"تصرف رجولي" من ابن الشهيد المنسي في جنازة والده
"في مصر شهيد بيسلم شهيد وشهيد بينده على شهيد وشهيد مستني دوره علشان يبقى شهيد وكل شهيد ملفوف في علم مصر وكل شهيد فرحان أنه هيبقى شهيد".. تلك عقيدة أبطال القوات المسلحة التي حفروها على صدورهم منذ أيامهم الأولى بالكلية الحربية وانتقلت لأبنائهم من بعدهم ليحملوا راية التضحية بعد أبائهم الذين اختارهم الله شهداءً أبرارً لشاء القدر أن يخرج من صلب كل شهيد بطل يحمل نفس الإصرار في الزود عن الوطن ضد كل معتد.
وكان للشهيد العقيد أحمد منسي بطل معركة كمين البرث ثلاثة أبناء، ابنته الصغرى "عليا " في مرحلة رياض الأطفال الحضانة، و"علي" لم يكمل عامه الثاني، وأخيرًا حمزة الأبن الأكبر 9 سنوات في الصف الثالث الابتدائية في مدرسة بمنطقة العاشر من رمضان محل اقامتهم، والذي تصدر المشهد في جنازة والده بزيه العسكري المموه، وكان حمزة الأقرب والأشد تعلقًا إلي والدة كونه الأبن الأكبر بين اخوته، وكان حلم الضابط دائمًا ما يراود الصبي.
وأصرت زوجه العقيد أحمد المنسي أن يقود ابنه الأكبر "حمزة " الجنازة العسكرية، وألبسته زي القوات المسلحة التي طلبها العيد الماضي وأصر أن يكون مشابهًا لزي الصاعقة المموه كوالده، بعد أن تُيم بالبطولات التي كان يحكيها لها والده في كل اجازة كان يقضيها مع اسرته وكيف يحارب الارهابين في سيناء، حتي أصر حمزة علي شراء ملابس تشبه ملابس والده اقتداءً ببطولاته الباسلة ليتباهي بها أمام أصدقائه، وكانت المسدسات والبنادق هي أكثر الألعاب التي يحبها حمزة، حتي إذا ما كانت هناك عروض مدرسية كانت الشخصية المفضلة لأبن الشهيد هو أن يمثل ضابط الجيش وأن يظهر في كل الأدوار ضابط كوالدة بزي القوات الخاصة.
واستقبل حمزة جثمان والده قبل الجنازة العسكرية وهو في نعشه بالدموع، فاحاطه ضباط الكتيبة فما كان منه إلا أن يقول "مش هعيط في الجنازة" وطلب أن يظل بالقرب من نعش والده طوال الوقت إلى أن يدفن، وكان يتعرف على زملاء والده ممن كانوا يزوره في المنزل وما أن يحدث اللقاء حتى يبكي الاثنان ويحتضنان بعضهما، وظل ثابتًا طوال فترة الجنازة على سيارة المراسم يقود الجنازة دون أن يذرف دمعة واحدة، ورفع علامات النصر طوال فترة الجنازة مؤديًا التحية العسكرية لكافة الحاضرين الذين أتوا من كافة محافظات الجمهورية لتوديع الشهيد البطل إلي مثواه الأخير.
وقال والد زوجة الشهيد "أحمد المنسي"، "محمد سليم "، أن الشهيد كان متعلق بأبنائه كونه كان يقضي أسابيع بعيد عن المنزل مقابل أيام قليلة يقضيها مع عائلته، وكان ابنه الأكبر حمزة شغوف بسماع بطولات والده، وكان دائم التفاخر في العائلة بوظيفة والدة حتي في المدرسة كان دائم الفخر عندما يسأله المدرس " باباك شغال اية كان بيرجع يقول لوالدته قلته بابا ظابط جيش في سينا ".
وتابع "محمد سليم"، طوال الجنازة كان حمزة صامدًا حتي عند سماع خبر وفاه والدة كان مدرك أن والده استشهد، ولم يبك حينها إلا عندما رأي جثمان والده في النعش، وكان يطمئن علي أخوته الصغار وقت الجنازة من وقت للأخر ويذهب هنا وهناك حتي أصابه الأجهاد فحملته علي كتفي حينها.
وتابع شقيق زوجة الشهيد البطل أحمد المنسي، أن حمزة كان دائم التعلق بالجيش وكانت بدلته العسكرية ملابسه المفضلة في المناسبات منذ العيد الماضي، وكان يصر علي أن تكون مقاربة ومشابه لزي والده حتي في أدق التفاصيل الصغيرة، مشيرًا أنه طلب اقنائها منذ وقت بعيد إلا أن والده لبي له طلبه في العيد الماضي وفاجأه بها.