كورونا.. التكافل المنقوص
خيرًا فعلت الحكومة بإعلانها حظرا مؤقتًا لحركة المواطنين في إطار خطتها لمواجهة فيروس كورونا المستجد، رًغم أني كنت أتمناه من بداية اكتشاف الإصابات، فلا شك بأن تعامل فئة كبيرة من المجتمع باستهتار أو لا مبالاة -إن جاز لي التعبير- مع الأزمة، كان لا بد له من موقف صارم وحازم، فأن تأتي متأخرًا خير من أن لا تأتي.
ومع أن تطبيق قرار الحظر قرارًا صائبًا مئة بالمئة، وجاء بعد دعوات متكررة للمواطنين، بالتزام منازلهم، وتأجيل الدراسة بالمدارس والجامعات، 14 يومًا، وتخفيض نسبة العمالة في القطاع الحكومي، إلا أني كنت أتمنى وضع خطة مسبقة له، حتى يؤتي ثماره المرجوة، ويحجم ذلك الوباء العالمي، تعمل على توفير البيئة المناسبة للمواطنين لالتزامهم بيوتهم، وتقليل نسبة الحركة في الشارع.
فكل يوم نطلع على صور وفيديوهات لتزاحم المواطنين، بمرفق مترو الأنفاق والمواصلات العامة والخاصة حتى مركبات الـ"توك توك"، وهم هنا لهم كل العُذر، فمعظمهم يعمل في القطاع الخاص، وما أدراك ما "ديكتاتورية" القطاع الخاص صاحب نظرية "اللي مش عاجبه يمشي".
لذا أتمنى من الحكومة التنسيق الكامل مع هذا القطاع المهم، لعبور تلك الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، بما لا يضر بالعمال ويحفظ حقوقهم، حتى وإن كلفها الأمر المساهمة بنسبة في دفع رواتب الموظفين في ذلك القطاع، الذي وبلا شك تأثر كثيرا بتلك الأزمة، وهذا ما حدث في دول عربية مثل مملكة البحرين التي أقر العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة فيها بتشريع قانون لدفع رواتب موظفي القطاع الخاص خلال أشهر أبريل ومايو ويونيو.
صحيح أن بعض الشركات لها ما يدفعها إلى وقف العمل أو فصل بعض عمالها، ولكن دور الدولة هنا مهم للغاية، عن طريق تقديم المساعدات لها بإعفائها من دفع الضرائب في تلك الفترة، أو الرسوم المفروضة عليها، ما يدفعها إلى الاستمرار في دفع رواتب موظفيها، طيلة تلك المدة المؤقتة لمواجهة الفيروس.
كما أتمنى من الحكومة إعفاء المواطنين -في ظل هذه الظروف الصعبة- من دفع فواتير الكهرباء والمياه، كنوع من التضامن معهم خصوصا وأن منهم من توقف عملها أو فصل من وظيفته، نظرًا لأن التزامهم المنازل وأسرهم، سينعكس بشكل كبير على قيمة ارتفاع فاتورتي المياه والكهرباء.
أعلم أن الأمر ليس صعب التطبيق في دولة بحجم مصر، وبإمكانياتها الكبيرة، وطبيعة شعبها الكريم الذي لا يتوانى عن مساعدة بعضه البعض في مواجهة الأزمات.
كما أن القرار ليس صعب التطبيق على الدولة فقد خصص الرئيس عبد الفتاح السيسي، 100 مليار جنيه لمواجهة فيروس كورونا، ومنذ أيام وجه رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، بتوفير مليار جنيه لوزارة الصحة، لمواجهة الفيروس.
في النهاية ينبغي توجيه الشكر للبنك المركز على قراره التاريخي بإلزام البنوك، بتأجيل أقساط القروض وكروت الائتمان لمدة 6 أشهر، وإلغاء الرسوم والعمولات المطبقة على رسوم نقاط البيع والسحب من الصرافات الآلية والمحافظ الإلكترونية لمدة 6 أشهر، وإتاحة الحدود الائتمانية اللازمة لتمويل رأس المال العامل وبالأخص صرف رواتب العاملين بالشركات، في إطار مواجهة الدولة لفيروس كورونا.
إن المركب واحد والمصير واحد، وما يؤثر على البعض في ظل هذه الأزمة سيؤثر على الكل، وقرارات الحكومات في مواجهة فيروس كورونا، ستُكتب بأحرف من نور في كُتب التاريخ، وسيظل شعوبها يتذكرونها جيلا بعد جيل.