منسق شارع المعز يكشف عن مهام الشرطة عبر العصور
من أعظم نعم الله علينا نعمة الأمن فلولاه تحولت الحياة إلى غابة، وقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "من بات آمنًا في سربه معاف في جسده عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها"، فقد بدأ الرسول صلوات الله وسلامه عليه أول ما بدأ بالأمن، ولا وجود لاستقرار أو اقتصاد، إلا به، وهذا ما أدركه المصريون عبر العصور.
وعن الأمن يقول شريف فوزي، منسق عام شارع المعز لدين الله الفاطمي، إن مصر من أوائل الحضارات التى عرفت نظام الشرطة منذ عهودها القديمة، وعبر عصورها المختلفة من بطلمية ورومانية وبيزنطية حتى العصر الإسلامي والحديث، كلمة شرطة مشتقة من الشرط أى العلامة، ودائمًا ما كان يتم تمييز رجال الشرطة بعلامات في ملابسهم، وأحيانا أعلامًا في مجالسهم، وفي العصر الإسلامي كان هناك مسميات أخرى لكلمة شرطة، مثل "العسس" و"الشحنة" و"الولاية" و"الطواف" و"المعونة" و"الجلواز" من الجلوزة أي القوة، وهناك اسم لرجال الشرطة أيضًا وهو "ولاية الحرب".
وأضاف فوزي في تصريحات خاصة إلى الفجر، أن وظيفة الشرطي عُرفت منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أوصى به أبا عبدالله حذيفة بن اليمان، ويقال إن العسس عُرف منذ عهد أيضًا، ومن بعده في كلا من: أبا بكر وعمر رضى الله عنهما، وأول من تولى الشرطة في مصر بعد الفتح في عهد عمرو بن العاص هو خارجة بن حذافة، وكانت الشرطة تتبع القضاء فهي منفذة للأحكام دومًا.
الشرطة في العصر الفاطمي
وأضاف "فوزي"، أنه إذ ما انتقلنا إلى الشرطة في العصر الفاطمي نجد أنه قبل نهاية القرن الخامس الهجري كان هناك صاحب الشرطة السفلي ومقره الفسطاط، وصاحب الشرطة العليا ومقره في القاهرة، وفي البداية كان شخص واحد يتولى المنصبين مثل بدر الدولة نافذ الخادم الأسود، ثم في نهاية القرن الخامس الهجري تغير المسمى إلى والي القاهرة ووالي الفسطاط وأصبح يساعدهم شخص في مهام الشرطة يسمى "متولي المعونة".
الشرطة في العصرين الأيوبي والمملوكي
وتابع منسق عام شارع المعز لدين الله الفاطمي إن الشرطة في العصر الأيوبى عرفت باسم "الشحنة" وكان صلاح الدين يتولى شحنة دمشق بنفسه، أما في العصر المملوكي فكانت من اختصاص أهل السيف، والتي غالبًا ما تولاها المماليك الترك، واعتبرت من الوظائف الدينية كالقضاء والحسبة وتنظيم العقوبات الشرعية، وكان صاحبها يُطلق عليه الوالي أو الولاية وصاحبها كان دائما ذا شأن ويقدم له زي مميز ويكون له موكب يشق به الشوارع.
ولفت إلى أنه تداخلت وظيفته صاحب الشرطة مع وظيفة والي القاهرة الذي كان يقدم تقرير صباحي للسلطان عن حالة الأمن، وكان صاحب الشرطة أو متولي الحرب كما كان يُطلق عليه أحيانا يطارد المجرمين ويتصدى لهم، وكان والي القاهرة منصب سياسي أما متولي الحرب فهو تنفيذي وهو يوازي منصب "وزير الداخلية أو مدير الأمن حاليًا.
وأشار "فوزي" إلى أن المماليك اتبعوا نظام الفاطميين الشرطي من وجود قيادتين أحدهما الشرطة العليا والأخرى للسفلى الأولى بالقاهرة والثانية بالفسطاط، وأضافوا إليها شرطة القرافة في فترات معينة، وكان يعاون والي الشرطة مساعدين كالخفراء والعسس والسجانون والمشاعلية أي حملة المشاعل المسئولين عن قطع الرقاب.
ولفت إلى أن الفقهاء مثل الماوردي حددوا مهام ووظائف متولي الشرطة، فكانت من وظائفهم أن يستعلم من نوابه كل صباح عما يحدث في أنحاء ولايته وتتبع المجرمين والقضاء على الفتن وتتبع مزيفي النقود والتصدى للحرائق وتوفير السقايين للتصدى للحرائق، وتطبيق العقوبات ومراقبة أبواب القاهرة والأقاليم وحفظ الأمن والقبض على الجواسيس والأعداء، كما كانت الشرطة أحيانًا تشارك في الحروب، وكذلك في المحافظة على الآداب العامة والسلوكيات وغيرها من الجرائم.