القصة الكاملة لأزمة نقل كباش الأقصر إلى التحرير.. محسن صالح: حماية الأثار بالميدان ليست مستحيلة
فى إطار خطة الدولة لإعادة تخطيط ميدان التحرير، بعد نقل الوزارات للعاصمة الإدارية الجديدة، سيتم وضع مسلة فى وسط الميدان، كما سيتم نقل أربعة من تماثيل الكباش التى توجد خلف الصرح الأول يمين الداخل لمعابد الكرنك وقد ثار جدل واسع حول هذا النقل ومدى فائدته، فما هي الكباش؟ ومن أين سيتم النقل؟ وما هي أبرز الآراء حوله؟
طريق الكباش
قال الدكتور أحمد بدران أستاذ الآثار المصرية بجامعة القاهرة، إن طريق الكباش هو الطــريق الذي يربط بين معبد الأقصر ومعبد الكرنك، تحف به تماثيل لأبى الهـول نجدها في معابد الكرنك مثلت على شكل أبى الهول برأس كبش، وغرضه حماية المعبد وإبراز محوره وأطلق المصري القديم على هذا الطـــريق اسم "وات نثر بمعنى طريق الإله، وطوله 2،700 كم بعدد 1200 تمثال.
من أين سيتم نقل الكباش؟
وكانت وزارة السياحة والآثار قد أوضحت في بيان سابق لها أن الطريق المذكور سابقًا لن يتم المساس به، والتماثيل التي سيتم نقلها هي من خارج طريق الكباش تمامًا، فقد كانت معابد الكرنك مدخلها قبل الموجود حاليًا وكان الطريق ممتدًا كما هو المعتاد وفي عهد الملك نختنابو الثاني تم هدم جزء من طريق الكباش لتوسعة المعبد، والكباش من هذا الجزء، تم وضعها من قبل المصري القديم على يمين الداخل إلى المعبد، وظلت في مكانها إلى الآن، فهي ليست ثابتة، أو جزء من طريق الكباش.
مجلس النواب يعترض
وقد تقدم النائب أحمد إدريس عضو لجنة السياحة والآثار في البرلمان عن محافظة الأقصر، ببيان عاجل إلى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، والدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، بشأن نقل أربعة تماثيل كباش من الأقصر، وجاء ضمن حيثياته، أن هذا الأمر يخالف الأعراف الدولية المنظمة للحفاظ على الآثار والمباني التاريخية، وأن نقل التماثيل للميدان، قد يعرضها لعوامل التعرية والتي تصاحب التغيرات الجوية والمناخية، وهو ما يؤثر بالسلب على قيمتها التاريخية والأثرية، حيث أنها منحوته من الحجر الرملي التي تؤثر فيه الرياح والعوامل الجوية وسهل التفتت ووجودهم فى الأقصر حيث المناخ جاف حار قليل الرياح نادر المطر غير ملوث عكس القاهرة.
رأي المرممين
قال الدكتور محسن صالح أستاذ علم الترميم بجامعة القاهرة، إن حماية الأثار وسط الميدان ليست بالمستحيلة كما يظن البعض، فالعوامل الجوية والأتربة والعوادم، يتم حماية الأثر منها بسهولة، وذلك من خلال معالجات لسطح الأثر، وأشار إلى أن وجود التماثيل في ميدان التحرير سيجعلها دائمًا تحت العناية الدائمة، والصيانات لها –كما هو متوقع- ستكون دورية.
ومن ناحيتها قالت نشوى أبو زيد أخصائية ترميم بوزارة الآثار ورئيسة مشروعات ترميم القاهرة التاريخية، إن أحد أسهل الخطوات هي حماية التمثال في ميدان عام، وذلك يتم بأحد أمرين الأول الصيانة الدورية والتي يجب أن تتراوح ما بين 15 يوم وشهر، ثانيًا حماية السطح بمواد عزل كيميائية متطايرة والتي تضمن تمامًا حمايته من العوامل الجوية والأتربة والعوادم، وأكدت أبو اليزيد أن الاعتراض الأساسي لنقل هذه التماثيل هو انتزاعها من سياقها التاريخي.
رأي الأثريين
ومن ناحيتها قالت الدكتورة زينب حشيش مدرس الآثار المصرية جامعة بني سويف، إن نقل الكباش من خلف الصرح الأول في معابد الكرنك سيخرجها من سياقها التاريخي، حيث أن من وضع الكباش في هذا الموضع هو المصري القديم، حيث أزال الطريق القديم ووضع الكباش في هذه الوضعية، ومثلها هنا مثل المنحدر الترابي الموجود خلف الصرح الأول منذ أيام المصري القديم بجانبها والذي نأبى أن نزيله لأنه جزء من المكون التاريخي للمعبد.
