مجلس الدولة يُلزم "العدل" بتوفير مترجمي إشارة لذوي الإعاقة

حوادث

ارشيفية
ارشيفية

ألزمت المحكمة الإدارية العليا، وزير العدل والشهر العقاري السماح لذوي الإعاقة وذوي الإعاقتين (الأصم الأبكم، أو الأعمى الأصم، أو الأعمى الأبكم)، الاستعانة بمترجمي إشارة معتمدين من الجمعيات والمؤسسات الأهلية المتخصصة، لتوصيل ما يعبر به أي منهم عن إرادته بدلاً من فرض المساعد القضائي عليه رغماً عنه ، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها الاعتراف بحقهم في استعمال لغة الإشارة أو طريقة برايل أو الكتابة كوسيلة رسمية من وسائل التعبير عن إرادتهم.

صدر الحكم برئاسة المستشار عبد الرحمن سعد وعضوية المستشارين أحمد شمس الدين ، حسن هند ، خالد جابر، هشام السيد، د.هشام السيد، نواب رئيس مجلس الدولة.

وأكدت المحكمة أن القانون المدني كفل لكل شخص بلغ سن الرشد ويتمتع بقواه العقلية ولم يصدر حكم بالحجر عليه فانه يكون له أهلية كاملة لمباشرة كافة حقوقه المدنية ، وإذا كان هذا الشخص أصم أبكم أو أعمى أصم أو أعمى أبكم ، ولم يستطع التعبير عن إرادته جاز للمحكمة أن تعين له مساعداً قضائياً يعاونه في تصرفاته، والتعبير عن الإرادة يكون بالفظ وبالكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفاً ، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه ، وبالتالي فأن تعبير ذوى الإعاقة عن إرادتهم يكون بالكتابة لمن يجيدها، أو بالإشارة المتعارف عليها .

وأشار إلى أن اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي انضمت إليها مصر عام 2008، حظرت التمييز بين الأشخاص على أساس الإعاقة، فلا يجوز حرمان ذوي الإعاقة من التمتع بكافة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو الثقافية أو المدنية ، ويكون لهم ممارسة كافة هذه الحقوق على قدم المساواة مع الأشخاص الآخرين ،وألزمت هذه الاتفاقية الدول التي إنضمت إليها ومنها مصر إتخاذ كافة التدابير التشريعية والإدارية لوضع الحقوق المعترف بها موضع التنفيذ ، واتخاذ كافة التدابير التشريعية لتعديل أو إلغاء كل ما يوجد من قوانين ولوائح وأعراف تشكل تمييز ضد الأشخاص ذوى الإعاقة.

كما ألزمت الاتفاقية الدول الإطراف بها الإقرار بتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بأهلية قانونية على قدم المساواة مع الأشخاص الآخرين ، وأخيراً أن تقبل الدول الأطراف وتيسر للأشخاص ذوى الإعاقة في معاملاتهم الرسمية باستعمال لغة الإشارة وطريقة برايل، وجميع وسائل وطرق الاتصال الأخرى سهلة المنال التى يختارونها بأنفسهم.

وتبين لدى المحكمة أن عدداً من الأشخاص ذوى الإعاقة السمعية (الصم) تقدموا لعمل توكيلات بمأموريات الشهر العقاري ، ورفض موظفو الشهر العقاري تحرير أي نوع من التوكيلات سواءً لمحامين أو في البيع والشراء وخلافة، استناداً إلى أن بهم إعاقتين وأنه يجب تعيين مساعد قضائي لهم ، وقد تقدمت رئيس المؤسسة المصرية لحقوق الصم بطلب إلى وزير العدل للاستعانة بمترجمين إشارة لمساعدة ذوى الإعاقة في التعبير عن رأيهم وإرادتهم، إلا أن الجهة الإدارية حفظت هذا الطلب.

ورأت المحكمة أن تعبير ذوي الإعاقة عن إرادتهم يكون إما بالكتابة لمن يجيدها، أو بالإشارة المتعارف عليها دولياً، ولما كانت الاتفاقية الدولة (اتفاقية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة) والمنضمة إليها مصر ألزمت الدول الأطراف اتخاذ كافة التدابير التشريعية والإدارية التي تُعين ذوي الإعاقة في التعبير عن إرادتهم وممارسة كافة حقوقهم على قدم المساواة مع الآخرين.

وثبت عدم اتخاذ الجهة الإدارية أي إجراء ملموس تُعين به ذوى الإعاقة في التعبير عن إرادتهم وفقاً لأحكام الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بل امتنعت وقعدت عن عمل توكيلات لهم، أو الاستعانة بمترجمين في لغة الإشارة المعترف بها دولياً أو بطريقة برايل ، أو السماح لهم بالتعبير عن إرادتهم بالكتابة لمن يجيدها، ومن ثم فأن قرار الجهة الإدارية السلبي بالامتناع عن السماح لذوي الإعاقة وذوى الإعاقتين من الاستعانة بمترجمي إشارة معتمدين من الجمعيات والمؤسسات الأهلية المتخصصة لتوصيل ما يعبر به أي منهم عن إرادته بدلاً من فرض المساعد القضائي عليه رغماً عنه، وكذا منعه من التعبير عن إرادته بالكتابة لمن يجيدها قد صدر مخالفاً لأحكام القانون.

وأضافت المحكمة أن قرار الامتناع عن السماح لذوي الإعاقة الاستعانة بمترجم عن افتئاته على سلطة القضاء، الذي يجوز له وحده تعيين مساعد قضائى لذوى الإعاقة إذا قدرت المحكمة ذلك وفقاً لظروف كل حالة وبمناسبة نزاع معين معروض على المحكمة.

واعتبرت المحكمة تطبيق هذه الاتفاقية باعتبارها قانون من قوانين الدولة، وبالتالي لا يجب قانونا منع ذوي الإعاقة من المشاركة في إبداء الرأي لاختيار ممثلي السلطة التشريعية، أو مرشحي رئاسة الجمهورية، ولا يجب قانونا الامتناع عن السماح لهم بمترجمي إشارات معتمدين من الجهات المختصة للتعبير عن إرادتهم.

ويترتب على الامتناع عن الاعتراف بحق ذوي الإعاقة في استعمال لغة الإشارة وطريقة برايل كوسيلة رسميه من وسائل التعبير عن إرادتهم سواء بالكتابة لمن يجيدها أو بالإشارة ، ضياع لحقوق ذوي الإعاقة وهو ما يحملهم بخسائر فادحة لا يستضيعون تحملها، فضلا عن حرمانهم من استعمال حقوقهم السياسية والمدنية وممارسة حقهم كمواطنين وهي أمور يتعذر تداركها، ومن ثم يتوافر ركن الاستعجال. 

وأشارت المحكمة أن الواقع العملي أثبت أن ذوي الإعاقة من الصم والبكم في الدولة يعانون من مشكلات مختلفة في حياتهم اليومية في تعاملهم مع المؤسسات والهيئات الحكومية، ويصعب عليهم التعامل مع مختلف الموظفين، خاصة مع ارتفاع نسبة الأمية بين ذوى الإعاقة ، كون أولئك الموظفين لا يعرفون لغة الإشارة وليس لدى ذوى الإعاقة في الوقت نفسه أجهزة خاصة تعينهم على تجاوز هذه المشكلة، الأمر الذي يعرقل أمورا كثيرة في حياتهم الخاصة بل ويعرضهم في أحيان كثيرة للحرج.