د. رشا سمير تكتب: ابتهجوا.. تصحوا
(إننا إنما نعيش لنهتدى إلى الجمال، وكل ما عدا ذلك.. هو لون من ألوان الانتظار).
تلك كلمات جبران خليل جبران فى رسائله العديدة والتى باتت هى كلماته إلى كل قرائه ومريديه من بعد رحيله.
كلمات تحمل بين طياتها رسالة تفاؤل وألف حُلم، رسالة تصطحب البشر فى رحلة للبحث عن الجمال، سواء كان هذا الجمال نابعا من داخلنا أو من الخارج.
تلك الرسالة باتت هى بوصلتى التى أهتدى بها إلى نفسى فى نهاية كل عام، وهى الرسالة التى أدعوكم إلى حفظها جيدا فى أعتاب عام يأتى وآخر يرحل.
الحقيقة أننا نتخلص من العام القديم دائما وفى قلوبنا بصيص من الأمل بأن يأتى عام بعده بالفرح..وكأن العام الذى على وشك الرحيل هو عدو هزمنا فى ألف معركة!..
فمن منا لم يفقد عزيزا؟ ومن منا لم تهزمه أحزانه؟ ومن منا لم ينكسر ولو مرة؟
فى اعتقادى أن أهم أحداث عام 2019 الإنسانية والتى أصبحت تهدد البشرية برمتها، هى احتراق غابات الأمازون التى فقدناها، والاحتباس الحرارى الذى ألقت عنه الشابة السويدية جريتا ثونبرج خطابًا غاضبًا فى الأمم المتحدة، اتهمت فيه البلدان والحكومات بعدم الوفاء بالتزاماتهم وخداع الجميع فيما يخص مكافحة الاحتباس الحرارى، ومازالت الإنسانية تُعانى!.
ولا يفوتنى أن أشير إشارة عابرة إلى أهم أحداث العام السياسية وهى بالقطع أزمات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع جميع الجهات داخل وخارج أمريكا، حتى كانت نهاية هذه الفصول من المناوشات منذ أيام بالتصويت على عزل الرئيس الأمريكى، وهى فى الحقيقة لحظة تاريخية فارقة لا يملك أى مواطن أمريكى إلا أن يفخر بها، ولا نملك نحن كمراقبين للشأن الأمريكى إلا أن ننحى احتراما لقوة الشعب الذى استطاع أن يحاكم رئيسه بصرف النظر عن مدى صدقية الاتهامات وصحتها، إن الديمقراطية الأمريكية هى أكبر الفائزين فى هذا السجال.
ومازالت الأزمات السياسية تتوالى فى جميع أنحاء العالم، وتحتدم الصراعات فى منطقة الشرق الأوسط بالتحديد، من شيلى إلى لبنان والعراق وليبيا، ومازال رد فعل السلطات تجاه المطالب الشعبية فى كل دول العالم واحد لايتغير، وهو التجاهل الشديد أو العنف الممنهج!.
أرى أن العالم كله سقط ببساطة فى فخ الصراعات والأزمات، ولم نعد نستطيع التكهن من أين ستأتى الشرارة الأولى لاشتعال حرب حقيقية قد تصل إلى مرتبة حروب العالم الأولى والثانية.
ما تحتاجه الدول الآن هو السلام الحقيقى، وما يحتاجه البشر بالتالى هو السلام النفسى الذى يؤدى إلى السلام كعنوان حقيقى لأعوام قادمة.. فويل لأمة، كل قبيلة فيها أمة!.
تغيرت الكثير من المفاهيم والعقائد لدى الكثيرين منا بمرور الوقت، كنا فى الماضى نتصور أن هناك بشرا لا نستطيع أن نحيا دونهم، ومع مرور الوقت نكتشف أن عدم وجودهم فى حياتنا هو المكسب الكبير، لأننا بتخلصنا من الأشخاص الذين يبثون طاقة سلبية فى حياتنا، نتخلص من الأذى والألم النفسى وبالتالى تصبح الحياة أكثر مرونة وأقل صعوبة..وبالتالى فأنا أدعوكم للتخلص من هؤلاء الأشخاص دون دمعة ندم واحدة.
السلام الحقيقى لا نصل إليه إلا بالتخلص من الزيف والصراعات التى تزحم حياتنا..الصفاء الذهنى والنفسى هو الحل الوحيد الذى ربما يأخذنا إلى بر أمان ويأخذ العالم كله إلى بقعة أقل احتداما وعنفا.
إنها دعوة لنبدأ عاما جديدا بمنح أنفسنا فرصة ثانية، فرصة للحياة، فرصة للنجاح، وفرصة لمزيد من السعادة، أنا لست واحدة ممن يؤمنون بالتسامح مع من تعودوا الإساءة لأنهم عادة ما يعتبرون هذا التسامح نوعا من الضعف!.. ولكنى ممن يؤمنون بأن التخلص من معتادى الأذى هى الوسيلة الأكيدة للعيش بأريحية أكبر، وأن الطاقة الإيجابية هى الحل لكل المشكلات السياسية والاجتماعية التى يُعانى منها العالم بأسره، وأن الطاقة الإيجابية تأتى فى شكل أصدقاء وأماكن ونجاحات نئتنس بها لنبتهج.. فهيا نبتهج بالبحث عن السعادة الحقيقية. مع قرب نهاية العام الحالى، أهمس فى أذنكم بالنصيحة التى أؤمن بها، وهى عادة ما تحدث فارقا حقيقيا بين أمس مضى وغد لم يأت بعد..
(حاول أن تتخلص من أى شىء لا يستحق الانتقال معك للعام الجديد).
وكل عام وأنتم سعداء..