وأوضح الخبير الأثري سامح الزهار، أن نقل التماثيل إلى ميدان التحرير سيشكل عليها خطورة كبيرة، حيث ستكون عرضة لاعتداءات الزوار والتعرض لها بشكل مباشر، فهي تلقى حماية داخل معابد الكرنك، أما وهي في الميدان فقد تتعرض لما تعرضت له تماثيل أسود قصر النيل في فترات ما، فيما تخوف عماد عثمان كبير أثريين من نفس النقطة، فيما لم يبد اعتراضًا على نقل التماثيل كونها من الآثار المنقولة.
نقل التماثيل غير مخالف للمواثيق الدولية
وفي سياق آخر قال الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء، إن نقل تماثيل الكباش الأربعة من مجموع 60 تمثالًا من الأقصر للتحرير غير مخالف للمواثيق الدولية فالبند السابع من ميثاق البندقية يقول: "الأثر ملازم للتاريخ، هو شاهد عليه وكذلك النسيج العمراني الذي هو جزء منه وغير مسموح بتحريك الأثر أو جزء منه إلا إذا اقتضت وقاية الأثر ذلك.
وتابع: يتم البت هذا في حالة وجود مصلحة عالمية أو محلية"، مضيفا أن التماثيل خلف الصرح الأول كانت تمثل طريقًا وقام المصري القديم بإزاحتها جانبًا لتوسعة المعبد، فتحولت من أثر ثابت إلى أثر منقول، والأثر المنقول مكانه الطبيعي إما في المتاحف أو لإعادة الاستخدام، خاصة وأنها أشبه الآن بالآثار المخزنة غير معروضة، والصالح العام يقتضي نقلها لحمايتها، ولإعادة استخدامها مع توافر شروط وقاية الأثر، وبموافقة الخبراء في الوزارة، وبما يسهم فى تجميل أحد أشهر ميادين مصر.
رد مجلس النواب
قال النائب عمرو صدقي، رئيس لجنة السياحة والطيران في مجلس النواب، إن قرار الدكتور مصطفى مدبولي بنقل 4 تماثيل كباش للتحرير يأتي ضمن خطة الحكومة لتطوير الميدان وتنفيذًا لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي بتطوير القاهرة التاريخية مع إخلاء المحافظة من الوزارات والمقار الإدارية الحكومية خلال العام المقبل، وهو ما سيسهم في في إعادة تنشيط السياحة.
وأضاف: ما يروج له البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الوسائل الإعلام أن تماثيل الكباش في التحرير سيعرضها لعوامل التعرية والتي تصاحب التغيرات الجوية والمناخية وهو ما يؤثر بالسلب على قيمتها التاريخية والأثرية لا أساس له من الصحة، وأكد أن الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، يبذل قصارى جهده من أجل الترويج للآثار المصرية لتنشيط قطاع السياحة.
الرد الرسمي
وكانت وزارة السياحة والآثار من خلال عدة بيانات لها، ومن خلال عدد من المداخلات التليفزيونية لوزير السياحة والآثار، أو للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار قد أوضحت أن نقل التماثيل هو في إطار خطة الدولة لعلم تجميل وتطوير كامل شامل لميدان التحرير، فالأمر لن يقتصر على وضع التماثيل وفقط.
أولًا تم تدعيم أرضية الميدان وتفادي الأنفاق بقاعدة خرسانية تتحمل 600 طن، وهو ما أكدته أيضًا صفحة محافظة القاهرة، حيث تم تأهيل التربة لتحمل أوزان المسلة والتماثيل الأربعة، وهو ما سيقي الأثر الذبذبات المحتملة، والميدان من المخطط تحويله إلى مزار سياحي عالمي.
كما سيتم ترميم كل واجهات العمارات المحيطة به، وتوحيد واجهات المحلات ومنع أي لافتات دعائية إعلانية، كما أن الوزارات ومقر الحكومة كاملًا سينقل من الميدان، والتماثيل ستوضع فوق قواعد عالية للغاية، وستكون في مواجهة الجهات الأصلية الأربع، والجدير بالذكر أن اللجنة الدائمة لحفظ لآثار المصرية وافقت على نقل التماثيل.