كان في الأصل جزءً من قصر الزمرد الفاطمي، وقصر الزمرد هو جزء من القصر الشرقي الكبير وكان قصرًا عظيم البناء على مساحة 70 فدانًا، وهذا القصر وصفه العديدين وما كان عليه من عمارة وبهاء، وما كان فيه من قصور صغيرة وبساتين، منها قصر الزمرد.
الميدان في العصر المملوكي
أشار فوزي إلى أنه بعد أن أنهى الأيوبيين الحكم الفاطمي في مصر وأسسوا دولتهم، كان جل اهتمامهم بالتحصينات العسكرية، ولما جاء العصر المملوكي آل قصر الزمرد إلى سيدة اسمها "تتر الحجازية" وهي ابنة السلطان المملوكي البحري الشهير الناصر محمد بن قلاوون.
وقامت تتر ببناء مدرستها وقصرها في هذا المكان، ثم جاء جمال الدين يوسف الاستادار، أيام السلطان برقوق مؤسس دولة المماليك الجراكسة، واستولى عليه، وتحول القصر إلى سجن، ثم جاء الأمير ماماي السيفي أحد أمراء السلطان المملوكي قايتباي -وكلمة ماماي تركية تعني "ثور الحصاد الرئيسي"- وبنى قصره في هذا المكان.
أثناء الغزو العثماني لمصر
أضاف فوزي، جاء الغزو العثماني لمصر، واتخذ العثمانلية من مقعد قصر الأمير ماماي مقرًا للقاضي ومحكمه شرعية والتي كانت تعد من أهم وأكبر المحاكم الشرعية بالدولة.
عصر محمد علي باشا الكبير
وتابع، بعد أن قام المصريون بالثورات المتتالية على العثمانيين والتي انتهت بخلع آخر بشواتهم، خورشيد باشا، اجتمع المصريون على تولية القائد الألباني محمد علي حكم البلاد، وفي مقعد ماماي أو بيت القاضي كان حدثا جللًا وهو مبايعه محمد علي باشا ١٨٠٥ م، حاكمًا لمصر.
عصر الخديو إسماعيل
وقال فوزي، طالما حلم الخديو إسماعيل ببناء قاهرة على الطراز الأوربي ونجح في ذلك، وقام باستغلال فناء قصر ماماي وحوله إلى ميدان لربطه مع شارع المعز نظرًا لافتتاحه مجلس الأحكام أي محكمة الاستئناف في الميدان، والتي بنيت كما ذكر علي باشا مبارك من أحجار قصر الزمرد الفاطمي.
ومجلس الأحكام هذا سوف ينتقل عام ١٨٨٤ م، إلى محكمة باب الخلق، حيث محكمة الاستئناف الجديدة، ثم انتقل قسم الجمالية إلى الميدان واستمر بها حتى قامت وزارة الآثار بنقل القسم إلى مقره الجديد، وفي الميدان أيضًا نقطه مطافئ الجمالية.
الميدان بعد أسرة محمد علي
وأشار فوزي إلى أنه بعد أسرة محمد علي، تم تشغيل خطوط أتوبيس هيئة النقل العام وصار الميدان موقف لها، وفي أحد الأفلام القديمة إنتاج ما قبل عام ١٩٥٦م، يظهر أتوبيس نقل عام عليه لوحة "بيت القاضي"، وألغيت هذه الخطوط في عام ١٩٥٦م، وكذلك من الأشياء الطريفة كان وجود حوض للدواب وسط الميدان ولكن في عام ١٩٥٠ ألغيت أحواض الدواب بالقاهرة.